كتبه: كين ديلانيان وكورتني كيوب

واشنطن: عندما زار ترامب مقر قيادة (سي آي إيه) في الأسابيع الأولى من رئاسته، قام بجولة حول الطابق الآمن، حيث تنفذ ضربات الطائرات بدون طيار ضد الإرهابيين المشتبه بهم، أخبر مسؤولون أمريكيون حاليون وسابقون (إن بي سي نيوز): مندهشاً ومعجباً بما رآه نقل ترامب لمدير وكالة المخابرات المركزية القادم مايك بومبيو ومجموعة ضباط الوكالة، أنه أرادهم أن يتخذوا موقفاً أكثر عدائية, كما يقول مسؤولون أمريكيون حاليون ومسؤول سابق اطلعوا على تلك الزيارة.
بعد ذلك بقليل, كشفت مصادر عدة أن (سي آي إيه) بدأت بتنفيذ ضرباتها الجوية في سوريا التي ربما لم يكن مسموحاً بها في ظل إدارة أوباما، حيث أخذ الجيش بزمام المبادرة لاستهداف القادة المسلحين.
منح البيت الأبيض مزيداً من الصلاحية والاستقلالية لوكالة المخابرات المركزية ليكون بمقدورها أن تقرر أين ومتى يمكن للولايات المتحدة أن تضغط على الزناد في أماكن مختلفة حول العالم، بما فيها اليمن، حيث ينفذ الجيش معظم الضربات الجوية وفقاً لأربعة مسؤولين أمريكيين كانوا قد اطلعوا على عمليات مكافحة الإرهاب التابعة للوكالة، يقول هؤلاء المسؤولون: والنتيجة أقل من الإدارة الصغيرة لقرارات الاستهداف من قبل البيت الأبيض.
والآن تدرس إدارة ترامب تغييرات إضافية في السياسة التي من شأنها أن توسع من سلطة وكالة المخابرات المركزية للقيام بضربات الطائرات بدون طيار في عدد من البلدان سواء أكانت داخل أو خارج مناطق الحرب. مثل هذه الخطوة سوف تعكس سنوات من الجهد بذله الرئيس باراك أوباما ليقلل دور وكالة المخابرات المركزية في القتل الممنهج، وتحويل تلك المسؤولية إلى الجيش، وهذا قد يعني أيضاً مزيداً من الضحايا المدنيين إثر ضربات طائرات الاستخبارات المركزية.
في تقرير هذه القصة تحدثت (إن بي سي نيوز) مع مسؤولين في وكالة الاستخبارات والبنتاغون والكونجرس والبيت الأبيض, جميعهم طلبوا عدم الكشف عن هويتهم، لمناقشة برنامج سري محظور تداوله.
في أوج نشاطها القاتل في ظل إدارة أوباما كانت (سي آي إيه) تنفذ ما لا يقل عن غارتين لطائرات بلا طيار على التوالي في أسبوع في باكستان, جادل بعض المسؤولين الحاليين أن تغيير وكالة التجسس الأمريكية إلى ما سماها ضابط في (سي آي إيه) (آلة قاتلة) قد سبب تآكلاً في مهمته الجاسوسية التقليدية ضد الأعداء كل من روسيا والصين, أدت بيئة التهديد المتغيرة وقواعد أوباما الجديدة إلى انخفاض حاد في وتيرة ضربات وكالة الاستخبارات في السنوات الأخيرة.
أخبر مسؤول أمريكي رفيع المستوى على معرفة مباشرة به: دفع بومبيو نحو المزيد من حرية التصرف، فهو يريد من ترامب أن يأذن لوكالة التجسس بضرب أهداف في أفغانستان التي كانت لمدة أرضاً تابعة للجيش، جريدة (نيويورك تايمز) هي أول من نشر تلك الأخبار، الأسبوع الماضي.
قال العديد من المسؤولين: يقوم البيت الأبيض أيضاً حالياً بصياغة سياسة جديدة مكتوبة تخص عمليات مكافحة الإرهاب خارج مناطق الحرب التي من شأنها أن تفوق ما يسمى (دليل بلا طيار) الذي كان يأمل أوباما أن يحكم قرارات الرؤساء في المستقبل.
يتضمن دليل التشغيل بلا طيار المعروف بدليل السياسة الرئاسية أو PPG، حكماً يقضي بعدم تنفيذ ضربات إلا إذا أقر محللون كيميائيون بوجود شبه يقين من أنه لن يتعرض أي مدني للأذى، ويتضمن حكماً يحظر إضافة معتقلين جدد إلى السجن الأمريكي في خليج جوانتانامو في كوبا, أخبر المسؤولون المشاركون في التخطيط (إن بي سي نيوز) أن إدارة ترامب تنوي إزالة كل من هذين القيدين, وهذه التطورات تتعلق بالناشطين في مجال حقوق الإنسان الذين يجادلون بأن وكالة الاستخبارات المركزية أقل مساءلة من الجيش.
يقول كبير مديري برامج منظمة العفو الدولية في الولايات المتحدة الأمريكية: (إن آخر ما يمكن أن تقوم به الولايات المتحدة في الوقت الحالي، هو توسيع برنامج القتل السري العالمي, إن قبول أمريكا باستخدام الطائرات بدون طيار أدى إلى مقتل المدنيين، ولم يكن هناك مساءلة بما فيه الكفاية، ويشير المسؤولون الأمريكيون الذين يؤيدون التغييرات إلى أنه على ما يبدو أن حملات القصف العسكرية للجيش في العراق وسوريا قد قتلت مدنيين أكثر بكثير من الطائرات بدون طيار الأمريكية، ولكن من الصعب وضع مثل هذه المقارنات، لأن ضربات وكالة الاستخبارات المركزية سرية، ولن تقوم حكومة الولايات المتحدة بتأكيدها رسمياً، فلا مجال للأطراف الخارجية لأن يقدروا تأثيراتها وفعاليتها, في السنوات الأخيرة، يقول مسؤولون إنه انخفضت وتيرة ضربات الطائرات بدون طيار الأمريكية في كل البلدان تقريباً التي كان متواجداً فيها الجيش وينفذ فيها ضربات جوية، مثل أفغانستان والعراق وسوريا واليمن، لكن ذلك يعني أيضاً أنه من غير الممكن لمجموعة الأطراف الخارجية أن تحدد عدد الغارات التي نفذتها المخابرات المركزية، يقول مسؤولون أمريكيون، وهناك عامل آخر هو أن وكالة الاستخبارات المركزية وقيادة العمليات العسكرية المشتركة الخاصة قد قامت ببرامج قتل متفرقة، في الأعوام الأخيرة، أصبح من الأسهل على المخابرات أن تقوم بتجميع المعلومات حول هدف ما، وأن تجعل الجيش يضغط على الزناد أو العكس.
قال بيل روجيو، رئيس تحرير جريدة (لونج وار)، وهو موقع على شبكة الإنترنت الذي تعقب الضربات لسنين معتمداً على وسائل الإعلام المحلي وغيرها من مصادر المعلومات: من المستحيل أن نعرف مع اليمن، ومن المستحيل أن نعرف مع سوريا كم من الغارات نفذتها المخابرات المركزية.
المستثنى من ذلك باكستان حيث بشكل عام لا يقصف الجيش الأمريكي هناك، وحيث تقلص خطر تهديد القاعدة مؤخراً، نفذت وكالة الاستخبارات في أفغانستان 5 غارات لطائرات بلا طيار في 2017م، ابتداءً من السنوات الـ3 الأخيرة، وفقاً لجريدة (لونج وار)، من غير الواضح ما إذا كان تعديل ترامب لطائرات أوباما (التشغيل بدون طيار) سوف لن يطبق في سوريا والعراق وأفغانستان, ولم تستخدم أيضاً حتى الآن في أجزاء من اليمن والصومال، والتي أعلنها الجيش الأمريكي مناطق حرب أمريكية نشطة، لكن مسرح الأحداث لايزال في مكانه بالنسبة لباكستان، ويمكن للمخابرات أن تنفذ غارات جوية في أي مكان آخر عداها في ليبيا وأجزاء أخرى من شمال أفريقيا، حيث أصبح داعش يمثل حضوراً معضلاً متزايداً.
في مناطق الحرب مثل العراق وسوريا ما يسمى قانون الحرب الذي معاييره تقضي بأن نتسامح مع الخسائر في صفوف المدنيين طالما أن الأهداف عسكرية والأضرار الجانبية نسبية مقارنة بالمكسب العسكري.
يقول مسؤولون في الأمن القومي الأمريكي إنهم لم يروا أية إشارة على أن ترامب يسعى إلى متابعة بعض الخطابات المتطرفة التي استنبطها في الحملة الانتخابية، بما فيها دعواته لقتل أسر الإرهابيين وتوظيف أساليب الاستجواب (التي هي أسوأ من التجديف)، أي تقنية الغرق المحاكاة المستخدمة على ثلاثة عناصر من القاعدة، والتي يعتبرها الكثير تعذيباً.
امتنع البنتاغون ووكالة الاستخبارات المركزية عن التعليق، ولم يستجب البيت الأبيض لأي من المطالبات بالتعليق.
NBC NEWS
18 سبتمبر 2017