ترجمة خاصة لا ميديا / زينب صلاح الدين -

تارا غولشان
يناضل عدد من مشرعي الكونغرس الأكثر تحفظاً وتقدماً لإنهاء المشاركة الأمريكية في الحرب التي في اليمن؛ وهي خطوة ستضعف علاقة الرئيس دونالد ترامب مع السعودية. 

ساحة القتال: ميزانية الدفاع الضخمة
ومع استعداد الكونغرس للرفع بميزانية الدفاع للعام 2020، التي يحتمل أنها ستصل إلى أكثر من 730 مليار دولار في الإنفاق على البنتاغون وأنشطة الأمن القومي لوكالات أخرى، يندفع تحالف من المشرعين من كلا الحزبين بقيادة السناتور بيرني ساندرز ومايك لي والنائبين رو خانا ومات غاتز، لإدراج بند من شأنه أن ينهي التدخل الأمريكي في الحرب التي تقودها السعودية في اليمن. 
يمنع هذا التعديل "الدعم والمشاركة في العمليات العسكرية التابعة للتحالف بقيادة السعودية على الحوثيين". 
في حال تم تمريره، بتحشيد نفس الائتلاف المؤلف من 54 سيناتور بمن فيهم 7 جمهوريين و248 مشرعاً من مجلس النواب، فإنه سيشكل أكبر توبيخ لسياسة ترامب الخارجية التي استغلت علاقة ترامب الحميمة مع السعودية لتوسيع الخلافات مع إيران. ولن تكون هذه هي محاولة المشرعين الأولى للقيام بذلك؛ لكنها ستكون الأكثر فاعلية: في شهر أبريل، أدرج الكونغرس قرار سلطات الحرب التاريخي موجهاً ترامب لإزالة القوات المشاركة في "الحرب" في اليمن، وهي حرب تقودها السعودية ضد "الحوثيين" المدعومين من إيران، والتي قتلت أكثر من 50 ألفاً وخلفت عشرات الملايين الذين هم بحاجة إلى المساعدة الإنسانية. قام ترامب باستخدام حق النقض ضده ملتزماً بتحالف أمريكي طويل الأمد مع الرياض؛ ناهيك عن علاقته الشخصية بولي العهد محمد بن سلمان (بن سلمان نفسه الذي دعا إلى قتل كاتب عمودي في صحيفة واشنطن بوست الصحفي جمال خاشقجي). 
كانت الولايات المتحدة مشاركة في حرب السعودية من قبل أن يتسلم ترامب مكتب الرئاسة-وكانت الولايات المتحدة طيلة أربعة أعوام تزود التحالف بالمعلومات المخابراتية والأسلحة والذخيرة، وحتى أواخر العام الماضي كانت تزود مقاتلاتها الجوية بالوقود. (الطائرات التي قصفت حافلة مدرسية، فقتلت 40 طفلاً على الأقل في أغسطس الماضي، فعلت ذلك بقنبلة مصنوعة في أمريكا). ولكن برفضه محاولات الكونغرس في إنهاء تلك المشاركة، ألصق ترامب البصمات الأمريكية في واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم: وفقاً لأحدث تقرير أممي، فإن 80 في المائة من سكان اليمن، البالغ عددهم 24 مليون نسمة، بحاجة إلى المساعدة الإنسانية. ووجد تقرير حديث للأمم المتحدة أنه يمكن أن تكون أمريكا وبريطانيا وفرنسا مشتركة في جرائم حرب في اليمن. 
يُنظر إلى ميزانية الدفاع على أنها أمر لا بد منه في الكونغرس؛ فقد ظلت تمرر كل عام لأكثر من 50 عاماً، برغم الانقسام الحزبي العميق. إذا كان المشرعون باستطاعتهم أن يدرجوا هذا الإجراء في مشروع القرار النهائي، سيوضع ترامب في موقف صعب: هل هو على استعداد لرفض زيادة هائلة في الإنفاق العسكري كي يحافظ على علاقته غير المقيدة بالسعودية؟

القتال مستمر من أجل لي ذراع ترامب في اليمن
كان حق النقض الذي استخدمه ترامب على قرار سلطات الحرب يمثل صفعة كبيرة لما كان يمثل جهداً استمر سنوات لإنهاء التدخل الأمريكي في الحرب في اليمن. لكنه لم يكن غير متوقع. وكان ترامب قد أكد مراراً وتكراراً دعمه لمحمد بن سلمان واصفاً إياه بـ"الحليف العظيم". وضغطت إدارته بشكل كبير على قرار سلطات الحرب الذي كان لصالح اليمن. 
ومنذ ذلك "الفيتو"، وضعت إدارة ترامب الولايات المتحدة على حافة حرب مع إيران، وتفادت الكونغرس لتسمح من جانبها فقط بإتمام مبيعات أسلحة بقيمة 8 مليارات دولار تشمل السعودية وحلفائها. 
في ذلك الوقت، قام الناشطون التقدميون ونفس التحالف الحزبي، ممن كانوا وراء قرار سلطات الحرب في اليمن، بالتعبئة حول ميزانية الدفاع. والآن يقومون بذلك في كونغرس منقسم مع سيطرة الديمقراطيين على مجلس النواب. 
في يوليو، أقر مجلس النواب تعديلاً متعلقاً بحرب اليمن على مشروع قانون ميزانية الدفاع، الذي قدمه خانا وثلاثة ديمقراطيين بارزين آخرين في مجلس النواب: آدم سميث الذي يرأس لجنة القوات المسلحة، وآدم شيف الذي يرأس لجنة المخابرات، وبراميلا جايابال. يحظر هذا الإجراء نقل أو بيع أو تصدير أي من المواد الدفاعية التي يمكن استخدامها في حرب اليمن لمدة عامين على الأقل وإنهاء كل المساعدة الأمريكية، بدءاً من المعلومات الاستخباراتية وانتهاءً بالدعم اللوجيستي، للسعودية والإمارات في الحرب. 
شمل مشروع القانون هذا أيضاً تعديلاً سيقيد قدرة ترامب في الذهاب إلى حرب مع إيران دون موافقة الكونغرس. وقدم ساندرز تعديلاً مماثلاً يخص اليمن إلى نسخة مجلس الشيوخ المتعلقة بميزانية الدفاع. 
هدد ترامب بالفعل بأن يستخدم الفيتو ضد نسخة المجلس لقانون تفويض الدفاع الوطني على مستويات التمويل. وطلبت إدارته 750 مليار دولار لميزانية البنتاغون؛ وهو رقم أقره الجمهوريون في مجلس الشيوخ في أواخر الشهر الفائت. تضمن مشروع قانون مجلس النواب 730 مليار دولار في التمويل. ومن المفترض أن يكون الإجراء المتعلق باليمن قرار قاسياً بالنسبة لترامب يصعب بلعه. 
وكما يفصل مجلس النواب ومجلس الشيوخ الاختلافات بين مشروعي ميزانية الدفاع، يضغط ناشطون ومجموعة من المشرعين على قياداتهم لإدراج الإجراءات الخاصة بحرب اليمن. 
لا يوجد شك في أن هذه الدفعة ستظل تواجه مقاومة كبيرة وسط الجمهوريين في مجلس الشيوخ الذين دعموا بشكل كبير منح ترامب صلاحيات غير مشروطة، خصوصاً فيما يتعلق بإيران. والشك هنا ما إذا كانت القيادة الديمقراطية ستجعل هذه القضية أولوية بما فيه الكفاية في المفاوضات النهائية. 
يقول حسن الطيب، من لجنة أصدقاء اللوبي المناهض للحرب، للتشريع الوطني: "يتمتع الديمقراطيون بقوة كبيرة في هذا الموقف؛ فهم يتحكمون بمجلس النواب، لكن في الداخل كانت المحادثة منهزمة كلياً". 

هل سيجعل الديمقراطيون الأزمة الإنسانية في اليمن أولوية؟
كانت رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي، وزعيم الأغلبية النائب ستيني هوير، واضحين للغاية بشأن اليمن، كونها أولوية قصوى في المفاوضات. لكن لا أحد منهما قد رسم خطوطاً حمراء حول السياسة. ومع ذلك، قال رو خانا إنه قد حصل على ضمانات من سميث وكذلك زعيم الأقلية السناتور تشاك شومر بأن هذه أولى الأولويات. 
أخبر رو خانا "فوكس": "أعتقد أنها خط أحمر بالنسبة للديمقراطيين في مجلس النواب. سيقوم الجمهوريون بالدفع نحو التراجع ونحن سنتمسك بها بقوة". 
على مدار أشهر، كانت تعمل مجموعة المحاماة المناهضة للحرب لجعل المشرعين يراقبون السجل المتعلق بحرب اليمن. برز جاك ريد كبير الديمقراطيين في لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ وهو يدعم تمويل التدخل الأمريكي في الدولة الشرق أوسطية.  
وقعت مجموعة مكونة من 17 مشرعاً جمهورياً وديمقراطياً، من بينهم عدد من المرشحين للرئاسة مثل ساندرز وإليزابيث وارين ووكامالا هاريس وايمي كلوباتشر، على رسالة إلى قادة لجنة القوات المسلحة في مجلسي النواب والشيوخ ليكرروا الحاجة إلى "وقف التدخل الأمريكي في الضربات الهجومية لحملات القصف التابعة للتحالف على الحوثيين في اليمن". 
وأكبر مكاتب المجلسين ممن هم وراء هذه الخطوة متفائلون، إلَّا أنهم لا يتوقعون فوزاً دفعة واحدة. كان إدراج قرار سلطات الحرب مع ائتلاف من الحزبين لحظة هامة. وقد استغرق الأمر ضغطاً لا يصدق من قبل الناشطين المناهضين للحرب، بالإضافة إلى ضغط داخلي من قادة تقدميين مثل خانا والنائب جيم ماكفغرن والسناتور بيرني ساندرز والسناتور كريس مورفي، ليس فقط للفوز على المحافظين ولكن أيضاً قيادة الديمقراطيين نفسها. 
وقال مات دوس، الذي يقدم المشورة لساندرز في السياسة الخارجية: "هنالك اعتراف بأن هذا الأمر حقيقي أكثر، لكن كما قلت إن أعضاء صوتوا لصالح ذلك". 
تم إدراج قرار قوى الحرب بدعم إجماعي من الديمقراطيين وشريحة صغيرة من الجمهوريين الذين أشاروا إلى أزمة دستورية في قوى الحرب. وستكون ميزانية الدفاع الوطني أكبر اختبار حتى الآن لهذا التحالف غير العادي. 

"فوكس" موقع إخباري أمريكي
10 سبتمبر 2019