بعد غيابها للعام الثالث على التوالي، انتفضت وزارة الإعلام لإعادة إصدار صحيفة (الجمهورية)، التي تعد أحد الوجوه المكونة لهوية اليمن الجمهوري بعد ثورة 26 سبتمبر 1962، إلا أن (الجمهورية) كانت أحد المعالم الغائبة في احتفالات اليمن بالعيد الـ55 لثورة 26 سبتمبر.
نهب وإهمال 
أقدمت عصابات المرتزقة في مدينة تعز على نهب كافة الأصول المملوكة لصحيفة (الجمهورية)، والتي يقدر بعض المختصين في المؤسسة قيمتها بأكثر من 3 مليارات ريال، بما في ذلك آلة طباعة حديثة من نوع (كي. بي. إيه)، تم تركيبها في العام 2010، وبلغت تكلفتها ملياراً و200 مليون ريال، تم تمويل شرائها بقرض يسدد من الخزينة العامة للدولة. 
قضية مؤسسة الجمهورية قوبلت بإهمال شديد من قبل مؤسسات الدولة، التي لم تحرك ساكناً لانتشال (الجمهورية) والاستفادة من كوادرها.

خسائر معنوية 
لكن خسائر الجمهورية لاتقتصر على الخسائر المادية المتمثلة بالأصول المنقولة من مطابع وأجهزة وأثاث، بل إن أرشيف الصحيفة الذي كان يضم كل المطبوعات الصادرة في اليمن منذ العام 1962، إضافة الى عدد من المطبوعات التي كانت تصدر قبل ثورة 26 سبتمبر، أحرق على يد المرتزقة أثناء اقتحامهم لمقر المؤسسة في تعز.

موقع محجوب 
حالياً تم حجب الموقع الإلكتروني لصحيفة (الجمهورية)، على خلفية عدم تسديد الرسوم الخاصة بالموقع، إلى جانب حجب ما تمت أرشفته إلكترونياً لأعداد الصحيفة منذ العام 1962 إلى 2005م، بشكل متعمد، من قبل القيادة السابقة للمؤسسة، قبل أن يتوقف الموقع الخاص بالصحيفة.

العصا السحرية 
في الآونة الأخيرة شرعت قيادة وزارة الإعلام بالتوجه نحو إعادة إصدار صحيفة (الجمهورية)، عبر تكليف قيادة جديدة للمؤسسة، إلا أن تلك التوجهات من وجهة نظر عدد من العاملين في (الجمهورية)، تبدو مغرقة في الحماس، وغير مدركة للفجوة الحاصلة بين الرغبة في إعادة إصدار الصحيفة والظروف الصعبة التي تمر بها البلاد.
ورغم أن مصادر مطلعة قالت لصحيفة (لا) إن (مطابع مؤسسة الجمهورية) متواجدة لدى بعض الأشخاص في تعز، وأنهم على استعداد لتسليمها مقابل مبلغ من المال، إلا أن ذلك من وجهة نظر بعض المختصين في المؤسسة غير كافٍ لحل كل مشاكل إعادة الإصدار.

من أجل إضافة نوعية 
يرى عدد من العاملين في المؤسسة أن إعادة إصدار صحيفة (الجمهورية) تتطلب دراسة جادة ورؤية واضحة تأخذ بعين الاعتبار كافة التحديات المتمثلة بشحة الإمكانيات المادية، ونوعية الخطاب الذي سيقدم من خلال الصحيفة، وبما يجعل من إصدار (الجمهورية) إضافة نوعية للمشهد الإعلامي في البلاد، في ظل مواجهة العدوان.

النوايا الحسنة لاتكفي 
لا يمكن للنوايا مهما كانت حسنة أن تقفز فوق العثرات المادية التي تواجه مسألة إعادة إصدار صحيفة (الجمهورية) كما كانت قبل العدوان، وإن المشاكل الكثيرة لا يمكن حلها بتعيين فلان أو علان على رأس قيادة المؤسسة والصحيفة، فهو لا يمتلك عصا سحرية لإعادة إصدار الصحيفة بحركة أو إشارة من عصاه، بل مرتبطة بمدى توفر الإمكانيات اللازمة والضرورية لإعادة إصدار الصحيفة، ومتى ما توفرت هذه الإمكانيات يمكن إعادة إصدار الصحيفة.

تحديات وأمنيات 
ويرى الزميل عبدالرحمن مطهر، صحفي في (الجمهورية)، أن إعادة إصدار الصحيفة يعد مسألة صعبة في ظل الظروف الراهنة التي تمر بها اليمن، لذلك يمكن إصدارها مجدداً أسبوعياً بشكل مبدئي، والاهتمام كذلك بموقع الصحيفة المغلق حالياً بسبب عدم تسليم مبلغ الاشتراك السنوي.
ويضيف مطهر قائلاً: على أن تنفتح الصحيفة وموقعها على مختلف الاتجاهات، لا أن تكون نسخة مكررة من صحيفة (الثورة)، في إطار مقارعة العدوان الغاشم وكشف جرائمه في مختلف المحافظات.
  
خطة عادلة تشمل الجميع 
الزميلة إيمان الحنظلي، أحد العاملين في (الجمهورية)، اقترحت من جهتها أن يتم تفعيل موقع الصحيفة الإلكتروني بالتزامن مع العمل على تشغيل الصحيفة بشكل عام.
وأضافت الحنظلي أنه يجب أن تتوافر خطة عادلة تأخذ بعين الاعتبار ظروف كوادر المؤسسة المشتتين في مختلف مناطق البلاد، وإشراكهم بالعمل. مشيرة إلى أن الوضع الحرج لصحيفة (الجمهورية) يتطلب نقاشاً جاداً بين المسؤولين في الحكومة والمؤسسة والعاملين من محررين صحفين وفنيين وإداريين.

إجراءات غير منصفة 
 توجهات وزارة الإعلام لإصدار صحيفة (الجمهورية) مجدداً، ولدت مصحوبة بالكثير من الإرباكات، فقد تم حجز نصف الراتب الخاص بموظفي المؤسسة، بعد أن تم إيقافه لمدة تزيد على 20 يوماً في وزارة المالية، بناء على توجيهات وزير الإعلام، وقد أثارت اشتراطات حضور الموظف لتسلم الراتب يداً بيد موجة من التساؤلات بين موظفي المؤسسة حول جدوى هذا الإجراء تجاه موظفي مؤسسة الجمهورية الذين أصبحوا نازحين في شتى أنحاء اليمن بعد أن أجبرتهم المواجهات المسلحة داخل مدينة تعز على مغادرة المدينة، إلا أنه تم التراجع عن تلك الإجراءات المتعلقة بصرف نصف الراتب، حيث تم بعد 3 أيام إرسال نصف الراتب لموظفي المؤسسة في أماكن نزوحهم. 

ارتجالية لا تخدم 
 تصرفات وزارة الإعلام التي وصفت بـ(المرتبكة) حيال إعادة إصدار صحيفة (الجمهورية)، دفعت عدداً من العاملين في المؤسسة إلى الاعتقاد بأن هناك الكثير من الارتجالية في عمل وزارة الإعلام، وهي ارتجالية يقول البعض إنه لايمكن المراكمة عليها للمضي بأي عمل.

قبل أن يسرقها الاحتلال 
مآخذ كثيرة تشوب أداء وزارة الإعلام، حيث يعتقد البعض أن الوزارة لم تدرك على ما يبدو لحد الآن خطر مشاريع العدوان الهادفة إلى محو هوية الدولة في اليمن، وتدمير مؤسسات الدولة، بغرض خلق ملامح جديدة لليمن تتناسب مع مشروع الاحتلال، فقد بادرت قوى المرتزقة إلى استنساخ صحيفة (26 سبتمبر) في مأرب، وعلى حكومة الإنقاذ ووزارة الإعلام أن تبادرا الى تفعيل منابر الإعلام الوطني قبل أن تسنسخ وتسبغ بطابع العدوان والاحتلال.