بشرى الغيلي/ لا ميديا -

لم يكتفِ العمى ببؤسهم مدى الحياة، بل أضيف لهم إلى ذلك النزوح والتشرد نتيجة القصف الأمريكي السعودي الإماراتي على منطقتهم. أمهر الأطباء عجزوا عن التشخيص الدقيق لمعاناتهم، وعن اللغز المحير لاختفائهم من قريةٍ بأكملها مصابة بالعمى، وتلّقب بقريةِ العميان. 
«لا» اقتربت من الموضوع لتكشف كنهه..

ما هي قرية العميان؟
"الخزنة" قرية تهامية تقع على الشريطِ الساحلي ضمن قرى "عزلة بني حسن" التابعة لمديريةِ عبس بمحافظةِ حجة، يقطنها 500 نسمة جميعهم مصابون بالعمى، مما جعل بقية الأصحاء يفرضون عليهم عُزلة، ويقررون منع الزواج منهم خشية انتشار المرض، فيضطرون للزواج فيما بينهم.
"محمد" خرج للحياة مبصراً، وعند دخوله المدرسة في السادسةِ من العمر فوجئ مدرسوه بأنه لا يرى شيئاً، والسبب أن الطفل في هذه القرية حسب شهادات من سكان المنطقة يولد مبصراً ويصاب بالعمى عند الخامسةِ أو السادسةِ من العمر، كما يروي حسن (34 عاماً) وهو أحد المصابين بالعمى، بينما تقول رواياتٍ أخرى إنه في بدايةِ الظاهرة كان الأطفال يصابون بالعمى بعد بلوغهم ما بين السابعة والخامسة عشرة، وبداية المرض يبصرون في النهار ويفقدون البصر 

في الليل، وما إن يصلون لعمر الـ15 يفقدون البصر تماماً.
ويقول أطباء اختصاصيون: إن العلاج الجذري للظاهرة غير ممكن، وهناك تدخلات جراحية تستطيع تأخير ظهور المرض لأعوامٍ فقط، وخصوصاً للحالات التي لديها مياه بيضاء أو ضمور في العصبِ البصري.

عزلة مجتمعية
من غير المنصف، كما يقول أخصائيون اجتماعيون، عزل أهالي هذه القرية عن المجتمع وإشعارهم بأنهم يشكلون خطراً على الأصحاء، في حين أنهم بأمس الاحتياج لدمجهم 

مجتمعيا حتى لا يشعروا أنهم مختلفون عن سواهم.
أضف إلى ذلك أن فاقدي البصر أبدعوا على مر التاريخ، والشواهد على ذلك كثيرة جداً.

أين اختفى أهالي القرية؟!
منذُ تحولت "بني حسن" إلى منطقةٍ عسكرية، ونزوح الآلاف من سكان المنطقة، كانت قرية الخزنة ضمن القرى النازحة. ولأنهم مصابون بالعمى، كان وضعهم أصعب، حيث نزحوا إلى مدرسة في "بني قيس". ولقد نزح إلى هناك 60 ألف أسرة فقط، فيما نزحت بقية الأسر إلى أماكن مختلفة. ومؤخراً قام محافظ محافظة حجة، هلال الصوفي، مؤخراً ومعه مدير الهيئة الوطنية بزيارة النازحين هناك، وأثمرت الزيارة بناء وحدات سكنية للعميان ولا أكثر، فيما أن لديهم احتياجات أخرى تتعلق بالمأكل والمشرب والدواء، وعودتهم إلى قريتهم التي غادروها هرباً من جحيم صواريخ العدوان الأمريكي السعودي الإماراتي.

منعطف
من المتعارف عليه أن الإصابة بالعمى تحدث بمعدل شخص من بين كل 100 شخص، لكن أن تكون قرية كل ساكنيها مصابون بالعمى فإن الأمر يحتاج إلى دراساتٍ مستفيضة، واهتمام خاص، والأكثر أهمية إعادة أهالي هذه القرية إلى مسقطِ رأسهم الأول، والذي غادروه نازحين بسبب القصف الهستيري على منطقتهم الواقعة بالقربِ من خطوطِ النار.