ترجمة خاصة / زينب صلاح الدين -

أندرو باسيفيتش @
«هذا إجراء غير ضروري ومحاولة خطيرة لإضعاف صلاحياتي الدستورية والمخاطرة بأرواح المواطنين الأمريكيين وأفراد الخدمة الشجعان في الوقت الحالي وفي المستقبل»، هكذا أعلن الرئيس الـ45 للولايات المتحدة وهو ينقض قراراً دستورياً مشتركاً بإنهاء المشاركة الأمريكية في حرب مستمرة لم يباركها الكونغرس في المقام الأول. 
وفي قائمة المجازفات العسكرية الأخيرة التي اختارت الولايات المتحدة أن تقحم نفسها فيها، تعتبر الحرب المعنية -الحرب الأهلية المريرة في اليمن- أمراً تافهاً. أقلها هي كذلك في حال كنت لا تعرف شيئاً عن الآلاف المؤلفة من المدنيين الذين غالباً ما قتلوا أو جرحوا جراء غارات جوية تشنها القوات الجوية السعودية مع الدعم الأمريكي المباشر. 
ليست المقاتلات الأمريكية هي من تسقط القنابل المسؤولة عن كل هذه المجازر. ومع ذلك هي مسؤولة بتقديمها للمعدات اللازمة ومعلومات الأهداف وتزويدها بالوقود جواً. لذا نحن لا نرتكب الجرائم الفعلية؛ نحن فقط نقوم بتخفيف جهود الذين يقومون بها. ما من دم على أيدينا، ولكن قليل منه على أحذيتنا!
من الصعب التمييز بين المصالح المذكورة لتبرير مشاركتنا في هذا القتال العبثي والعدواني. وبتصنيف هذا الصراع كحرب بالوكالة بين السعودية وإيران، ستكون قادراً على مخاطبة نفسك في شأن تصديق أن تدخل الولايات المتحدة في اليمن يشكل جزءاً من استراتيجية كبرى لتفادي الهيمنة الإيرانية على المنطقة. ولكن هذه الحجة تستند إلى فرضيتين إشكاليتين: الأولى هي أن أمريكا لديها مصلحة في هذا الاقتتال، والثانية أن السعودية هي الدولة الوحيدة التي تستحق دعمنا. ولا أي من الفرضيتين بإمكانها أن تصمد أمام فحص دقيق لها. 
وكإضافة إلى هذه النقطة، وبما لا يقل عن سلطة الرئيس دونالد ترامب نفسه الذي أقر بأن الولايات المتحدة تقف مع السعودية في اليمن، لأن مشتريات السعودية الوفيرة من الأسلحة تبقي المجمع الصناعي العسكري واقفاً على قدميه. إن التدخل الأمريكي في اليمن ليس ناتجاً عن استراتيجية، بل إنه متعلق بعلاقات مع عميل، أي الحرص على إبقاء السعودية راضية، خشية أن تأخذ أعمالها إلى مكان آخر. وقد أوضح ترامب هذا لصحفيين في السنة الماضية قائلاً: "لا تروق لي فكرة وقف استثمار بقيمة 110 مليارات دولار في الولايات المتحدة"، "هل تعلم ما الذي سيفعلونه؟ سيقومون بأخذ هذا المبلغ وإنفاقه في روسيا أو الصين أو أي مكان آخر". 
وهذه الادعاءات الرئاسية بأن موقف الكونغرس في إنهاء التدخل الأمريكي في هذه الحرب سيخاطر بـ"أرواح المواطنين الأمريكيين وأفراد الخدمة الشجعان في الحاضر وفي المستقبل"، هي تبرير سخيف للتدخل. 
ومن جهة أخرى، فإن إشارة ترامب إلى "صلاحياتي الدستورية" تستحق اهتمامنا، ولو أن وصفها بـ"صلاحيات دستورية إضافية" سيكون أكثر دقة. فالشيء الخطير فعلاً هنا هو اعتزام الرئيس الاحتفاظ بتلك الصلاحيات التي خسرها الكونغرس بحماقة وعدم مسؤولية أمام الرؤساء السابقين من كلا الحزبين. 
ويصنف الدستور الرئيس كقائد أعلى يقود حروبنا. كما يوكل الدستور إلى الكونغرس مسؤولية إعلان الحرب. لذا فهو يعلو على السلطة التشريعية، ويتصرف نيابة عن الشعب ليقرر ما الذي يستحق القتال لأجله. إلا أن الكونغرس لم يتخذ أي قرار متعلق باليمن. 
وكما فعل أسلافه من الرؤساء على سبيل المثال التدخل غير المدروس لباراك أوباما في ليبيا، يقدم لنا مثالاً على ذلك، عندما صادر أوباما صلاحيات الحرب التي تخص السلطة التشريعية. وبفشل الكونغرس في إبطال حق النقض الذي استخدمه ترامب ضد القرار المشترك، سمح الكونغرس لترامب بالنجاة من العقاب. 
سمعنا ترامب يقول مراراً وتكراراً إنه يريد إنهاء حروبنا الطويلة المستمرة والعديدة، لكن مواقفه وتصرفاته في قضية اليمن تكذب ادعاءه هذا. 
ونسمع تصريحات متواصلة من أعضاء الكونغرس عن إخلاصهم للدستور. لكن للأسف عندما يتعلق الأمر باستعادة صلاحيات الحرب التي تعتبر ملكاً له، يهتم القليل جداً منهم بالبدء في معالجة الضرر. 

*  مجلة ذا أمريكان كونزرفيتيف 
 22 أبريل 2019