حلمي الكمالي/ لا ميديا

ظهر المنتخب الوطني الأول بصورة هزيلة للغاية خلال مشاركته في التصفيات النهائية لبطولة كأس آسيا التي تقام حالياً في الإمارات، وبالرغم من أن الفريق قدم مستوى عالياً ورائعاً في التصفيات المؤهلة للنهائيات، إلا أن مستواه تراجع بشكل كبير في التصفيات النهائية، حيث ودع البطولة من الدور الأول بصفر نقاط وصفر أهداف، وبمرمى مثقل بـ10 أهداف كاملة.
الأمر الذي أثار استياء وغضب عشاق الأحمر وحزنهم على فريقهم وتساؤلهم عن أسباب تراجع الفريق وظهوره بمستوى مخزٍ بعد أن كان قد قفز للتو إلى ميادين البطولات الدولية في إنجاز تاريخي هو الأول خلال مسيرته.
وفي هذا الصدد أعد (لا) الرياضي تحقيقاً لمعرفة أسباب تراجع المنتخب الوطني، من خلال توضيح جملة من الحقائق وتضم آراء محللين رياضيين.

تحول الحلم إلى كابوس
لطالما حلمت جماهير الكرة اليمنية أن ترى فريقها مشاركاً في التصفيات النهائية لكأس آسيا. وعندما أصبح الحلم حقيقة هذا العام، انقلب أداء المنتخب الوطني في التصفيات النهائية بشكل لا يصدق ولا يليق بقدراته، حيث خسر لقاءاته الثلاثة دون أن يحرز حتى ولو هدفاً واحداً فيها، فيما تلقى 10 أهداف؛ 5 أهداف من إيران، و3 من العراق وهدفين من فيتنام.
وعقب الهزائم النكراء التي تعرض لها المنتخب الوطني، خرج عشاق الأحمر للتعبير عن غضبهم الشديد، فالبعض وجه اللوم إلى إدارة اتحاد الكرة والمسؤولين عليه، والبعض الآخر شكك في قدرات المنتخب.
فما هي الأسباب الحقيقية التي سمحت بإعدام فرحة 28 مليون يمني، وحولت حلمهم إلى كابوس، وأصابت منتخبنا الوطني في مقتل؟!

سوء إدارة اتحاد الكرة
عصام عبدالعزيز، محلل رياضي، يؤكد في حديثه مع (لا) الرياضي أن أهم أسباب فشل منتخبنا الوطني في بطولة آسيا يكمن في سوء إدارة الفريق من قبل وزارة الرياضة ورئاسة اتحاد الكرة، حيث لم يعملوا على تجهيز معسكر للفريق للتدريبات الرياضية والبدنية وتهيئة اللاعبين نفسياً وجسدياً. ويضيف عبدالعزيز أن فريقنا الوطني لم يحظ بأي امتيازات أسوة بالفرق الأخرى.

تأخر الفريق عن التدريبات
إذا أخذنا بحديث المحلل الرياضي عصام عبدالعزيز، فإنه يبدو واقعياً، حيث يؤكد قائد المنتخب الوطني محمد عياش أن المنتخب تأخر أكثر من 4 أشهر عن إقامة معسكر للتدريب قبل أن يستأنفوا التدريبات في أكتوبر الماضي بمدينة المكلا.
وقد عبر محمد عياش في تصريح لقناة (الجزيرة) القطرية، في أكتوبر الماضي، عن قلقه قائلاً: (إن تأخير إقامة معسكر للمنتخب أقلقنا كثيراً)، ووصف عياش معاناة اللاعبين وهم يرون منتخبهم متأخراً مقارنة ببقية المنتخبات الآسيوية.

الأخطاء القاتلة
ويتمثل سوء إدارة اتحاد الكرة، بحسب خبراء رياضيين، بارتكابه العديد من الأخطاء القاتلة، والتي تسببت في إعاقة الفريق الوطني عن تقديم مستوى أفضل، ومن هذه الأخطاء قيام اتحاد الكرة بإقالة مدرب المنتخب الوطني الإثيوبي أبراهام مبراتو، الذي قاد الفريق للتأهل إلى نهائيات كأس آسيا، دون أي مبررات، وذلك قبل انطلاق البطولة بعدة أسابيع.
ويقول المحلل الرياضي أحمد كمال إن إقالة المدرب في هذا الوقت القاتل مثلت صدمة كبيرة للاعبين، بغض النظر عن أدائه، ويشير كمال إلى أن المدرب الجديد السلوفاكي جان كوسيان، استلم الفريق قبيل انطلاق البطولة بأسابيع، وهو وقت غير كافٍ للمدرب حتى للتعرف على أسماء اللاعبين.

عدم قدرة الاتحاد
وكشف موقع هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) وقتها، أن أبراهام مبراتو (ترك وظيفته كمدرب للمنتخب اليمني، بسبب عدم قدرة الاتحاد اليمني على تمويل البرنامج الذي تقدم به لإعداد المنتخب للمشاركة في بطولة كأس آسيا).

المعلوم وغير المعلوم
بغض النظر عما صرحت به (بي بي سي) بشأن إقالة المدرب السابق للمنتخب، فلا أحد يعلم بالضبط المبلغ الذي طالب به المدرب الإثيوبي من أجل إعداد المنتخب، لكن من المعروف والمعلوم لدى الجميع أن ميزانية اتحاد الكرة تصل إلى ملايين الدولارات، وبحسب مصادر غير رسمية فإن الاتحاد حصل على مبالغ مالية كبيرة من دول خليجية خلال الفترة الأخيرة، فهل من المعقول أن الاتحاد لا يستطيع تمويل البرنامج الذي تقدم به المدرب الإثيوبي لإعداد المنتخب الوطني للمشاركة في البطولة! وأين تنفق بالضبط تلك الملايين، مع العلم أن الدوري اليمني متوقف منذ 4 سنوات؟!

تعليق صرف المستحقات المالية
إضافة إلى ذلك، فإن المستحقات المالية وموازنة المنتخبات الوطنية كانت معلقة من قبل رئاسة الاتحاد ووزارة الرياضة أثناء الاستعداد لبطولة آسيا، حيث أكد الأمين العام للاتحاد اليمني لكرة القدم، حميد شيباني، في تصريح له لموقع (العربي)، منتصف يوليو الماضي، أن (أنشطة الاتحاد معلقة بصرف المخصصات المالية، واعتماد موازنة المنتخبات الوطنية، التي تتأهب للمشاركة في نهائيات كأس آسيا للكبار والناشئين خلال الفترة القادمة).

فضائح الفساد
بجانب ذلك، فإن اتحاد الكرة اليمنية غارق بالعديد من فضائح الفساد، بحسب تقارير محلية وخارجية، كما أن رئيس الاتحاد رجل الأعمال أحمد العيسي، بحسب تقرير صحيفة (لوموند) الفرنسية، مشغول بتجارة البنزين والسلاح، فهي تأخذ جل وقته واهتمامه، وليس لديه وقت يخصصه من أجل المنتخب الوطني والرياضة اليمنية بشكل عام.

أسباب لا علاقة لها
إلى ذلك، لا يمكن مطلقاً تجاهل الظروف القاسية والصعوبات الكبيرة التي واجهت منتخبنا الوطني، أهمها إيقاف الدوري الممتاز لكرة القدم منذ 4 أعوام جراء العدوان، وكذا تشتت اللاعبين وتفرقهم، والذي يمكن أن يؤدي إلى غياب الانسجام بينهم، بحسب رياضيين، إلا أن المنتخب الوطني استطاع أن يتغلب على هذه الصعوبات، ويتأهل لأول مرة في تاريخه إلى نهائيات كأس آسيا، ما يؤكد أن هذه الأسباب لا علاقة لها بتراجع مستواه في التصفيات النهائية.

مفارقات واضحة
وإذا نظرنا لهذه المفارقة، فإن آراء المحللين الرياضيين التي تشير إلى أن غياب الاهتمام وسوء إدارة اتحاد الكرة هما أهم أسباب فشل المنتخب الوطني وخروجه من البطولة مبكراً، هو الأقرب للحقيقة، حيث يتحمل الاتحاد ووزارة الرياضة في حكومة الفار هادي كامل المسؤولية في تراجع مستوى المنتخب الوطني وظهوره بهذه الصورة الهزيلة، وهي صورة مخيبة للآمال دائماً ما يصر اتحاد الكرة أن يعكسها عن اليمن في كل مناسبة دولية.