ترجمة خاصة لـ(لا ميديا): محمد إبراهيم زبيبة

ديكلان ووش (نيويورك تايمز)
انطلق الثلاثاء وقف إطلاق نار مدعوم دولياً في ميناء الحديدة في اليمن، ببداية هشة اندلع فيها القتال في اللحظات الأولى من بدء سريانه في منتصف الليل.
توقفت الاشتباكات بعد ذلك بساعات، وبحلول نهار الثلاثاء، حظي سكان الميناء الذي تمزقه الحرب بأول فترة راحة لهم منذ اندلاع القتال في شهر يونيو، والذي أدى إلى تشريد ما لا يقل عن 550 ألف شخص وقتل الآلاف من المدنيين.
تهدف الهدنة التي توصلت إليها الحكومة اليمنية المدعومة من السعودية وأعداؤهم الحوثيون، في الأسبوع (قبل) الماضي، في السويد، إلى ضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى مدينة الحديدة، التي تمثل قناة لـ70% من المساعدات لليمن. وأعطى هذا الاتفاق آمالاً بأن يتمكن المتحاربون من بدء محادثات شاملة لإنهاء الحرب التي دفعت أفقر دول العالم العربي إلى حافة كارثة إنسانية.
لكن وقف الأعمال العدائية، الذي أعقبه نهاية أسبوع من الاقتتال العنيف في المدينة، هو وقف هش. وما الطلقات المتقطعة التي وقعت في وقت متأخر من يوم الثلاثاء إلا بمثابة تذكير أن القتال العنيف هناك، بدون دعم دولي متضافر، يمكن أن يستأنف.

ما هي الخطة لجعله وقف إطلاق نار دائماً؟

وافقت الأطراف المتحاربة، في المحادثات التي جرت في السويد، الأسبوع (قبل) الماضي، على سحب قواتها في الحديدة إلى حدود المدينة في غضون 21 يومًا، تحت إشراف لجنة تقودها الأمم المتحدة. ويقول مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن، مارتن غريفيث، إنه يريد أن يرأس اللجنة باتريك كاميرت، الجنرال الهولندي المتقاعد الذي سبق أن قاد قوات الأمم المتحدة لحفظ السلام في جمهورية الكونغو الديمقراطية وعلى طول الحدود بين إثيوبيا وإريتريا.
ولجعل الصفقة متماسكة، يأمل السيد جريفيث في الحصول على موافقة مجلس الأمن على قرار يدعم جهود السلام الأخيرة. وعلى نطاق أوسع، فإنه يأمل في البناء على تصاعد الاهتمام الدولي باليمن في الأسابيع الأخيرة التي بلغت ذروتها، في 13 ديسمبر، في خطوة مذهلة في واشنطن، عندما صوت مجلس الشيوخ لإنهاء كل الدعم العسكري الأمريكي للسعودية قائدة التحالف في اليمن.
من المرجح أن يكون للقرار، الذي كان له دعم من الحزبين، تأثير رمزي وليس ملموساً، على الأقل حتى يؤدي مجلس النواب الجديد اليمين الدستورية. ولكنه أرسل إشارة واقعية للرئيس ترامب، وهو حليف قوي للسعودية، بأن سياسته في اليمن الآن خاضعة لتدقيق مكثف.
ترجمة خاصة لـ(لا ميديا): محمد إبراهيم زبيبة

لماذا هذا الاهتمام العالمي الكبير باليمن الآن؟

أحد الأسباب: احتمال المجاعة الكارثية.
وجد مسح أجرته مؤخراً الأمم المتحدة أن 16 مليون يمني يعانون من نقص في الغذاء، و5 ملايين يعيشون في ظروف ما قبل المجاعة، و63.500 آخرين يموتون من الجوع. وقد ازدادت هذه الأرقام بنسبة 42% منذ إجراء المسح الأخير في مارس 2017، مما أثار احتمال حدوث مجاعة على مستوى البلد.
إن الصور المؤلمة للأطفال الظاهرة هياكلهم العظمية، كالطفلة أمل حسين، التي توفيت في أكتوبر، قد أثارت اهتمام الرأي العام بالأزمة التي كانت قد طغت عليها حتى وقت قريب مناطق صراع شرق أوسطية أخرى مثل سوريا والعراق.
لكن التركيز الجديد على اليمن هو أيضاً نتاج لسياسات دولية. 
حيث شكل الغضب العالمي الناتج عن جريمة قتل المنشق السعودي جمال خاشقجي، موجة عداء ضد ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، والذي تقول وكالة الاستخبارات الأمريكية إنه مسؤول عن القتل.
وكان التصويت على وقف الدعم الأمريكي للحرب السعودية على اليمن، بالنسبة لبعض أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي، عبارة عن وسيلة لتسجيل سخطهم على ولي العهد، ورفض الرئيس ترامب اتخاذ إجراءات عقابية، على الرغم من تزايد الأدلة على دوره في مقتل خاشقجي.

هذه إذن أخبار جيدة لليمنيين الذين أتعبتهم الحرب، أليس كذلك؟

الإجابة هي نعم ولا. فصحيح أن التركيز الدولي المفاجئ على اليمن ضغط على الطرفين للقدوم الى طاولة المحادثات. وإدارة ترامب، التي تأمل في إخماد انتقادات دعمها للسعوديين، أوقفت تزويد مقاتلات التحالف في اليمن، بالوقود، في محاولة لوقف معدل الإصابات الكبير بين المدنيين، حيث قتل الآلاف منهم منذ 2015 بأسلحة وذخائر أمريكية، إلا أنه هناك أيضاً مخاوف من أن الإيفاء بالوعود التي تم قطعها من قبل الطرفين في السويد، سيكون أمراً صعباً عليهما، وأن القتال إذا تم استئنافه، قد يكون أكثر شراسة، وأعلى كلفة بشرية من أي وقت مضى.
لقد انهارت اتفاقيات وقف إطلاق النار السابقة، والتي كان آخرها في 2016. والخبراء يقولون إنه، وعلى الرغم من تحركات السلام، لا يزال كلا الطرفين متحمسين لمواصلة الحرب.
في الأشهر الستة الماضية، قادت الإمارات، حليف السعودية الرئيسي، قوة عسكرية قاتلت حتى وصلت إلى بوابات الحديدة، على أمل أن تنتزع المدينة من سيطرة الحوثي، الأمر الذي سيشكل ضربة قوية لتلك الجماعة. لكن المحللين اليمنيين يقولون إنه من غير الواضح ما إذا كان فقدان المدينة سيؤدي إلى استسلام الحوثيين أو حتى جعلهم يقاتلون بشكل أقوى.
وحتى مع هدوء جبهة الحديدة، يستمر القتال في الجبهات الأخرى في اليمن (كما هو الحال في محافظة حجة).

ما هي الخطوة التالية في الحديدة؟

يوم الثلاثاء، انتظر سكان المدينة القلقون لمعرفة ما إذا كانت الهدنة ستصمد. وقال البعض إن ميليشيات الحوثي قد ألقت القبض على عشرات الأشخاص من الأحياء الشرقية والجنوبية، في حين احتدمت المعارك في الأسابيع الأخيرة.
وقال أنور سالم، وهو مدرس، إن إطلاق النار الذي وقع مساء الثلاثاء، كان من بين أعنف ما سمعه: (يمكنك سماعها من كل مكان).
في الأسبوع (قبل) الماضي، في السويد، ابتهج الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، عندما تبادل ممثلو الحوثي والحكومة اليمنية الابتسامات، وتصافحوا. لديه الآن مهمة أصعب، أي تحويل تلك الإيماءات إلى حقائق على الأرض.
وقال فارع المسلمي، من مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية إن السبب الأكبر للتفاؤل الآن هو أن الجانبين اتفقا على الاجتماع مرة أخرى في يناير. عدا ذلك، سيكون مجرد تكهنات. لذلك سيكون علينا أن ننتظر لنرى.

18 ديسمبر 2018

https://www.nytimes.com/2018/12/18/world/middleeast/yemen-cease-fire.html