علي نعمان المقطري / لا ميديا -

في نوفمبر الماضي كان العدو، أمام الحديدة وفي الساحل و(كيلو 16) وقرب المطار والخمسين، قد وصل إلى طريق مسدود على كل محاور التقدم العدواني. وقد توصلت القيادة الأمريكية للمنطقة العسكرية الوسطى، التي تقود العدوان مباشرة من الساحل الغربي وتدير معارك الحديدة، توصلت إلى هذه النتيجة بعد تجربتها الميدانية المباشرة التي كابدتها خلال الأشهر الماضية منذ انطلاق الهجوم الاختراقي الأخير باتجاه الحديدة، بعد أن استخدمت كل القدرات التي كانت بحوزتها ثم أمهلت مرتزقتها على الأرض مدة ثلاثين يوماً، ثم شهرين إلى نهاية العام 2018م، ليكونوا قد دخلوا مدينة الحديدة أو أنهم تمكنوا من التراجع عنها إلى مناطق آمنة، وأعلنوا التزامهم بالهدنة وفتح الطريق أمام تحركات المبعوث الأممي للمشاورات السياسية ليتمكنوا من الخروج الآمن من النفق المظلم الذي وقع فيه العدوان، حيث إنهم وخلال شهري سبتمبر وأكتوبر تعين عليهم أن يرموا بكل ثقلهم الباقي للخروج من المأزق ومن المستنقعات التي تورطوا فيها خلال محاولاتهم المجنونة في التوغل نحو العمق.
وكان قد تم الإيقاع بالعدو وبقواته في العديد من المفاصل المحورية على الطريق الممتدة حوالي 200 كيلومتر بين المخا والدريهمي، فالقيادة الأمريكية السعودية للعدوان افتقدت مبادرة الهجوم وأضحت تواجه حصارات متنوعة، وقطع خطوط الإمدادات العسكرية البرية الرئيسية على طول خط الإمداد من المخا إلى الحديدة عبر طريق الخوخة ـ التحيتا ـ الجاح ـ الدريهمي ـ النخيلة.

وضع القيادة العليا للعدوان وأولوياتها وعُقدها الراهنة
تريد القيادة العليا للعدوان الأمريكي السعودي إعادة التكيف مع مستجدات وتطورات البيت الأمريكي ـ السعودي الداخليين، التي تحد من حرية حركة الإدارة الأمريكية في قيادتها للعدوان والتدخل في البلدان الأخرى نتيجة الحالة الانتخابية التي تستمر من الآن إلى عامين قادمين، بدأت بانتخابات التجديد النصفي لأعضاء مجلسي النواب والشيوخ للكونجرس الأمريكي، وأهم التبدلات السياسية على البنية الأمريكية العليا هي:
1 ـ فقدان الأغلبية الجمهورية السابقة في مجلس النواب الأمريكي والسيطرة الديمقراطية على أغلبية مقاعده البالغة أكثر من 300 مقعد، وهي قوة معارضة للإدارة الأمريكية ولتدخلاتها المباشرة في الحرب العدوانية على اليمن واستمرار بيع الأسلحة لدول التحالف، وتتهم الرئيس ترامب بالارتهان للمخابرات الروسية التي ساندته في حملته الانتخابية، مما يعرض الأمن القومي الأمريكي للخطر، وهي تهم ما يزال المحقق الخاص مولر يواصل جمع الأدلة والاستدلالات بشأنها، والتي تمس الرئيس ترامب نفسه ومساعديه، وقد قطع مولر شوطاً كبيراً في هذا الاتجاه، وسوف يقدم نتائج ما توصل إليه إلى الكونجرس قريباً، مما يضع الرئيس ترامب تحت طائلة المحاكمة والمساءلة القانونية، وقد تصل الأمور إلى حد العزل قبل نهاية فترته الرئاسية.
2 ـ فقدان ترامب للدعم القديم من أغلبية نواب وشيوخ حزبه الجمهوري الذين دعموها وصوله إلى الرئاسة وغطوا سياساته الخارجية العدوانية وغضوا الطرف عن مخالفاته للقوانين الأمريكية فيما يتعلق بتزويد السعودية بالأسلحة المحرمة دولياً لاستخدامها في اليمن واستهداف المدنيين وهو ما نتج عنه آلاف الضحايا، أغلبهم من الأطفال والنساء وكبار السن، وهم في بيوتهم وحقولهم ومعاملهم وأسواقهم ومدراسهم وعلى الطرق وفي صالات الأعراس والعزاء.
3 ـ تراجع النفوذ الأمريكي وهزيمته في العديد من المناطق كنتيجة لسياسات ترامب، والبداية تمثلت في سحب القوات الأمريكية من سوريا بعد الهزائم التي تلقتها القوى الإرهابية المدعومة أمريكياً على أيدي الدولة السورية الوطنية.
4 ـ جريمة اغتيال الصحفي السعودي جمال خاشقي في قنصلية بلاده في إسطنبول التركية، وبروز دور ترامب الداعم والمؤيد لابن سلمان ومحاولاته التغطية على جرائمه في اليمن، ويعتبر الكونجرس الموحد ضد ترامب بأغلبيته المعارضة الآن أن ترامب وسياسته المتواطئة مع الجريمة تشكل انتهاكاً صارخاً للدستور والقوانين الأمريكية والدولية.
5 ـ إقرار مجلس الشيوخ مشروعات قرارات في طريقها للتحول إلى تشريعات كاملة ملزمة للإدارة الأمريكية، أهمها: إقرار إدانة بن سلمان كمجرم مجنون متهور في جريمة قتل الصحفي خاشقجي، وإقرار محاكمته دولياً، وإدانة تعاون ترامب معه.
6 ـ إدانة الحرب الأمريكية في اليمن واعتبارها خارج القانون الأمريكي حول سلطات الحرب، الذي يقيد صلاحية إعلان الحرب أو المشاركة في حروب خارجية بأي شكل كان، ويحصرها في يد الكونجرس وحده، وهو ما يخالف سياسات وأفعال ترامب وإدارته ويلزم الإدارة بوقف كل تعاون مع الحملة السعودية ضد اليمن في حربها ويحدد لها مساراً للحل السياسي.
7 ـ انقسام المؤسسات الأمريكية الحاكمة لأول مرة حول السياسات الخارجية للحكومة وحول الإدارة ومدى ولائها للقيم الأمريكية ومصالح الأمن القومي الأمريكي.
8 ـ استمرار مسلسل طرد ترامب للمسؤولين في إداراته، حيث بلغت نسبة المطرودين المعارضين لسياساته أكثر من ثلث الموظفين إلى الآن، وهي قابلة للزيادة وتكشف مدى الحرب الداخلية البنيوية التي تتعرض لها الحكومة الأمريكية بقيادة ترامب وهو ما يوسع جبهة المعارضة لسياساته وقد تحول الكثير منهم إلى شهود في تحقيقات القاضي مولر.
وقد طالت حملة ترامب التصفوية العديد من كبار القادة والساسة، مثل وزير الخارجية ترلسون، ورئيس الأمن القومي السيد كومي، والمحامي الخاص بالرئيس ترامب، ووزير الدفاع والحربية الجنرال جورج ماتيس، ومندوبة أمريكا في الأمم المتحدة السيدة نيكي هيلي، ووزيرة الاتصالات بالبيت الأبيض ورئيس أركان حرب البيت الأبيض... وكلهم شخصيات سياسية استراتيجية هامة تضاف إلى سلسلة قوام المعارضة.

تأثير صراع الداخل الأمريكي في اليمن والمنطقة
تتواصل الآن الحروب السياسية البنيوية داخل المؤسسات الأمريكية الحاكمة، وستستمر حتى الانتخابات القادمة والمقررة بعد عامين، وهناك إجماع أمريكي على تصفية الحساب مع ترامب وإدارته وفريقه، وقد بلغت المواجهات حداً من الشدة لم تبلغها من قبل أي مواجهة بين الكونجرس والرؤساء السابقين المتهمين بالخروج عن القوانين الأمريكية.
هذه المواجهات تكشف حجم ووتيرة التناقضات التي تعصف بالبيت الأبيض وسادته، كما تشير إلى تضاؤل فرص إعادة انتخاب ترامب لدورة رئاسية ثانية كان يتطلع إليها بلهف وشوق هو وأتباعه في الرياض وتل أبيب، بعد انفضاض الأغلبية البرلمانية عن تأييده والتفافها حول شخصيات جديدة أكثر حظاً ولياقة وكياسة سياسية وتأهيلاً، وزيادة حظ نجاح الشخصيات المنتمية للحزب الديمقراطي الأمريكي المعارضة لترامب وتطرفه السياسي وتهوره وجنونه، ما يعني أن الجناح العسكري السياسي المتطرف في المؤسسات الأمريكية الحالية تتراجع قوته ونفوذه في صنع القرار السياسي الأمريكي، إذ تتصادم توجهاته مع الرأي العام الأمريكي الذي يرى أن على أمريكا أن تركز على قضاياها الداخلية أولاً في مجال الصحة والبطالة والعجز الأمريكي، والديون الهائلة للخارج والداخل، وتقليص النفقات العسكرية لصالح أولويات أخرى اجتماعية كالفقر ومكافحة المخدرات والهجرة غير الشرعية والجريمة المتنامية والإرهاب والتشدد والتطرف والتعصب، ووقف دعم الأنظمة الشمولية المستبدة في الشرق الأوسط والجزيرة العربية واحترام الاتفاقيات المبرمة حول البرنامج النووي الإيراني، والنأي بالنفس عن السياسات المتطرفة لليمين الصهيوني الحاكم، والكف عن السياسات المتطرفة والتصريحات المجنونة، والتقيد بوعود البرنامج الانتخابي وتطبيق قانون جاستا بشأن الاعتداءات الإرهابية ضد مواطني الولايات المتحدة.
أما على مستوى اليمن والمنطقة فإن قيادة العدوان تواجه أياماً عصيبة، خلال الفترة الراهنة، ومستقبلاً أيضاً، حيث ستتعرض للمزيد من الهجمات والتحقيقات، وتقييد يديها وشل إرادتها.
كان الثنائي ترامب وابن سلمان يتمتعان بالسلطة المطلقة خلال الأعوام السابقة، أما الآن فقد وصلا إلى النفق المظلم المسدود الآفاق في عدوانهما وحربهما الخاسرة المستمرة منذ أربعة أعوام وتشرف على الخامس، وهما يجتران أسباب الفشل والانكسار والهزائم رغم كل القدرات والإمكانات الهائلة التي استنزفاها في ميادين المواجهة.
فقد أدت الهزائم المذلة التي تجرعاها إلى انتشار روح البحث عن مخرج من مأزق العدوان وفشله وما يترتب عليه من مسؤوليات قانونية لا بد للخاسر من تحملها مادياً ومعنوياً وسياسياً واستراتيجياً، وهي ما تجعل نكسات العدوان تتضاعف كلما تأخر الوقت واستمرت النكسات.

الشلل الاستراتيجي للقيادة العدوانية الأمريكية السعودية
تعاني القيادة العدوانية الراهنة حالة من الشلل الاستراتيجي، تستمر وتتزايد وتتضاعف صورها وأشكالها مع كل هزيمة وانكسار جديدين في الميادين، فلا يوجد أي وزير حربية أمريكي قادر على مسايرة نزعات ابن سلمان وتحقيق طموحاته وأهدافه المجنونة، وعجزه الفعلي الميداني وميوعته وابتذال جيشه، ورخاوة قادته، وجهلهم بالحرب الحديثة ووسائلها وأساليبها، ولا يوجد مدير وكالة استخباراتية أمريكية قادر على ترجمة هذيانات بن سلمان وسوالفه الحربية والأمنية، وتعاميه عن كل ممارساته وجرائمه الوحشية في الخارج وفي الداخل، وهي جرائم طالت كل من يعارض سياساته وممارساته الفاشية، وطالت الكثير من الأمراء أتباع الإدارات الأمريكية المتعاقبة من فرق الدعم والإسناد للنفوذ الأمريكي الغربي ووكلائها التجاريين والاقتصاديين وقاعدة سياساتها التي تعارض التحول من قاعدة الكيان الأسري القبلي التابع إلى نمط الملك الفردي العائلي الوراثي، وفتح المجال للصراع التغولي أمام العائلات الكبيرة المهيمنة المتنافسة، وهي البيوت القليلة العدد من كبار الأمراء التي تسيطر على أغلبية الثروة الوطنية من النفط وعائداته وتتكدس لديها المليارات الكثيرة من الدولارات ومجالات التأثير القبلي والاجتماعي والمالي والعسكري والأمني.
ويرى الكونجرس الأمريكي الحالي أن ترامب باع المصالح الأمريكية الغربية البعيدة لابن سلمان ونوازعه مقابل الكثير من الأموال والرشى الشخصية المباشرة وغير المباشرة التي طالت عدداً من المشرعين والمسؤولين. ويرى أغلبية المشرعين الأمريكيين الحاليين أن مصالح أمريكا القومية وأمنها لا تتفقان مع بقاء ابن سلمان وترامب وحروبهما المتهورة والفاشلة في اليمن وغيرها، ولذلك يقدمون رؤية جديدة مختلفة عما هو سائد الآن في ظل ترامب، أبرز وجوهها:
أنها تؤمن بأهمية دور السعودية التابعة في تحقيق المصالح الاستراتيجية لأمريكا وأمن إسرائيل، لكنها لا تتحقق أبداً مع وجود بن سلمان وترامب في القيادة، لذا وحرصاً على بقاء المصالح الاستراتيجية الأمريكية في المنطقة لا بد من إزاحة المجنون المتهور عن حكم الكيان السعودي لصالح أمراء أكثر حصافة وحنكة وتجربة وطاعة واتزان، يحترمون القيم الأمريكية ويخلصون لها، ويتجنبون اللعب في الباحات الداخلية والخارجية للمنظومات الأمريكية، ويكفون عن التصرف وكأنهم حكومات مستقلة حقيقية عندما لا تلبى طلباتهم المتهورة، فيذهبون شرقاً وجنوباً نحو روسيا والصين وكوريا وفنزويلا والبرازيل بحثاً عن أسواق بديلة للسلاح والأنظمة المضادة للصواريخ والطيران، لأن السلاح الأمريكي مرهون بالارتباط الاستراتيجي، ولأن تلك الكيانات أوجدها الغرب لتحمي تبعيتها له وتصونها مقابل حمايتها، وكل محاولة لتجاهل جوهرها لن تمر دون حساب صارم من قبل المنظومات الأمريكية المعنية، ويتضمن هذا عدة تدابير، منها الانقلاب والإزاحة والاغتيال، وإرسال قوات التأديب الخاصة وتحريك القوات الأمريكية التي تحتل البلاد وفقاً لسيناريوهات مجربة ومحكمة.
وتحضرنا في تاريخ العلاقة البينية بين أمريكا والسعودية أهم حادثتين، هما انقلاب الحرس الوطني على الملك سعود وإزاحته مطلع الستينيات، واغتيال الملك فيصل في منتصف السبعينيات، وذلك بعد تجاوزهما الخطوط الحمراء للعلاقة مع الأمريكي، فالأول تمت إزاحته بسبب سلوكه السياسي المتهور مع عبدالناصر وافتضاح دوره في مؤامرة اغتيال عبدالناصر التي سحبت المزيد من التأييد العربي لعبدالناصر وسياساته المعادية للغرب، وأيضاً فشله في المواجهة مع الثورة اليمنية. أما الثاني فقد تم اغتياله بسبب نسيانه مقامه مع الأمريكي عندما لوح باستخدام سلاح البترول في معركة العرب ضد إسرائيل، ورفع أسعاره وشراء كارتل شركات أرامكو الأمريكية النفطية مخالفا التوجه الأمريكي.
كما تحضرنا أيضاً أحداث أخرى، منها انقلاب أمريكا على تابعيها السابقين في البيرو وتشيلي وبنما وفيتنام وكوريا الجنوبية والفليبين والبحرين وقطر وعمان وتركيا، وفي عشرات الدول والكيانات السياسية التابعة والمستقلة.

أولوية إعادة ترتيب البيت السعودي
فوجئت الأجهزة الأمريكية الاستراتيجية العليا بقدرات اليمنيين على تجاوز جميع الممنوعات والمستحيلات الإلكترونية والأمنية التي كان تحمي النظم الأمنية العسكرية والحدودية السعودية والإماراتية والأمن العسكري للقوات واتصالاتها وشيفراتها، وكسر التفوقات العسكرية الاستراتيجية للسلاح الأمريكي الغربي، وخرق مجالات المناورة وهوامشها وتحييدها، وتعطيل قدرات الكشف الاستراتيجي للأسلحة والرادارات والرصد والإنذار المبكر، وتعطيل قدرتها في التصدي للصواريخ اليمنية مختلفة الأنواع والأمداء.
وقد أدت تلك الاختلالات في بنية جدار العدوان ودفاعاته وقوته وأمنه إلى إسقاط نظريات الأمن الاستراتيجي الأمريكية التي كانت مرهوبة الجانب ومهابة في نظر الأعداء والمنافسين والمتمردين. أما اليوم فقد أضحت البنية الأمريكية بلا هيبة، بعد أن أثبتت الانتصارات اليمنية والعربية أيضاً لكل المهتمين بالاستراتيجية وبالصراعات المضادة للإمبريالية الأمريكية وحلفائها في العالم أن أمريكا غدت حقاً وفعلاً فيلاً من خشب لا أكثر.
وصار في متناول كل حركة وطنية تحررية أن تذل أمريكا وتنزل بها أشد الهزائم مادياً ومعنوياً، وهو ما يؤذن ببداية أفول عصر الهيمنة والسيطرة الأمريكية على المنطقة والعالم وخسارة كافة مغامراتها العدوانية الجارية في أكثر من مكان، وظهور عصر جديد في العالم أهم ملامحه سيادة حركات التحرر الوطنية الاستقلالية وانكماش امبراطوريات الهيمنة الغربية والأمريكية وشيخوختها وعجزها وتآكلها وتحللها الاجتماعي والخلقي وتفسخها وتفجر أزماتها الداخلية بدءاً بالاقتصاد وانتهاءً بالأقليات والطبقات المهمشة المقهورة التي تزيد نسبتها عن 76% من السكان، إضافة إلى ديون أمريكا التي تصل إلى 50 تريليون دولار ما بين ديون خارجية وداخلية، كما أن لديها أكثر من 15 مليون عاطل عن العمل، أما أعداد البؤساء والمشردين فتتجاوز 50 مليون أمريكي، أما المدمنون على المخدرات فهناك أكثر من 60 مليون أمريكي.
كل هذه المصائب والمشاكل المحيطة بالامبراطورية الأمريكية لها انعكاساتها المباشرة على مجريات العدوان والحرب الوطنية التحررية الجارية وانتصاراتها المحتمة.

 (*) المركز الاستراتيجي الوطني.