السواطير تتأهب للمزيد من الذبح
الصراري .. تفاصيل مجزرة والبقية تأتي


في جريمة حرب يندى لها جبين الإنسانية، وعملية تطهير عسكري بربري تضاف إلى الرصيد الهائل من الجرائم لمرتزقة العدوان السعودي الأمريكي في محافظة تعز خصوصاً واليمن عموماً، اقتحم المئات من مرتزقة العدوان، فجر الثلاثاء، قرية الصراري الواقعة بعزلة ذي البرح/ النيداني - مديرية صبر الموادم - محافظة تعز- بعد حصار دام لأكثر من عام، وأقدموا على هدم منازل القرية وإحراقها، واختطاف أعداد كبيرة من ساكنيها، بينهم أطفال وشيوخ، هذا بالإضافة إلى من تم تهجيرهم طوال المرحلة الماضية جراء الحصار والقصف الضاري الذي استمر أكثر من أسبوعين متتاليين، كما أقدموا على تفجير المساجد ونبش القبور.. هذه الجرائم التي تنفذها عناصر حزب الإصلاح وتوابعها من القاعدة وداعش، لم تقتصر على استهداف ما تعتبره خصماً عسكرياً، بل امتدت سكاكينها القذرة إلى رقاب المدنيين، في عملية ارتكاب إبادة جماعية وقتل وأسر بالهوية، ولم تستثنِ الأطفال والنساء والمسنين.> فقد اقتحموا بهمجية ووحشية عشرات المنازل الريفية، مروعين سكانها من النساء والأطفال، ونهبوا المنازل عن بكرة أبيها، وأضرموا فيها النار، وأرغموا عشرات العائلات من والنساء والأطفال على النزوح إلى مناطق جبلية في العراء، وفجروا التاريخ حقداً وغلاً وكراهية.
بعد مرور عام من الحصار على قرية الصراري, اشتدت قسوة الحصار- منذ منتصف يونيو الماضي- وارتفعت وتيرة التحشيد من قبل مرتزقة العدوان على الصراري والقرى المجاورة.
في هذه الجريمة الموثقة بأيديهم أظهرت كتائب الإخوان\القاعدة\داعش, وجهها الأكثر وحشية وقبحاً، وشاهدهم العالم وهم يقصفون بوحشية قرى عزلة الصراري بالمدفعية والقذائف الصاروخية في ساعة لم يكن فيها سوى القليل من أبنائها يدافعون عن منازلهم المحاصرة منذ أكثر من سنة.
ليلة الاثنين الماضي, بدأت قصة قرية الصراري مع ذئاب مسعورة لا تعرف الرحمة.. في هذه الليلة الحالكة بسوادها المقيت انهالت نيران مرتزقة العدوان السعودي الأمريكي على المجمع التربوي ومنازل المواطنين بمختلف الأسلحة.
ونفذ مرتزقة العدوان عملية تهجير لأهالي القرية، وإجبارهم على النزوح إلى القرى المجاورة على وقع قصفهم المكثف بأكثر من 130 قذيفة مدفعية تركزت معظمها على منطقة الثعير بالقرية.
ومع خيوط فجر الثلاثاء الماضي, اقتحم أكثر من 1500 عنصر من عصابات حزب الإصلاح، القرية، وبدأوا يعيثون بها وبأهلها قتلاً ودماراً, حيث قامت هذه العصابات الإجرامية بمجزرة وحشية بحق أهالي المنطقة، راح ضحيتها العديد حرقاً وذبحاً وقتلاً، بينهم أطفال ونساء, ونفذت حملة اعتقالات واسعة بحق ساكني القرية وقرى مجاورة من آل الجنيد, حيث اختطفوا العشرات من الأهالي وسط الخشية على حياتهم من الإعدام.. وأحرقوا عشرات البيوت، ثم قاموا بنبش قبر الشيخ الصوفي جمال الدين، المتوفى منذ 600 عام (هو أحد أعلام الصوفية باليمن)، وأخرجوا جثمانه وأحرقوه، وقاموا بتدمير الضريح مع إحراق المسجد المقام فوقه.
ولا يزال إرهابيو تحالف العدوان حتى ساعة كتابة التقرير، يحتجزون 35 امرأة مع أطفالهن الرضع، في مدرسة (بئيس حصبان)، فيما تم نقل عدد آخر من المواطنين إلى معسكر تابع لمرتزقة العدوان بمديرية المعافر، كما تم خطف 45 طفلاً إلى جهة مجهولة.
ونفذت مليشيا حزب الإصلاح حملة اعتقالات واسعة بحق ساكني القرية وقرى مجاورة من آل الجنيد, حيث قاموا بنقل نحو 25 شخصاً اعتقلوا في قرية حصبان أعلى المجاورة لـ(الصراري)، إلى معسكر يخضع لسيطرة المرتزق عدنان الحمادي، مساء الثلاثاء الماضي.
وبلغ عدد المختطفين من أهالي قرى الصراري الذين اختطفهم مرتزقة العدوان السعودي الأمريكي، أكثر من 125 مواطناً.
كما اختطفت هذه العصابات الإرهابية أكثر من 45 مواطناً من رجال وشباب قرية الصراري والقرى المجاورة لها، بينهم 15 مسناً.
ولأن المهمة كانت تقتضي وجود أسرى لتلبية مطالب عرف عمليات الجيش العائلي السعودي، فقد شن المرتزقة حملة اعتقالات طالت العشرات من المدنيين الأبرياء، وبينهم صغار السن والمرضى، لتأتيهم الأوامر ليلاً بنقلهم إلى معسكرات التحالف، ففي الجبهة الحدودية، ما يدعو للتحفظ على هؤلاء أملاً في إنقاذ ماء وجوههم الملطخة بالهزيمة، والادعاء بأنهم أسرى حوثيون من الجبهات الحدودية.
وتضمنت التقارير الأولية التي حصلت عليها صحيفة (لا) أسماء بعض المعتقلين:
بسام محمد سعيد إبراهيم الجنيد
صابر محمد محمد عبدالسلام الجنيد - 12 عاماً
محمد محمود عبد الرحمن فاضل الجنيد- 12 عاماً
توفيق عبدالرحمن علي إبراهيم الجنيد - 16 عاماً
علي محمد عبدالله الجنيد - قطعوا يده اليمنى في الصراري واليسرى قطعت أمس في مستشفى الثورة بتعز
الحسين بن علي محمد عبدالله الجنيد
يحيى عبد الحميد الجنيد (كبير في السن)
محمد يحيى عبد الحميد الجنيد
يوسف عبد الله يحيى الجنيد
محمد عبد العزيز يحيى الجنيد
علي محمد عبد الوهاب الجنيد
محمد سعيد سيف الجنيد
محمد محمد سعيد سيف الجنيد
عبد الله عبدالسلام مهيوب فاضل الجنيد
سعيد إسماعيل عبدالله الجنيد
جميل علي الحاج الجنيد (واثنان من أطفاله)
علي عبدالعزيز فاضل الجنيد
وتفيد المعلومات أنه تم اعتقال الأشخاص الواردة أسماؤهم مع 35 شخصاً آخرين، ومن ضمنهم 15 مسناً في مجمع الشيخ جمال الدين، وتم اقتيادهم الى معسكر الحمادي في النشمة، الذي يتبع القوات الموالية للتحالف الذي تقوده السعودية, كما اعتقلت الجماعات المسلحة عدداً آخر من سكان قرية ذي البرح المحاذية لقرية الصراري، وهذه أسماء بعضهم:
1_ جميل محمد عبد الوهاب السروري
2_ مجيب عبد الوهاب محمد السروري
3_ طه عبد الوهاب محمد السروري
4_ معاذ علي فاضل السروري
5_ محمد عبد الجليل علي السروري
6_ فهد عبد العزيز منصور السروري
7_ محمود عبد العزيز السروري
8_ حمدي محمد منصور السروري
9_ حسام محمد منصور السروري
10_ محمود عبد الغني أحمد السروري
وقامت الذئاب الداعشية بممارسة هواياتها في القتل والتدمير، حيث تم قتل الأسير بلال سعيد إسماعيل الجنيد والإلقاء بجثته، لا لشيء سوى لأنه كان لفترة من الزمن من يهتم بمسجد العالم جمال الدين الذي دُمر وأحرق؛ أما والده السبعيني فقد تم اعتقاله فور محاولته دفن جثة ابنه.
وذكرت التقارير أن المرتزقة أقدموا على تصفية وإعدام عدد من أهالي المنطقة، فيما لايزال أكثر من 15 مواطناً مفقودين ولم يعرف مصيرهم حتى الآن.
كما قام المرتزقة بنبش قبر الشهيد علوي مصطفى الجنيد، وأحرقوا جثته التي ووريت الثرى قبل أربعة أيام من الاقتحام, واقتحم المرتزقة منازل القرى، ونهبوا وأحرقوا نحو 30 منزلاً، منها 20 منزلاً في قرية الصراري وخمسة منازل في قرية الحيار وخمسة منازل في ذي البرح.
وفي ما يلي أسماء بعض المنازل التي تم إحراقها:
في قرية الصراري:
بيت المرحوم عبدالله سرور الجنيد
بيت إبراهيم عبدالله سرور
بيت فضل أحمد سرور
بيت عبدالخالق محمد محمد عبد المعطي
بيت عبدالباقي إبراهيم علي
بيت عبدالرقيب عبدالكريم
بيت محمد علي سيف
بيت علي محمد عبدالله
بيت عبدالإله عبدالقادر
بيت عبدالسلام محمد جعفر
بيت عبدالرحمن محمد عبدالقادر
بيت محمد يحيى عبدالمعطي
بيت إبراهيم محمد عبدالمعطي
بيت الشهيد علوي عبدالله عبدالغني
بيت عبدالباري عبدالكريم أحمد
بيت أحمد محمد سيف
بيت مؤيد عبدالواحد
بيت ماجد محمد هزاع
بيت عبدالوهاب محمد أحمد
بيت محمد يحيى عبدالحميد
بيت يحيى عبدالحميد الجنيد
بيت عفيف إبراهيم أحمد
بيت إبراهيم أحمد
بيت عبدالحكيم عبدالقادر
بيت مؤيد عبدالقادر عبدالله
بيت أحمد منصور
بيت عبدالجليل منصور
بيت عبدالعزيز عبدالباري
في قرية الحيار:
بيت علي عبدالعزيز الجنيد
بيت محمود عبدالرحمن الجنيد
بيت مهيوب فاضل الجنيد
بيت طه عبداللطيف الجنيد
في منطقة ذي البرح:
بيت عبدالله عبده الجنيد
بيت يحيى عبده سيف الجنيد
بيت محمد إبراهيم الجنيد
بيت عبدالله قاسم الجنيد
بالإضافة لإقدام العناصر الإخوانية بتفجير منزل خالد محمد محمد عبد الواسع الجنيد في قرية الأعدان إحدى قرى آل الجنيد في منطقة الصراري، بعد قتل وإعدام ابنه وأخيه، الأسبوع قبل الماضي.
ولفتت التقارير إلى أن المرتزقة أقدموا على ذبح جميع المواشي في المنطقة، ورميها على جوانب الطرقات، ابتهاجاً بقتل وتشريد سكان المنطقة.. فيما أكدت مصادر من المنطقة لصحيفة (لا) أن عمليات اختطاف المواطنين وإحراق المنازل وتفجير المساجد مازالت مستمرة.
نصب المشانق
منذ عام استهدف طيران العدوان السعودي الأمريكي المستوصف ومدرسة الشيخ جمال الدين بقرية الصراري، وخلف خمسة شهداء, وواصل مرتزقة العدوان قصفهم لقرية الصراري بمختلف أنواع الأسلحة, ونظم المحاصرون للقرية 14 محاولة اقتحام لقرية الصراري المحاصرة خلال الأيام الستة السابقة للاقتحام, في ظل صمود أبناء المنطقة ومواجهتهم وسقوط شهداء وجرحى.
وعانت قرية الصراري ومحلاتها منذ ما يقارب العام من حصار خانق واعتداءات متكررة من قبل مرتزقة العدوان السعودي الأمريكي، سقط خلالها عشرات الشهداء، بينهم أطفال ونساء.. وتجاوز الحصار منع الخروج أو الدخول إلى المنطقة، كما يشمل منع وصول المواد الغذائية والطبيبة إلا بالقدر الشحيح.
إن ما تم ارتكابه من قبل مرتزقة العدوان من القاعدة وداعش وأخواتهما بحق قرية الصراري وساكنيها من أعمال قتل وحرق وخطف وتهجير ونبش للقبور وتفجير للمساجد، لا يمكن أن يصفه أو يسكت عليه بشر مازال في قلبه ذرة من إنسانية أو ضمير.
فقد جسدت الجرائم بحق الوحشية الآدمية في أبلغ صورها، وإن العدوان بمثل هذه الجرائم وعبر مصاصي الدماء والقتلة المستأجرين، يهدف إلى تفكيك النسيج المجتمعي وتعميق الانقسامات والنزعات المناطقية والطائفية، وإحداث شرخ عميق في جسد البنية المجتمعية تسهل عليه احتلال البلد وتنفيذ مخططاته التمزيقية فيه.. صحيح أن الجريمة الكبيرة والبشعة التي ظلت تمارس على مدى شهور بحق أهالي قرية الصراري والقرى المجاورة لها، جريمة تطهير عرقي، ولم تكن عملاً جديداً ولا غريباً على العدوان ومرتزقته.
كان أهالي (الصراري) يعرفون أنهم هدف لهذا التطهير العرقي، فأخذوا يدافعون عن أنفسهم، وقاوموا حصاراً خانقاً دون أي مدد، ولو بمقاتل واحد من خارج القرية، إلى أن سقطت القرية في أيدي كتائب الجنون العنصري غير المسبوق، في حاضر اليمن ولا في تاريخه.
كثيرون ذكرهم هذا المشهد بسلوك عصابات الإخوان المسيطرة على أحياء مدينة تعز، والتي شنت حملات واسعة لهدم الأضرحة في المساجد وفي غيرها من الأماكن، وهو ذات المشهد الذي طالما قدمته العصابات الداعشية في العراق وليببا وسوريا وغيرها من البلدان التي ينخر فيها السرطان الداعشي السعودي.
ما حدث في قرى الصراري سبق وحدث في مشرعة وحدنان وفي بير باشا وفي أكثر من منطقة، بمجرد أن يدخل الدواعش الى منطقة أهلها لايؤيدونهم, يرتكبون بحقهم أبشع أنواع التنكيل من السحل وحرق المنازل وتفجيرها وهدم الأضرحة والمساجد واعتقال الرجال وإهانة النساء وقتل الأطفال والشيوخ.
فمع منتصف يوليو العام الماضي، داهمت مليشيا حزب الإصلاح قرية (بيت الرميمة) الواقعة في صبر، وقتلت العشرات من أبنائها، مُعظمهم نساء وشيوخ، تم قذف بعضهم من الأسطح، وإعدام البعض بالرصاص. كما قتلت تلك العناصر عجوزاً كفيفة تُدعى (جليلة) (88 عاماً)، وأطلقوا على جسدها وابلاً من الرصاص، بعد أن قتلوا أولادها. 
ما تقوم به المقاولة في تعز من أعمال إجرامية وتخريبية، هي مؤامرة لصالح أعداء اليمن، وحرب شرسة تنفذها هذه الأدوات القذرة، خلفت العديد من الجرحى والشهداء، وشردت آلاف المواطنين من سكان تعز، ناهيك عن أعمال السلب والنهب التي تقوم بها تلك العصابات الإرهابية التي تتلقى المال السعودي الذي يتدفق عليها لهلاك المحافظة، تمهيداً لنشر الفوضى وتمكين المقاولة من السيطرة عليها تمهيداً لتسليمها للقوات السعوصهيونية.

كوبونات حارقة
في مشهد مقزز لهذه الجريمة، كانت قيادات المرتزقة تصل تباعاً إلى المنطقة لأخذ الصور، والتباهي بقتل واعتقال وتفجير بيوت أهالي القرية المحاصرة؛ فيما عمدت باقي قطيعهم المسعورة إلى إحراق ما تبقى من منازل أبناء القرية، وتنفيذ حملة اعتقال بالهوية بعد نصب نقاط تفتيش بين القرى.
المشاهد والصور والفيديوهات التي نشرها إعلام حزب الإصلاح وناشطو المرتزقة وهم يحتفلون على أوجاع أهالي الصراري، شاهد قوي ودامغ على أن الدوافع عرقية وطائفية ووحشية، وأنهم لم يقتحموا القرى لأغراض عسكرية كما كانوا يدعون، وإنما اقتحموها بحسب ما يقولونه في الفيديوهات فقط لأنهم بحسب وصفهم (روافض ومجوس الخ)، وحين أحرقوا المساجد أحرقوها لأنها كما يسمونها (حسينيات)، وحين قتلوا واعتقلوا فقط لأنهم بحسب وصفهم يستحقون الموت كونهم شيعة وحوثة، وفجروا المنازل فقط لأنها منازل شيعة وروافض.. ولأنهم كانوا بحاجة إلى دليل يرسلونه إلى مطابخ الفتنة الداعشية في السعودية، وثق دواعش المرتزقة جرمهم الكبير باقتحام حرمة بيت من بيوت الله بالفيديو والصور، وسارعوا إلى نشرها، وفي مقاطع الفيديو كانت أصواتهم واضحة وهم يصرخون بعلو أصواتهم المرتعشة (حسينية الشيعة الروافض في قرية الصراري بتعز)، و(ها هي حسينيتهم تحرق على أيدي الأبطال)، وأنعم بها من بطولة بانتهاك حرمة جامع أذن الله أن يرفع ويذكر فيه اسمه.
وتحت زيف ادعاء المرتزقة بوجود أسلحة ومقاتلين من خارج المنطقة، منهم أجانب ينتمون لحزب الله اللبناني والحرس الثوري الإيراني, وادعائهم بأن أبناء القرية قطعوا الطريق الرابط بين المسراخ والعروس, كانت هذه الثلة الإجرامية كوبونات معبرة عما تضج به قنوات الفتنة المذهبية السعودية وما يبطنه العدوان من مرام بإشعال وتأجيج نيران فتنة طائفية لها بدايات ودونها النهايات، حتى إنهم لم يغفلوا أن يصطحبوا معهم سكاكين (داعش).. بلغ العته بكتيبة الدواعش التي كانت توثق الجرم الكبير، مبلغه بأن سلطوا الكاميرات على جامع جمال الدين التاريخي في قرية الصراري الذي طالما أدى دوراً ريادياً في نشر رسالة التوحيد السمحة, ليكشفوا عما في صدورهم من بغض وغل وطمع بالحصول على حفنة مال مدنس.
أرادت العصابات الداعشية أن تقدم دليلاً على ولائها للمرجعية الوهابية الراعية لتنظيمات (داعش)، فكان جامع جمال الدين التاريخي هو الثمن، حيث اقتحموه بدم بارد، ونبشوا ضريح العلامة الراقد في الزواية المحمدية منذ قرون، وأحرقوا رفاته، سعياً للحصول على الجائزة الكبرى، فيما تولى آخرون لا يجيدون حتى القراءة إحراق مكتبة الجامع التي تعد من أكبر المكتبات الصوفية في تعز، بل وفي اليمن عموماً، نظراً لما تحتويه من مصنفات دينية نادرة.. ولأن النظام السعودي بمملكة الدواعش قد تورط في عدوان فاق قدراته المنتفخة بعائدات النفط، ولأنه لا يجيد سوى الكشف عن وجهه القبيح في الأزمات، فقد دفع مرتزقته من مسلحي التنظيمات الإرهابية الداعشية والسلفية المسيطرة على أحياء مدينة تعز وريفها الجنوبي في مديرية صبر الموادم، إلى اقتحام قرى عزلة الصراري المحاصرة منذ أكثر من سنة، ليس لتسجيل انتصار في هذه العزلة النائية ذات القرى الصغيرة المتناثرة، بل لإنتاج أزمة من شأنها صرف الأنظار عن الانتكاسات الكبرى التي واجهت كتائب الجيش المعتدي السعودي في جبهات ما وراء الحدود.
أفلح النظام السعودي قطعاً بركن المهمة على المئات من دواعشه الذين هرعوا لاقتحام القرية برايات سود وعربات سود ونيات أكثر اسوداداً.. لكنه زج بمرتزقته والعشرات من المغرر بهم، في أتون أزمة ملاحقة وقصاص لن يفلتوا منها، بل لن يجدوا معها، مخبأً فوق الأرض ولا تحتها.. ففي غمرة نشوة النصر الهلامي فقد المرتزقة البوصلة، ووثقوا جريمتهم المشهودة بالصور والفيديو.
ظنوا أن جرماً كهذا سيسجل انتصاراً كبيراً يرضون به مسيريهم المختبئن خلف منابر مملكة داعش.. ولعلهم ظنوا أن جرماً كهذا سيمنحهم الحصانة والامتيازات، وسيفتح لهم الخزان السعودية المقفلة.
كعادتهم ينهزمون في مواجهة الأبطال، فيذهبون لتعويض هزائمهم باستئسادهم على المدنيين الأبرياء، وما أقدم عليه تحالف العدوان بتحريك زعانف الإخوان لارتكاب أبشع جريمة بحق منطقة الصراري في تعز، شاهدٌ على نواياهم الحقيقية تجاه كل اليمن.
تهجير، وإحراق منازل ومساجد، وتصفية المنطقة من أبنائها، من أهلها، من سكانها، في أكبر وأخطر عملية تطهير تنفذها مليشيا الإخوان داخل اليمن، وداخل محافظة تعز.
هي مأساة اسمها الصراري والوحوش الضارية، وهي لا تختلف كثيراً عن تلك المآسي الإجرامية للدواعش والمرتزقة في أكثر من دولة؛ هنا تتوالى أحداث جريمة المرتزقة في الصراري من الاقتحام والقتل والتدمير والاعتقال، إلى نبش قبور الشهداء وإحراق جثثهم، وقتل المختطفين عنوة واعتقال ذويهم.
ويبدو من خلال تسجيلات الفيدو التي وزعها التكفيريون، أن ما يجري هو عملية تطهير عرقي، حيث إن داعش والتكفيريين في اليمن يكفرون سكان القرية لأنهم هاشميون من ذرية الرسول.
كما يظهر التسجيل المصور للمسلحين الذين عقدوا مؤتمراً صحفياً للاحتفال باقتحام القرية، أن قادة الجماعات المسلحة كانوا المسؤولين المباشرين عما يجري من بشاعة، وأبرزهم: القيادي الإصلاحي عارف جامل، وعبدالله السبئي ومؤمن المخلافي التابعين للمرتزق حمود سعيد المخلافي, بالإضافة للقيادي في تنظيم القاعدة المدعو عدنان زريق (قائد كتائب حسم) الذي عينه الخائن الفار عبد ربه منصور هادي قائداً لما يسمى المقاومة الشعبية في تعز، والذي تولى المسؤولية الميدانية المباشرة عن عملية الاقتحام والتهجير والقتل والاعتقال في قرية الصراري. وجل هؤلاء متورط بالكثير من عمليات سحل سابقة وجريمة إبادة بحق أفراد ينتمون لعائلة واحدة هي آل الرميمة في منطقة مشرعة وحدنان بمحافظة تعز، وقتل فيها قرابة 50 شخصاً، بينهم نساء وأطفال.
لتأتي قناة إسرائيل الجزيرة لتفتح فضاءها لعصابات الهاغانا الإخوانية، وتسمح لها بتصوير جرائمِها على أنها انتصارات، والمجتمع الدولي الأعمى والأرعن يغض الطرف عن مثل تلك الوحشية، ويزيد عليها بمطالبة القوى الوطنية بتسليم السلاح، والانسحاب من المدن. فيما لا يهمه مطلقاً التمدد الممنهج لفوضى العناصر التكفيرية والداعشية، وبرعاية قوى التحالف، وعلى رأسها النظام السعودي.. وهل بعد إحراق الصراري، وتهجير أهلها وسكانها، إلا تأجيج للحرب، ودفع البلاد نحو محرقة يشبُّ نيرانَها إخوانُ الشياطين، وكهنةُ العدوان، ومرتزقة آل سعود، وأشباه الصهاينة وشذاذُ الآفاق ممن مردوا على النفاق والتزلف باسم أبنائها في مواقع التواصل الإجتماعي بهدف التمويه وشق صفوف لحمة أبناء تعز والقوى المتصدية للعدوان على الوطن.
لا شيء يهم بالنسبة لمفارز إنتاج الإرهاب الداعشي المتطرف في المؤسسة الوهابية السعودية، سوى تقديم الدليل على ذلك السلوك الهمجي البريري باقتحام المساجد ونبش الأضرحة وشن الهجمات البربرية على المخالفين من المذاهب الدينية، فهو وحده ما سيفتح لهم الخزائن في حفلات توزيع الجوائز الوهابية.

مواجهة طاعون مميت
وقع الجريمة على مختلف التيارات السياسية والاجتماعية والثقافية والطلابية والمدنية في اليمن، كان صادماً، وقوبل بإدانات واسعة لما اعتبرته هذه التيارات توجهاً عدوانياً ممنهجاً لبث الخوف والرعب في نفوس اليمنيين، بهدف هز ثقتهم في مشروعهم الوطني للدفاع عن كرامتهم وسيادة بلدهم أمام عدوان بربري همجي تشنه السعودية والإمارات ومن ورائهما أمريكا وإسرائيل، مرتكبة أبشع الجرائم بحق الشعب اليمني، يندى لها جبين الإنسانية.
أدينت سواطير المسوخ المنهمكة في الذبح, وانطلقت بعد مجزرة الصراري حملة تغريدات واسعة عبر موقع التواصل الاجتماعي (تويتر)، للتضامن مع أهالي قرية الصراري بمحافظة تعز، وما يتعرضون له من قتل وتشريد وإعدام للأسرى من المدنيين الأطفال والنساء والمسنين، من قبل مرتزقة العدوان السعودي الأمريكي.
ولاقت المذبحة موجة غضب واستنكار عارمين في صفوف المجتمع المدني والحقوقي والأحزاب في اليمن.
وأدانت الأحزاب والشخصيات والمنظمات والهيئات الدينية، هذه المذبحة، وطالب الجميع بهبة شعبية لمحاربة الفكر المتطرف وعصاباته الإجرامية، وحملوا السعودية مسؤوليتها، وقالوا إن التكفيريين حصلوا على الضوء الأخضر منها لارتكابهم مذبحتهم في الصراري.. وحمل المجلس السياسي لأنصار الله تحالف العدوان السعودي الأمريكي ومرتزقته وكل المنضوين تحته من الأحزاب السياسية، كامل المسؤولية عن الجرائم الوحشية التي ارتكبت في قرى الصراري وما سبقها في مشرعة وحدنان.
وحذر المجلس السياسي لأنصار الله، في بيان صادر عنه مساء الثلاثاء، من ارتكاب أية جرائم بحق المختطفين، وأنها لن تمر دون عقاب ولن تسقط بالتقادم.
وقال البيان: (تابع المجلس السياسي لأنصار الله الجرائم النكراء التي يرتكبها مرتزقة العدوان السعودي الأمريكي بحق أبناء قرية الصراري وما جاورها في محافظة تعز، من قصف وقتل وترويع للنساء والأطفال, واختطاف للعشرات، وإحراق للمساجد والبيوت).. ودان المجلس السياسي هذه الجرائم النكراء بأشد العبارات، واعتبرها وصمة عار تضاف إلى السجل الإجرامي للعدوان السعودي الأمريكي التحالفي ومرتزقته من الدواعش والفكر التكفيري وكل المنضوين تحت تحالف العدوان, وأن هذه الجرائم إنما تعبر عن مقاصد العدوان في إثارة الفتنة الطائفية والمناطقية بين أبناء الوطن الواحد، التي عجز عن إشعالها في الماضي بفضل يقظة أبناء الشعب اليمني العظيم وتفويتهم الفرصة لنجاح مخططاته الإجرامية.
كما حمل المجلس السياسي كل المتواطئين والصامتين مسؤولية ارتكاب هذه الجرائم التي تسيء إلى أبناء محافظة تعز، وإلى قيم التعايش وموروث التسامح الذي تعايش اليمنيون في ظله مئات السنين. داعياً (كل قبائل اليمن وعلمائه وكل القوى السياسية والمنظمات إلى إدانة هذه الجرائم التي تتنافى مع قيم وأخلاق شعبنا اليمني الأصيل، والوقوف جنباً إلى جنب مع الجيش والأمن واللجان الشعبية لتعزيز دورهم في محاسبة هؤلاء المجرمين وبسط الأمن والاستقرار والدفاع عن حياة وكرامة أبناء الشعب اليمني والقضاء على هذه المشاريع التي تحاول قوى البغي، وعلى رأسها أمريكا وإسرائيل، وأدواتهم في المنطقة، وفي مقدمتها النظام السعودي، فرضها في اليمن من خلال هذه الجماعات الإجرامية التي فتكت بشعوب كثيرة تحت رعاية أمريكا وإسرائيل والنظام السعودي).
فيما أكد الناطق الرسمي باسم أنصار الله محمد عبد السلام, أن جريمة الصراري البشعة تؤكد صوابية موقف الجيش اليمني واللجان الشعبية في دحر العدوان وقطع اليد الداعشية التي أصبحت تطال اليمنيين دون استثناء.
وقال بيان الوفد الوطني المفاوض في الكويت (لطالما حذرنا الأمم المتحدة والمجتمع الدولي طوال الأيام الماضية من وقوع هذه الجرائم في هذه القرية المسالمة الخالية من الجيش واللجان الشعبية، وطالبناهم بالتحرك العاجل لتفادي ما حدث اليوم، ولكن للأسف لم تحدث أية استجابة).
واختتم الوفد الوطني بالقول: (نؤكد احتفاظنا بحقنا في اتخاذ الموقف الذي نراه مناسباً خلال الأيام القادمة تجاه هذا التصعيد الخطير من قبل العدوان ومرتزقته الذي يحظى بتواطؤ دولي فاضح، مطالبين قبل ذلك الحين المجتمع الدولي والأمم المتحدة بالتحرك الفوري للإفراج عن المختطفين وإنقاذ ما تبقى من القرية وساكنيها، بالإضافة لسحب مجموعات المرتزقة المسلحة فوراً من قرية الصراري، ووقف كافة أعمال التصعيد العسكري في عموم اليمن).
وحملت لجنة التهدئة والتنسيق لوقف إطلاق النار بمحافظة تعز، الأمم المتحدة مسؤولية ما يجري من مجازر وانتهاكات بحق المدنيين في قرى عزلة الصراري المحاصرة بمديرية صبر الموادم بمحافظة تعز.
وأكدت اللجنة، في بيان لها, أن الأمم المتحدة لم تقم بواجبها في حماية المدنيين وتنفيذ الاتفاقات، مطالبة الأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية والإنسانية المحلية والعربية والدولية بالتحرك الجاد والسريع، وتحمل مسؤوليتهم تجاه المدنيين الذين يتعرضون لحرب إبادة في قرى عزلة الصراري.
وكان سكان قرية الصراري وجهوا نداء استغاثة لإنقاذ حياة مئات العائلات الواقعة تحت الحصار والقصف العشوائي من التحالف السعودي ومن معهم الذين يحاصرون القرية منذ أكثر من عام، في ظل عمليات قصف مستمر أسفرت عن مقتل الكثير من الأبرياء وتضرر عدد كبير من المنازل.. وقال سكان من أبناء القرية إن أدوات التحالف السعودي يحاولون اقتحام القرية التي تقطنها مئات العائلات بالتوازي مع القصف المستمر ومنع إدخال الغذاء والدواء.
وناشد السكان الأمم المتحدة والمنظمات الدولية أن تنظر بعين الإنسانية إلى النساء والأطفال الذين يعانون منذ أكثر من عام رزحاً تحت القصف والجوع والحصار والمرض، ويأملون العيش بسلام.
تبرز قدرة اليمن على تجاوز العدوان وأساليبه من كون أن العدو لا يملك حقاً ولا شرعية، وينتهك الأعراف والقيم والمقدسات، ويرد على الانتصارات في الجبهات باستهداف المدنيين العزل والقرى وانتهاك حقوق الإنسان.. فالصراري مثالٌ ورسالة، والمُرسَل إليه هو كل قرية ومديرية وقفت ضد العدوان، والكرة باتت في مرمى الشعب، وهو لم يتأخر، إذ سارع إلى الاستنفار لا مندداً ولا مستنكراً، بل مؤكداً جهوزيتَه الكاملة ليرد الرسالة إلى مُرسِلها بإسناد الجبهات، والدفع نحو تصعيد الرد في الحدود لتدرك مملكة آل سعود الإسرائيلية أنها المسؤول عن كل ما يرتكبه زعانفُها من عمليات تطهير وتدمير، وعليها أن تدفع الثمن باهظاً، وما قُتل لها اليوم من جنود، ودُمر لها من عربات في الحدود، لا يساوي شيئاً في ما ينبغي أن ينالها جراء وحشيتها وعدوانيتها المقيتة، وحرب الاستنزاف معها مستمرة، وأية جريمة للمرتزقة، فالقضاء في آل سعود، وهذا أول جواب لشعبنا على رسالة الصراري.