(لا) تسافر مع عباقرة (الهندسة) في مدن الدهشة
- تم النشر بواسطة بشرى الغيلي/ لا ميديا

مطارات وأنفاق وأجهزة وابتكارات فذة برسم الاستثمار
(لا) تسافر مع عباقرة (الهندسة) في مدن الدهشة
(لا) تسافر مع عباقرة (الهندسة) في مدن الدهشة
تُعدُّ الأفكار العلمية الخلاّقة منجماً ثرياً لرقي الشعوب، وتطورها، وواجهةً حقيقية لأية دولةٍ تنتج مخرجاتها إلى سوقِ العمل بكفاءاتٍ يعتمد عليها، والعقل اليمني يُعتبر من أرقى العقول المفكرة عالمياً، فهو من نحت المدرجات الزراعية في الجبال المعلقة، وطوّعها للعيش كحباتِ لؤلؤٍ منثور على قممها الشماء، كما أن اليمنيين أول من بنى صهاريج المياه وناطحات السحاب الأقدم على مستوى العالم، وشيدوا المدن التي تعد تحفة نباهي بها جيلاً بعد جيل، ولا يزال العقل اليمني يواصل مسيرة الخلق والابتكار الفذة، وما تفتقت عنه عقول طلاب الهندسة بجامعة صنعاء، وغيرها من الكلياتِ المنتجة للأفكار، لهو دليل كافٍ بأن اليمني مايزال قادراً على العطاء في أحلك الظروف...
لحظات رائقة، ومائزة عاشتها صحيفة (لا) مع مهندسين ومهندسات معماريين ومدنيين، ومخترعين ومخترعات من كلياتٍ أخرى، وحلّقت معهم أثناء تحدثهم عن عروضٍ مذهلة وتصاميم مبهرة.
بانتظار الاستفادة منها
تزامن المؤتمر العلمي الخامس للتعليمِ العالي، مع المعرض الهندسي الأول للمشاريع والإبداعات، والمعرض اليمني الثالث للاختراعات، وهنا وجهت (لا) سؤالاً للمختصين عن أهميةِ خروج تلك التصاميم الهندسية، والاختراعات، والأفكار الخلاّقة إلى النور، ومدى استفادة الوطن منها، وبلورتها على أرضِ الواقع، حيث أكد المهندس هشام مانع، عضو اللجنة العليا للمعرض الهندسي الأول للمشاريع والإبداعات، وعضو اللجنة التحضيرية للفعاليات الثلاث، أن الغرض من إقامة المعرض هو عرض إبداعات واختراعات وإمكانيات طلاب الهندسة، التي يبدعونها خلال فترة دراستهم، حيث يبدع الطلاب أكثر من 170 مشروعاً على مدى السنة، ومعظم تلك المشاريع لا ترى النور، وتقتصر إدارة هذه المشاريع على النقاشات التي تتم بين الطالب ودكتور المادة، فبمجرد الانتهاء من المناقشة تنتهي، وتبقى حبيسة الأرفف، وأهم فكرة استند عليها المعرض هي أن نتيح فرصة للمجتمع، ولرجال المال والأعمال، ولوزارة الصناعة، وللهيئات المعنية، ولكافة مؤسسات الدولة بقطاعيها العام والخاص، لكي نريهم إمكانيات كلية الهندسة، وإمكانيات الطلاب، ومشاريعهم التي دائماً ما تلامس حاجة المجتمع، والغرض منها خلق شراكة حقيقية بين المؤسسات التعليمية، ومؤسسات الدولة بقطاعيها.
متحف مائي
نملك ثروةً مائيةً غنية بالأحياء البحرية، تحتاج من يجعلها في مأمنٍ من الانقراض، وعبث المستنزفين للثروات البحرية، جاءت فكرة المهندسة سارة الصبري التي صممت مشروع متحف مائي، للأحياء البحرية، بمدينةِ الخوخة.. يبعد عن الشاطئ بمسافة 5كم، على عمق 20م تحت الماء.
وتوضح المهندسة الصبري: المشروع يهدف إلى توعيةِ الناس بأهميةِ الحياةِ البحرية، لأن البحر الأحمر يعتبر ثالث منطقة للغوص عالمياً، والوصول للمشروع بالقوارب والطائرات المروحية.
تختم المهندسة سارة: الخوخة تتميز بشعب مرجانية، وأحياء بحرية نادرة قل نظيرها في العالم، كذلك تعتبر محط اهتمام السياح وعشاق الغوص، لذا فإن النظام المستخدم في إنشاء تصميم المشروع يُعدُّ من الأنظمةِ الحديثة في بناءِ المنشآتِ البحرية.
مركز لأبحاث الطاقة
الجديد في فكرة مشروع مركز (موكا) لأبحاث الطاقة، أنه سيتيح إمكانية توليد الطاقة من تدوير نفايات البُن.. والموقع الذي تم تصميم المشروع عليه في محافظة تعز ـ مدينة المخا على ساحل البحر الأحمر، ويعد مركزاً بحثياً تعليمياً إنتاجياً، يهتم بإجراء الأبحاث والدراسات، وإنتاج الطاقة الكهربائية، في مجالات الطاقة المتجددة. ويلحق بالمركز 3 محطات لإنتاج الطاقة؛ الأولى محطة شمسية، والثانية محطة بالرياح، والثالثة محطة توليد الطاقة من تدوير نفايات البن.. وذلك لأن المخا اشتهرت بكونها الميناء الأشهر في تصدير البن في العصور الماضية.
متحف أسرار الكون
يقول فريق المهندسين في مشروع متحف أسرار الكون، إن هذا التصميم يقدم خدمات للمجتمع للتعريف بالفلك وعلومه، ويتيح للزوار الاطلاع على الأدوات والمقتنيات الفلكية النادرة التي تعرض في أدوار المتحف: ركن التصوير الفلكي، قسم النيازك وصخور الكواكب، قسم المجموعة الشمسية، جهاز عرض النجوم ورواد الفضاء، بالإضافة إلى قسم خاص بأشهر علماء المسلمين في مجال الفلك، كما يوفر قاعة عرض سينمائي هي القبة الفلكية باتساع 360 درجة، يعرض فيها مجموعة من الأفلام الوثائقية باللغتين العربية والإنجليزية، حول الرحلات الفضائية وقصة هبوط أول رائد فضاء على سطح القمر.
مبنى وزارة الدفاع
تعكس فكرة تصميم مبنى وزارة الدفاع، بُعد نظر لمصمم المشروع الذي يضم المكونات الرئيسية لقيادة القوات المسلحة، كونها حالياً متناثرة، وكل مكون تفصله عن الآخر مسافات متباعدة، فجاءت هذه الفكرة الجديدة التي تضم السلطة القيادية، والجهاز السياسي والعسكري في مكانٍ واحد. أهمية المشروع أوضحها المهندس كمال الإرياني بالقول: تكامل هيئة الدفاع في مبنى واحد من أجل تعاون وثيق بين القيادة العليا للوزارة وهيئة أركان الدفاع، والانتقال إلى مبنى يمتلك الخصوصية والمساحة المطلقة، دون الإضرار بالحياةِ الحضارية والاجتماعية للمدينة وساكنيها في حالتي الحرب والسلم. والموقع المقترح لتنفيذ المشروع في منطقة السبعين غرب دار الرئاسة، جنوب جامع الصالح.
مركز الحياة العالمي لعلاج السرطان
اختصر مصمم المشروع فكرة مشروعه بعباراتٍ قصيرة: الحياة عبارة عن نظام متكامل ومعقد محكم، ولكن تطرأ على هذا النظام اختلالات تعمل على اختلال النظام، فتصبح عشوائية (لانظام) وهذا اللانظام يندرج تحت نظام آخر غير مألوف مخالف للنظام الأساسي، فيصبح (نظام في اللانظام)، وهذا ينطبق على مرض السرطان.
(الغريب ريزورت) منتجع سكني سياحي
يشرح مهندس المشروع مصطفى الكحلاني أن مشروعه يقع بين مديريتي المعافر والشمايتين جوار شجرة الغريب، على سفح تلٍّ صغير من سلسلةِ الغريب الصخرية من وادي الصافية. ويهدف المشروع ـ حسب المهندس ـ إلى حل أزمة السكن في المنطقة، وإنشاء منتجع سياحي راقٍ بمواصفات عالمية يحقق الرفاهية والمتعة، ويحقق عائدات استثمارية تسهم في إحياء وتنمية المنطقة، وتوفير مكان مناسب لإقامة الاحتفالات والفعاليات العامة لأبناء المنطقة. إضافة إلى دعم عجلة التنمية في المنطقة، وخلق فرص عمل جديدة وتشغيل شريحة واسعة من أبناء البلد.
الكرسي الكهربائي الذكي
يتحدث المهندس يحيى الغرباني، أحد أعضاء فريق (إيم هاي)، أن الكرسي المتحرك مع بدلة داعمة للمشي، يهدف إلى تخفيف المعاناة عن ذوي الإعاقة الحركية، نتيجة الحروب، والظروف الطارئة، وتمنى أن تنظر الجهات المختصة بجدية لما يخترعونه، لأن ذلك يزيد من حماسهم لإنتاج الأفكار. ويشاركه بنفس الفكرة زميله بالفريق عبدالخالق الجبوبي، الذي أوضح أن قطار التكنولوجيا يسير دون توقف، وإذا لم نركب هذا القطار فسيمضي ونصبح خارجه، لذلك نشدد على أن تهتم بنا الجهات المعنية وتدعم أفكارنا، وعلى رأسها رجال المال والأعمال.
مطار (الحمدي) الدولي
وطريق صنعاء ـ الحديدة
تصميم مشروع مطار (الحمدي) الدولي الذي هو عبارة عن تطوير لمطار صنعاء الدولي، حيث سيكون طول المدرج الفعلي الذي سيتم التصميم عليه هو 3430 متراً، واتجاهه سيكون (شمال/جنوب)، وعدد الرحلات التي ستستفيد من المطار حسب ما تم اعتماده للعمر التصميمي، 29.000 رحلة لكل سنة.
م/سلطان ثابت: أوجه رسالتي عبر صحيفة (لا) لرجال الأعمال، وخاصة في مجال المطارات والطرق، كجهاتٍ غير حكومية، لكي نظهر بلدنا بالشكل اللائق، ويشاركه بالرأي زميله م/محمد المخلافي: المطارات والطرق تعتبر واجهة الدولة، فأول ما تقع عين السائح والزائر على المطار.. وهنا ننقل أفكارنا للمسؤولين أن البنية التحتية تحتاج منهم التفاتة كبيرة لتطويرها ومواكبة العصر.
وعن طريق صنعاء ـ الحديدة يوضحها م/نجم الدين الحجري: طريق مختصرة، تختصر الوقت والتكلفة، إذ تختصر أكثر من 100 كيلومتر، ويوجد نفق في مناخة بطول 4.8 كيلومتر، وستكون الطريق استثمارية مدفوعة.
هيئة لدعم الاختراعات والإبداعات
ما شاهدناه من تصاميم لمشاريع عملاقة، الوطن بأمس الاحتياج لها، كفكرةِ مطار صنعاء الدولي، وغيرها من الأفكار الكبيرة التي إذا ما تم تبنيها وتنفيذها فعلياً، فإنها ستنقل اليمن نقلة نوعية وعالمية، فهل هناك تنسيق بين كلية الهندسة وبين جهات أخرى رسمية أو خاصة، للاستفادة من إبداعات ومشاريع طلاب الكلية.. أم أنها تظل مجرد مشاريع فقط لأجل الحصول على شهادة التخرج، وتدخل بعدها في خانة الإهمال والنسيان..؟
د. محمد البخيتي، عميد كلية الهندسة، رئيس اللجنة التحضيرية للمعرض الهندسي الأول، يقول: خلال زيارة كل من وزير التعليم العالي، ووزير التجارة والصناعة، والمجلس السياسي الأعلى الممثل بالأستاذ صالح الصماد رئيس المجلس، وأعضاء مجلس النواب، وشاهدوا هذه المشاريع، قلنا لهم بالحرف الواحد: نتمنى على الجهات المهتمة أن تتقدم إلى كلية الهندسة بمشاكلهم، ماذا يريدون، ما هي المشاريع التي يحتاجونها، ونحن بدورنا نعرضها على طلابنا كمشاريع للتخرج، فسيرون مطارات، ومنتجات، بالتالي نعمل هذه الدراسات بناءً على طلبات من الجهات المختلفة، حتى تكون ذات جدوى، وموجهة، وذات قيمة، فعلى صنّاع القرار أن ينشئوا مثلما سمعنا هيئة وطنية أعلن عنها الأستاذ عبده بشر، وزير الصناعة والتجارة، وتكون مهمة هذه الهيئة دعم الاختراعات والمشاريع والإبداعات، برأسمال أولي مليار ريال، توفر منه فعلاً حسب كلامه 200 مليون ريال. وبهذه المناسبة أرجو عبر صحيفتكم أن تسمحوا لي بتوجيه جزيل الشكر إلى مجموعة الحاج علي أحمد الحباري وأولاده، ممثلة بالأستاذ يحيى الذي تبرع يوم جلسة افتتاح المعرض بـــ150 ألف دولار دعماً لمعامل قسم هندسة الميكاترونكس، وكذلك هذه المجموعة أسهمت في حدود مليون و500 ألف دولار في إنشاء هذا المبنى المهم جداً، وهذا التخصص الهام للصناعاتِ الوطنية، وهي دعوة نوجهها لرجال المال والأعمال أن يتنافسوا في تنميةِ ودعم هذه المؤسسة التعليمية.
البحث العلمي.. السبيل الوحيد
ولأن المؤتمر العلمي الخامس هو النافذة التي ستنطلق بهؤلاء المهندسين المبدعين والمخترعين، فإن هدفه الأساس: (التأكيد على أن البحث العلمي هو السبيل الوحيد لتطور اليمن ورفعته، وعزته، وأنه مفتاح التنمية الحقيقية المستدامة، يجمع المؤتمر بين العلماء والباحثين، وبين شركاء التنمية الوطنية في القطاعات والمؤسسات العامة والخاصة ومنظمات المجتمع المدني، من أجل شراكة وطنية حقيقية لمصلحة الوطن العليا)، بحسب الدكتور عبدالله الشامي، رئيس اللجنة التحضيرية للمؤتمر، نائب وزير التعليم العالي.
وأضاف الشامي: نسعى من خلال هذا المؤتمر إلى حشد الطاقات والهمم للعمل والإنتاج المبني على أساس علمي متين، وتحديد الأولويات الوطنية، وتسخير الموارد والطاقات للبحوث والدراسات الموجهة نحوها، بالإضافة إلى تدشين الشراكة الوطنية في البحث العلمي المرتبط بأولويات التنمية.
آخر الأوراق
ذلك هو العقل اليمني، وتلك هي إبداعاته الخلاّقة، وما تم عرضه نماذج تمثل غيضاً من فيض، وهناك الكثير والكثير لا يتسع المجال لذكرها، ونضم صوتنا إلى أصوات طلاب كلية الهندسة في توجيه النداءات للجهاتِ المعنية للاهتمام بما ينتجونه في معامل الكلية، ليتجاوز أسوارها، ولا يصبح مجرد مشاريع تنتهي بانتهاءِ مناقشتها، وتظل حبيسة الأرفف، يغطيها غبار الزمن، وتصبح طي النسيان.
المصدر بشرى الغيلي/ لا ميديا