رئيس اللجنة الطبية د. الحسام يروي لـ(لا):قصة مسيرة الخبز من الكيلو الأول إلى الكيلو 16
- تم النشر بواسطة زيد المجاهد/ لا

غياب (الرسمي) وحضور (الشعبي)
رئيس اللجنة الطبية د. الحسام يروي لـ(لا):قصة مسيرة الخبز من الكيلو الأول إلى الكيلو 16
رئيس اللجنة الطبية د. الحسام يروي لـ(لا):قصة مسيرة الخبز من الكيلو الأول إلى الكيلو 16
عايش المشاركون في مسيرة الخبز الراجلة الكثير من المعاناة، لكن الاحتفاء والمشاعر الوطنية التي استقبلت بها المسيرة من قبل المواطنين، قدمت دفعة معنوية كبيرة للمسيرة.. صحيفة (لا) التقت الدكتور مهيوب الحسام، عضو اللجنة التحضيرية، ورئيس اللجنة الطبية في مسيرة الخبز المدنية، والذي تحدث عن الأهداف والتحديات والمواقف الإنسانية منذ انطلاق المسيرة في العاصمة إلى أن وصلت محطتها الأخيرة في ميناء الحديدة.
تفاعل إيجابي
ـ حدثونا عن مجريات تفاعل المجتمع في المناطق التي مرت بها المسيرة؟
كان تفاعل المواطنين تفاعلاً إيجابياً بشكل كبير في كل المناطق التي مرت بها المسيرة وحطت فيها الرحال، ابتداءً من بني مطر، واحتشاد المواطنين لاستقبال المسيرة وتوديعها في اليوم الأول، وصولاً إلى مديرية بني منصور التي حطت فيها المسيرة رحالها، حيث كان استقبال المسيرة بحفاوة ملفتة قام فيه بعض المواطنين بإخلاء منازلهم لاستقبال النساء المشاركات في المسيرة، وفتح المدرسة وما حولها لاستقبال الرجال، وحراسة المنطقة بالكامل من كافة الجهات، وتقديم العشاء والقات، وقاموا بذبح الذبائح من أجل وجبة الإفطار للمشاركين في المسيرة، وتم توديع المسيرة صباحاً في منطقة بني منصور بحشد هائل من الأهالي على جانبي الطريق لتحية المسيرة استبشاراً بالنصر والتحاق عدد كبير منهم بالمسيرة حتى الوصول.
وفي كل المناطق التي مررنا بها بعد ذلك تم نفس الاستقبال والتوديع، ولن أنسى تلك المرأة المسنة زهرة علي الحداد في قرية الدرج، التي واجهت المسيرة بما جمعته من قناني الماء والطعام رغم قلة ما بيدها، إلى جانب عدد من نساء القرية، وقد أجهشت الحجة زهرة بالبكاء لأنها لم تستطع أن تعطي كل المشاركين بالمسيرة شيئاً من الماء والطعام، وقد لاقت المسيرة استقبالاً حافلاً بالزغاريد والهتاف من قبل النساء والرجال في مختلف المناطق التي مرت بها، وكان لنا وقفة مع جرحى العدوان الذين التقيناهم في قرية الدرج والذين باتوا يسكنون تحت الأشجار بعد أن دمرت بيوتهم، والذين ابتهلوا بالدعاء للمشاركين في المسيرة.
وفي اليوم الرابع وفي باجل تجمع الناس من المدينة والمناطق المجاورة لها، والتي تجمع فيها عشرات الآلاف من المواطنين انضم كثير منهم للمسيرة، وتم تسجيل عدد منهم إلى المسيرة، وكانت المسيرة في أوجها في باجل منذ انطلاقتها الأولى، وكلما شاهدنا تفاعل الناس كان الحافز يزداد عندنا حتى وإن كان لما هو أبعد من الحديدة.
كنا نقضي ليلنا نوماً على التراب بعد أن نفرش بما تيسر معنا من مشمعات من شدة الإرهاق.
عشرات الإصابات
ـ حدثنا عن أشكال المعاناة التي واجهها المشاركون في المسيرة؟
كوني رئيس اللجنة الطبية لمسيرة الخبز الشعبية سأحدثك عن المعاناة المتعلقة بالجانب الطبي، فقد عانى الأفراد المشاركون في المسيرة من الشد العضلي وآلام المفاصل وتورم الأقدام والحروق في أسفل القدم ما يسمى حروق السفر، وكانت هذه المشاكل الصحية تشتد يوماً إثر يوم. ورغم شحة الإمكانات الطبية فإننا استطعنا معالجتها بشكل جيد، ورغم قلة الغذاء والدواء وزيادة الألم، إلا أنه كان هناك إصرار عجيب من قبل المصابين لمواصلة المسيرة بعد إسعافهم. ولا ننسى الأشخاص الذين أصيبوا بحروق في مسيرة المشاعل، وعلى رأسهم الأخ مجاهد راشد المطري الذي أصيب بحروق في الوجه نتيجة سقوط أحد المشاعل فوق رأسه ووجهه، إلا أنه بعد إسعافه من قبلنا وإرساله إلى مستوصف منطقة القدم عرضنا عليه صباحاً العودة إلى المستشفى الجمهوري بصنعاء، إلا أنه أجهش بالبكاء وأصر على مواصلة السير فأرسلناه بسيارة الإسعاف إلى مستشفى الثورة بالحديدة بعد التنسيق مع عمليات وزارة الصحة، وقد التحق بنا عند وصولنا إلى مدينة الحديدة.
مشاكلنا كانت متعددة فقد خرجت بسيارتي إسعاف غير مجهزتين بالمستلزمات المطلوبة ولا يوجد فيهما سوى السائقين، وكانت أول حبة برامول مسكن للألم أخذناها من مستشفى 26 سبتمبر بمنطقة متنة في بني مطر، وشاش ومطهرات ومضاد حيوي، وكنا في كل منطقة نصل إليها نرسل إحدى السيارتين إلى المركز الصحي الأقرب إلينا، مع رسالة طلب لأخذ المتوفر من الأدوية الإسعافية البسيطة، وبذلك تمكنا من تغطية كثير من الأدوية الخاصة بالإسعافات الأولية.
في اليوم الأول استقبلت سيارة الإسعاف حوالي 26 حالة، وتمت معالجتها ميدانياً، أغلبها مصابون بالألم المفاصل والحمى الناتجة عن ضربة الشمس وحالات حروق وحالات دوار وغثيان وآلام معدة ناتجة عن الإجهاد من كثرة السير.
وفي اليوم الثاني زاد عدد الحالات ليصل إلى 38 حالة، وهكذا.. وقد وصل إجمالي عدد الحالات إلى 380 حالة اشتدت عند دخول المسيرة للمناطق الحارة، والتي برزت فيها حروق السفر بشكل كبير، إضافة إلى إصابة المشاركين بحالة تسمم غذائي وأميبيا وجارديا نتيجة تلف العصائر.
أدت ما عليها
ـ هل حققت المسيرة الأهداف التي سعت إليها؟
مسيرة الخبز المدنية الشعبية الراجلة التي تحركت يوم الأربعاء 19 أبريل 2017م، هي خطوة مدنية شعبية في الاتجاه الصحيح لمواجهة العدوان، ورغم شحة الإمكانات فقد أدت رسالتها وأتمت ما عليها وأسمعت صوتها للأمم المتحدة وشعوب العالم للالتفات لما يعانيه الشعب اليمني الذي يواجه 19 مليون إنسان منه مجاعة حقيقية حسب تقارير الأمم المتحدة ذاتها. ونادت المسيرة الأمم المتحدة وشعوب العالم لتحمل مسؤولياتها قبل أن تقع كارثة الإبادة الجماعية التي تسبب فيها عدوان التحالف بحربه وحصاره.
بيانات أممية
ـ لم يصدر عن الأمم المتحدة أو أية منظمة أو حكومة أية ردة فعل أثارتها المسيرة..
بالعكس لقد صدر عن الأمم المتحدة أكثر من 3 بيانات خلال المسيرة، وما صرح به ماكغولدريك داعياً لرفع الحصار عن ميناء الحديدة، وجعله منطقة مفتوحة لدخول الغذاء والدواء للشعب اليمني، خير دليل على ما أقول، وبيان الخارجية الروسية في اليوم الخامس للمسيرة الداعي إلى وقف الحرب على اليمن ورفع الحصار فوراً عن ميناء الحديدة، لهو دليل إضافي على أن المسيرة أحدثت صدى إيجابياً.
الأمم المتحدة هي الهدف
ـ ما هو الهدف من انطلاق مسيرة الخبز الراجلة إلى ميناء الحديدة؟
الهدف مطالبة الأمم المتحدة بإعلان ميناء ومدينة الحديدة منطقة آمنة للحفاظ على الأمن والسلم الدوليين، وكون ميناء الحديدة آخر منفذ يمد اليمنيين بأكثر من 80% من الغذاء والدواء. والهدف الثاني يتمثل بالضغط على الأمم المتحدة بصرف مرتبات موظفي الدولة، كونها والبنك الدولي من وافقا على نقل البنك المركزي. والهدف الثالث هو سرعة إغاثة النازحين والمهجرين قسرياً جراء حرب التحالف العدوانية على اليمن.
وكذلك رفع الحصار الاقتصادي على اليمن وتشكيل لجنة تحقيق دولية محايدة للتحقيق في جرائم حرب التحالف على اليمن. وأردنا إيصال رسالة سلام إلى شعوب العالم كافة، ومناشدتهم الوقوف مع الشعب اليمني الذي يتعرض لعدوان التحالف السعودي منذ عامين.
للداخل والخارج
ـ هل كان هدف المسيرة هو لفت انتباه المجتمع في الداخل أم الخارج؟
المسيرة هدفت إلى إيصال رسالتين: الرسالة الأولى والأهم كانت موجهة نحو الخارج للفت أنظارهم لما يتعرض له الشعب اليمني من عدوان وقتل وجرائم إبادة ضد الإنسانية، والرسالة الثانية لتحفيز المجتمع اليمني واستنهاض قواه لمواجهة العدوان بشكل مدني.
مشاعل
ـ حصل في المسيرة أشياء لفتت الأنظار، هل يمكن أن تحدثنا عن ذلك؟
في اليوم الثاني خطر على بال أعضاء اللجنة التحضيرية فكرة إيقاد مشاعل والنزول بها ليلاً في نقيل الموسنة في مناخة، وتم خلال فترة قصيرة لا تتجاوز سويعات وبتعاون المواطنين، إحضار 500 عصا و500 علبة معدنية وربط العلب بالعصي وملؤها بحشوات مبللة بالديزل، وتم إشعالها من أول نقيل الموسنة، والسير بها ليلاً، مما خلق منظراً بديعاً للمسيرة الراجلة لفت أنظار الداخل والخارج.
إبداع دون دعم
ـ ألم يحفزكم ذلك إلى المزيد من الإبداعات الملفتة للنظر؟
إن مسيرة الخبز التي انطلقت دون دعم مادي، وتحملت الجوع والعطش، وتحملت نقص الغذاء والدواء، وصبر الناس المشاركين في المسيرة على تلك المعاناة، لهو إبداع بحد ذاته.
المرأة حاضرة
ـ هل كان مستوى حضور المرأة في المسيرة فاعلاً؟
كانت المرأة حاضرة في المسيرة منذ انطلاقتها، وازدادت حضوراً في كل محطة من محطات المسيرة.
دعم شعبي فقط
ـ ذكرتم أن المسيرة لم تتلقَّ أي دعم، هل هذا يعني أنها لم تحظَ منذ انطلاقتها الأولى بالدعم المطلوب؟
هذه المسيرة هي مسيرة شعبية انطلقت من أوساط الشعب ولم تتبنها جهة معينة سواء كانت حزبية أو مجتمعية. التفاعل في مدينة الحديدة كان جيداً، ولكن لم يكن بالشكل المنتظر، وهذا يؤكد أن المسيرة كانت بجهود ذاتية، ولم يكن هناك أية جبهة سياسية داعمة، وعند وصولنا في اليوم السادس قمنا بقراءة بيان المسيرة أمام بوابة ميناء الحديدة من قبل الناطق الرسمي باسم المسيرة منذر الأصبحي.
ريادة تعز
ـ المسيرة دعا إليها أبناء تعز، لماذا لم تكن الدعوة باسم كافة أبناء اليمن لأن الجميع متضررون وليس أبناء تعز فقط؟
مسيرة الخبز المدنية الشعبية الراجلة دعا إليها أبناء تعز، وذلك لأن تعز سباقة في المدنية والسلمية، رائدة في حمل الهم الوطني على مر تاريخها، ولم تكن يوماً سباقة في الفتنة والاقتتال، والوقوف مع الغزاة (شكراً سلمان) فكر دخيل على تعز وأبنائها، ولذلك جاءت الدعوة من أبناء تعز لانطلاق مسيرة الخبز المدنية الشعبية الراجلة من أمام مقر الأمم المتحدة في صنعاء إلى ميناء الحديدة.
المصدر زيد المجاهد/ لا