آثار اليمن.. هدف رئيسي لنيران تحالف داعش
- تم النشر بواسطة صحيفة لا / طلال العامري

عاصفة الحقد تطال أعرق الحضارات البشرية
آثار اليمن.. هدف رئيسي لنيران تحالف داعش
لطالما كان التراث الثقافي ركيزة أساسية من ركائز الهوية الثقافية للأمم على مر العصور، فمن خلال تلك الآثار والمعالم التاريخية تكتسب الأمم أهميتها وقيمتها الحضارية.. وفي بلد مثل اليمن، الذي يضم مواقع تاريخية وحضارية يعود تاريخها إلى أكثر من أربعة آلاف سنة، أصبح التراث الثقافي عرضة للخطر والتدمير والنهب، حيث تحولت العديد من المواقع التاريخية إلى هدف رئيسي لمملكة العدوان.
هكذا جعل النظام السعودي من استهداف حضارة اليمن وتدميرها هدفاً وضعه في أولويات اهتماماته ضمن الحرب التي يشنها على اليمن، وذلك في استهداف ممنهج ومحاولة منه لطمس حضارة اليمنيين ومحو تاريخهم..
فقد تخطى مسلسل العنف الذي ينفذه طيران تحالف العدوان السعودي باستهداف الأرواح البشرية إلى تدمير ممنهج للمعالم التاريخية في اليمن، كما حصل مع قلعة حريب الأثرية بمحافظة مأرب، في اعتداء ليس على التاريخ اليمني فحسب، بل على تراث الإنسانية جمعاء.
لم ينتهِ مسلسل الدمار التاريخي عند الخط الأخير, فقد قام طيران التحالف باستهداف قلعة حريب الأثرية بخمس غارات في 4 و7 ديسمبر الماضي، متسبباً بدمار واسع فيها.
التاريخ يعيد نفسه وبالصورة الوحشية الحاقدة ذاتها, حيث أقدمت الطائرات البريطانية مطلع الستينيات على قصف قلعة حريب الأثرية وعدة معالم تاريخية في المدينة بقنابل محرمة تزن 1200كجم.
وتعد حريب إحدى المديريات الأثرية المهمة في محافظة مأرب، وتمتلك المديرية مخزوناً حضارياً عريقاً يعود للحقب التاريخية القتبانية والسبئية.
وتعرضت عدد من المعالم التاريخية والأثرية لقصف طيران التحالف السعودي، أبرزها سد مأرب التاريخي (القديم) الذي استهدف في 7 يونيو وفي30 مايو الماضيين, ملحقاً بجدرانه التاريخية القديمة (المصرفين الشمالي والجنوبي) أضراراً مباشرة أثارت موجة من الانتقادات والتنديد.
كما دمرت طائرات تحالف العدوان مدينة براقش التاريخية (تعود إلى فترة ما قبل القرن الخامس قبل الميلاد) الواقعة بمديرية مجزر والتابعة إدارياً لمحافظة مأرب، في 18 أغسطس الماضي، عقب استهدافها بغارتين في الأول من يوليو الماضي, بالإضافة إلى استهدافه بغارتين لكل من: مدينة صرواح التاريخية في 24 أبريل الماضي, ومدينة مأرب التاريخية (الحصون) في13 يونيو الماضي.
وضمت قائمة المدن التاريخية المستهدفة من قبل عاصفة الحقد التاريخي، كلاً من: مدينة صعدة القديمة التي دمرت بشكل كبير في 10 أبريل, ومدينة زبيد التاريخية في 12 مايو بشكل جزئي, ومدينة ثلا التاريخية بمحافظة عمران في 29مايو, ومدينة كوكبان التاريخية في مديرية شبام- محافظة المحويت.
واستهدف طيران العدوان في 12يونيو الماضي حي القاسمي في مدينة صنعاء القديمة، وخلف في منازلها الأثرية دماراً واسعاً, كما شن في 18 سبتمبر الماضي سلسلة غارات على حي الفليحي بمدينة صنعاء القديمة والمكتظ بالسكان، أدى إلى استشهاد 25 مواطناً وإصابة أكثر من 70. كما أدت الغارات الى تدمير نحو 58 منزلاً ما بين أضرار كلية ومتوسطة وبسيطة.
وتعد صنعاء القديمة إحدى المدن التاريخية والأثرية المدرجة ضمن التراث العالمي لمنظمة اليونسكو، ويسكنها أكثر من 120 ألف مواطن.
وتعمدت المملكة العربية السعودية منذ بدء العدوان على اليمن في 26 مارس الماضي، مواصلة استهداف المعالم التاريخية اليمنية، ضاربة عرض الحائط ومتحدية النداء العالمي الذي أطلقته منظمة اليونسكو، مستهدفة المواقع الأثرية والتاريخية أبرزها: ضرب قلعة القاهرة التاريخية بمدينة تعز في 11مايو، وتدميرها بشكل هائل (يعود بناؤها إلى شمس الدولة توران شاه شقيق (صلاح الدين الأيوبي) الذي اتخذها في القرن الرابع الهجري عاصمة لملكه عام 1173م)، وقلعة صيرة بعدن (بنيت في القرن الحادي عشر الميلادي)، في 22يونيو, وقلعة جبل الشريف بمديرية باجل/ الحديدة، في 24مايو, وقلعة قشلة نقم بصنعاء, وقلعة وحصن المنصورة بمحافظة حجة, وقلعة وحصن المخير بمديرية الطويلة/ المحويت، والتي شيدت قبل 1500عام, وقلعة وحصن القشلة في مديرية ساقين/ صعدة, وقلعة وحصن قفل حرض، وحصن الشرف وحصن النعمان في حجة, وحصني الترب والميزر في محافظة شبوة، وحصن براقش التاريخي في مأرب، وحصن عفاش التاريخي بمديرية سنحان/ محافظة صنعاء.
بالإضافة إلى استهداف العدوان للعشرات من المعالم التاريخية كـ: قصر السلاح (غمدان) ودار الحجر الشهير في همدان بصنعاء، ودار الحسن بمديرية دمت/ الضالع، وجرف أسعد الكامل الأثري الشهير بإب، والصهاريج التاريخية بعدن، وقرية فج عطان الأثرية/ أمانة العاصمة, وخرائب تاريخية (أطلال) أبرزها: خرائب قلعة الإدريسي والجوبة والخور والعلالي وجبل جحفان بمحافظة حجة, وجوامع: الإمام الهادي (أنشئ في 290هجرية) بمدينة صعدة, جامع ومدرسة زبيد (أول جامعة إسلامية في العالم)، مسجد عويدين الأثري بعمران ومسجد حمراء علب بسنحان (يعود بناؤه إلى القرن الثاني الهجري، ويحتضن ضريح الإمام عبدالرزاق بن همام الصنعاني الذي دفن فيه في العام 211 هجرية), وجامع وقبة المهدي/ أمانة العاصمة, ومسجد جوهرة التاريخي في مدينة عدن, وكذا مجمع العرضي بالعاصمة، والمجمع الحكومي التاريخي بحجة, والمتحف الوطني ومتحف الموروث الشعبي/ أمانة العاصمة، ومتحف ذمار الإقليمي الذي دمر بشكل كامل (يضم12 ألف قطعة أثرية من عدة حقب زمنية ويضم أقدم محراب إسلامي)، ومتحف عدن (قصر العبدلي)، ومتحف عتق/ شبوة, ومتحف صالة بتعز الذي دمر بشكل كلي جراء استهدافه بعدة غارات.
استهداف الطائرات السعودية للمعالم الحضارية التاريخية وللمقامات الدينية في اليمن، أعاد للأذهان مشهد تدمير تنظيم (داعش) للمساجد التاريخية والأضرحة والمتاحف والكنائس والمقامات الدينية عند دخول أية مدينة سواء في العراق أو سوريا، وهو ما يدل على الإفلاس الفكري التكفيري الذي يرفض كل من هو مختلف عنه.
ولم تسلم المواقع الأثرية في اليمن، ذات الحضارة الضاربة في التاريخ، من حمم العدوان السعودي ومن التدمير الممنهج الذي ينفذه تنظيم (القاعدة) أيضاً في الكثير من المحافظات، ليزداد معها الخوف على التراث الثقافي والإنساني في اليمن من بطش الفكر الوهابي.
فعلى الأرض, ارتفعت وتيرة تدمير التاريخ اليمني عبر أدوات القاعدة وداعش المرتبطة بالسعودية, في محاولة لطمس تاريخ اليمن.
وتبنى تنظيم (القاعدة) خلال فترة العدوان الخارجي على اليمن, سلسلة تفجيرات استهدفت أضرحة تاريخية لعلماء وفلاسفة وفقهاء دين ودور عبادة في كل من تعز وعدن ولحج وحضرموت والعاصمة صنعاء, كما قام أعضاؤه الذين يطلقون على أنفسهم اسم المقاومة, بنهب العديد من القطع الأثرية من متاحف مدينتي تعز والمكلا, وإحراق الكنائس في عدن.
(إكسبونتي) : لم نسمع من الدول الغربية أي ردود تجاه تدمير العدوان السعودي لكنوز اليمن التاريخية
استنكرت مجلة (إكسبونتي) الفرنسية بشدة التدمير الذي ألحقه طيران التحالف العسكري السعودي بالمواقع الأثرية في اليمن، معربة عن أسفها لعدم وجود أي ردود فعل من الدول الغربية تجاه تدمير هذه الكنوز التاريخية التي لا تقدر بثمن.
وقالت المجلة الفرنسية في مقال لـ (أغاثا لوتريمون): منذ شهر مارس 2015م والسعودية تنفذ هجماتها الجوية في اليمن، مستهدفة مختلف مناطق هذه الدولة الواقعة في جنوب شبه الجزيرة العربية.
وأضافت الكاتبة: (لكن في الآونة الأخيرة، ظهرت الحقيقة أن الغارات الجوية التي تنفذها السعودية كانت على المواقع الأثرية في اليمن، والتي تم تدميرها بالفعل من قبلهم)، وأن هناك 23 موقعاً تراثياً تضرر بشدة جراء القنابل التي أسقطتها المملكة السعودية (على اليمن).
واستطردت: (ونحن بذلك نعبر عن بالغ أسفنا لوقوع الضرر في المواقع الأثرية في العاصمة اليمنية صنعاء أو في أي مدينة من مدن اليمن، كما نستنكر بأشد العبارات ما جرى في عدن ومأرب وشبوة، وتدمير عدد كبير من المواقع الأثرية في اليمن).
واستنكرت الكاتبة في مقالها الذي نشر بعنوان (السعودية تدمر المواقع الأثرية في اليمن)، الحجج الواهية التي يتذرع بها تحالف العدوان لمواصلة هجماته الجوية، والتي كانت المواقع القديمة في اليمن من متاحف وقلاع أثرية ومساجد وقصور وعدد من المواقع الأثرية، إحدى ضحاياها.
وأشارت إلى ما تحدثت عنه وسائل الإعلام المحلية في اليمن، وعلى مدى عدة أسابيع، حول موجة الدمار التي ترتكبها الرياض في اليمن, حيث قالت: (ومع ذلك لم نسمع من الدول الغربية أي ردود تجاه ما يجري في اليمن وما لحق بالآثار, غير أن إيرينا بوكوفانا المديرة العامة لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (اليونسكو)، أعلنت في شهر يونيو الماضي، في بيان صادر عن مكتبها، إدانتها تدمير المباني التاريخية في مدينة صنعاء القديمة، وهي المدينة المدرجة في قائمة التراث العالمي).
ولفتت الكاتبة في مجلة (إكسبونتي) الفرنسية الى عدم وجود رغبة من اليونسكو والمجتمع الدولي لإعادة بناء ما خلفه العدوان السعودي من دمار بالمواقع والمنازل التاريخية في اليمن.
وقالت: (لسوء الحظ، هناك مواقف يائسة في ما يخص إعادة بناء المنازل التاريخية في حي القاسمي أو المدينة القديمة أو حتى سد مأرب التاريخي الذي لا يقدر بثمن وبني في القرن الثامن قبل الميلاد).
أمير سعودي يعرض آثار اليمن في مزاد علني بلندن
كشف مصدر مسؤول في حزب المؤتمر الشعبي عن قيام الأمير السعودي عبد العزيز بن فهد آل سعود بسرقة ثلاث وستين قطعة أثرية يمنية وتهريبها.
وأشار المسؤول المؤتمري في تصريح أدلى به نهاية أكتوبر الماضي لوكالة (خبر)، إلى أن معلومات استخبارية تؤكد أنّ الأمير السعودي عرض قطعا أثرية من آثار مأرب تقدّر قيمتها بمئات ملايين الدولارات، للبيع في مزاد علني في بريطانيا.
واتهم المصدر الرئيس المستقيل عبد ربه منصور هادي بالمشاركة في السرقة وإيصال الآثار للسعودية، ودعا المجتمع الدولي الى وقف العدوان السعودي على اليمن ووقف عمليات تهريب الآثار.
قبل عامين قالت السعودية إنها ضبطت مجموعة من الآثار اليمنية المهربة في السعودية، وقامت حينها السفارة السعودية في صنعاء بتسليمها إلى وزارة الخارجية اليمنية وسط حملة إعلامية ضخمة، صورت هذه المجموعة وكأنها (كنز لا يقدر بثمن)، وأن من بينها قطعا ذهبية سبئية قديمة، لكن الدهشة كانت كبيرة عندما سلّمت السفارة تلك المجموعة التي كانت عبارة عن بعض الفتافيت البرونزية الصغيرة، والقطع الصغيرة جداً من الأحجار التي لا تساوي شيئاً كقيمة أثرية. وهذه كانت المرة الوحيدة التي أعادت فيها السعودية (بعض القطع الأثرية) المهرّبة.
ومن المعروف أن العديد من متاحف العالم الكبرى مثل (اللوفر) الفرنسي و(البريتش ميوزيم) البريطاني وغيرهما، تمتلك مجموعات أثرية يمنية, فيما تعج متاحف (الجارة الكبرى أو بالأحرى العدو الأكبر) بالقطع الأثرية اليمنية، وتعرضها بشكل حقير على أنها آثار تعود لـ (حضارة المملكة). وهذا شيء مثير للسخرية لأن ذلك يفقد هذه الآثار قيمتها الفعلية.
المصدر صحيفة لا / طلال العامري