ترجمة خاصة لا ميديا / زينب صلاح الدين -

هيلين كوبر ـ مـراسلـة البنتاغـون
لمدة نصف قرن مضى، دربت الولايات المتحدة الجيش السعودي وجهزته، فباعت للمملكة الثرية أسلحة عالية التقنية بقيمة تصل إلى أكثر من 150 مليار دولار، منها مقاتلات نفاثة وأنظمة دفاع جوي. 
ومع ذلك لم تستطع المملكة أن تحمي المنشأة الوطنية الثمينة -منشأتي النفط- من ضربة صواريخ "كروز" التي تحلق على علو منخفض وطائرات بلا طيار، الأمر الذي تسبب في أكبر صعود لأسعار النفط خلال يوم واحد فقط. وتشمل الأسلحة المتطورة التي باعتها أمريكا للسعوديين نظام الدفاع الجوي الأمريكي "باتريوت"، لكن هذا النظام قد تم نشره بالقرب من المنشآت العسكرية المهمة وليس البنية التحتية للنفط. 
كما لم ينجح جيش الدولة في هزيمة المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران في اليمن، على الرغم من حملة قصف قادتها السعودية استمرت 4 أعوام، خلفت أكثر من 8.500 قتيل مدني، وأكثر من 9.600 جريح، وفقاً للمراقبين الدوليين. 
حتى مع وجود المخابرات الأمريكية التي تقدم أحدث المعلومات في المراقبة، كان الجيش السعودي في أغلب الأوقات عاجزاً عن التصرف بشكل مؤثر، الأمر الذي عزز وجهة نظر مسؤولي الأمن القومي والناشطين في حقوق الإنسان بأنه -على الرغم من كل الأجهزة البراقة الباهظة- لا تزال السعودية غير مهتمة أو غير قادرة على الدفاع عن كامل أراضيها أو إدارة حرب في الخارج بكفاءة وإنسانية. 
وخلال فترة واحدة قبل 3 أعوام قدم مسؤولو المخابرات الأمريكية لنظرائهم السعوديين موقعاً لـ30 متمرداً حوثياً ممن عبروا الحدود ودخلوا المملكة. إلا أن السعوديين كانوا غير قادرين على تحشيد أي فرد في جيشهم لملاحقة المتمردين، بحسب ما ذكره مسؤول رفيع سابق في وزارة الدفاع الأمريكية. بقي المتمردون في الأراضي السعودية لمدة 8 ساعات -وهي فترة شملت استراحة مطولة- وفي الأثناء تعقبتهم المخابرات الأمريكية قبل عودتهم إلى اليمن، كما وضح مسؤولون ذلك. 
من المؤكد أن السعودية هي حليف أمريكي مهم في العالم العربي، ومتراس دفاعي رئيسي ضد إيران. وقد أشاد الرئيس ترامب بالعلاقة عندما كان يدافع عن قيادة المملكة بعد جريمة الكاتب العمودي في "واشنطن بوست" -جمال خاشقجي- في السنة الماضية. 
أشار ترامب إلى أن السعودية تعتبر شريكاً تجارياً مهماً للولايات المتحدة. قال الرئيس في مقابلة مع "إن بي سي" لبرنامج "قابل الصحافة"، في يونيو: "لقد أنفقوا من 400 إلى 450 مليار دولار خلال فترة زمنية معينة، كل الأموال وكل الوظائف بشرائهم للمعدات العسكرية. ولست كذلك الغبي الذي يقول: لا نريد أن نعقد معهم أي عمل تجاري". 
سألت بيكا واسر، وهي محللة سياسية بارزة في "ذا راند كوربورشن" -مؤسسة أبحاث في السياسة: "من لا يحب النفاثة الفاخرة؟". "بالنسبة للجيش السعودي، كان الأمر متعلقاً بامتلاك أشياء ذات مكانة وامتلاك قوة براقة دون أن يمتلك مهارة كي يصبح قوة عسكرية فعالة". 
وقد أدت الضربات على مصنع تجهيز النفط في البقيق وحقل خريص النفطي، إلى انفصال تام. وفي الوقت الذي يقول فيه مسؤولون عسكريون إنه من المستحيل حماية الأهداف الثابتة بشكل كلي مثل حقول النفط من كل الضربات الجوية على مساحة كبيرة؛ الحقيقة أن السعودية تملك كيانات متعددة وغالباً متنافسة تكون مسؤولة عن الدفاع الجوي، بمعنى أنه كان هناك تنسيق ضئيل أو لم يكن يوجد أي تنسيق على الإطلاق مع مجموعة الدفاع السعودي. وقال مسؤولون في البنتاغون ومحللون عسكريون إن هذا قد أسهم بعرقلة أي جهد لرفع الدفاع المناسب. 
من غير الواضح ما إذا كانت أي من كتائب صواريخ الباتريوت الأمريكية أرض-جو التي اشترتها السعودية من "رايثيون" في السنوات الماضية، قد تم نشرها لإيقاف الضربات القادمة. يقول خبراء الأسلحة إنه من الصعب على أي حال إيقاف صواريخ "كروز" منخفضة التحليق. 
أخبر الكولونيل باتريك إس رايدر، المتحدث باسم الجنرال جوزريف دانفورد، رئيس هيئة الأركان المشتركة، صحفيين في مؤتمر للأخبار، الخميس: "سيكون من غير المناسب بالنسبة لي أن أتحدث عن أنظمة الدفاع الجوي لدولة أخرى". وقال إن القيادة المركزية التي تشرف على القوات العسكرية الأمريكية في المنطقة، تعمل مع الجيش السعودي لمعرفة الأمور التي لا تسير على ما يرام، وتقوم بإصلاحها. 
قال مسؤول في السفارة إن الأسئلة التي أرسلت إلى السفارة السعودية في واشنطن، والمتعلقة باحترافية فعالية جيش المملكة، قد رُحلت إلى الخميس. 
أعرب 4 مسؤولين عسكريين أمريكيين ممن يعملون في برنامج التدريب مع الجيش السعودي، عن إحباطهم من نظرائهم السعوديين. حيث قالوا إن الجيش السعودي لا يملك النوع نفسه من فيلق الأفراد المجندين الذين يشكلون العمود الفقري للجيش الأمريكي، والعديد من الضباط تتم ترقيتهم بسبب محسوبيتهم وروابطهم مع العائلة الملكية. وكان قد تحدث المسؤولون الأمريكيون شريطة عدم ذكر أسمائهم، لأنهم لا يريدون توجيه الانتقاد لجيش حليف لهم. 
هؤلاء الضباط قد لاحظوا قوة خاصة من الجيش السعودي. فالنظام السعودي يفسح المجال لتطوير قوات العمليات الخاصة التي هي جيدة بشكل خاص في جمع المعلومات المخابراتية داخل البلد. وهذا النظام نفسه أقل قدرة على تطوير قوة مسلحة محترفة كبيرة مع قواعد صارمة من الانضباط المتجذرة في سلسلة قيادة صارمة. 
فعلى سبيل المثال، قال مسؤولون أمريكيون إن القوات الجوية السعودية لا تحتاج إلى نوع من التدريب المستمر مع ساعات من التحليق الشهري الإجباري، وهو الأمر الذي يطلب من القوات الجوية والبحرية الأمريكية. خلال الشهور الأولى من حملات القصف على اليمن اتضح أن الطيارين السعوديين لا يستطيعون التحليق على علو منخفض، وانتهى بهم المطاف برمي القنابل من ارتفاعات عالية، مما تسبب في وقوع المزيد من الضحايا المدنيين، وفقاً لطيار في القوات الجوية الأمريكية يعمل مع القوات السعودية. 
قال أحد ضباط القوات الجوية الأمريكية الذي عمل مع السعوديين خلال عملية المراقبة الجنوبية على العراق في التسعينيات، إن الأفراد الأمريكيين كان عليهم أن يضعوا كل الخطط للطيارين السعوديين المكلفين بضرب أهداف عراقية بواسطة طائرات الـ"إف16" الأمريكية. وقال الضابط إنه عندما بدأت هذه المهمات الرحلة قادت الطائرات الحربية الأمريكية الطريق إلى الأهداف في جنوب العراق، في خدمة مرافقة للسعوديين، والتي شبهها بعجلات التدريب. 
تدعو رؤية ولي العهد الأمير محمد بن سلمان للعام 2030، إلى تقليل اعتماد الدولة على النفط وتحويل صناعة الدفاع الخاصة بها، لكن لايزال غير واضح ما إذا كان الجيش السعودي نفسه متماشياً مع تحول مشابه. قال عدة خبراء في الأمن القومي إنه على الرغم من جميع تصريحات ولي العهد العلنية حول الحاجة إلى التحديث، فإنه لم يطبق هذه الأهداف في صراعات اليوم، بما في ذلك قرار دعم أنظمة الدفاع في الداخل. 
قال تود هاريسون، مدير تحليل ميزانية الدفاع في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية: "تعتاد على أن تكون قادراً على ضرب الناس بالحصانة، ومع تقدم التكنولوجيا فيجدون الأسلحة لكبحها، الأمر الذي يجعلك تتساءل عن كيفية امتلاكهم تلك الأسلحة". 

"ذا نيويورك تايمز"
19 سبتمبر 2019