التقطع والإتاوات تأشيرة العبور بين مفارز الجغرافيا المحتلة.. «تعز» رحلة الألف ميل
- تم النشر بواسطة عمر القاضي / لا ميديا

استطلاع/ عمر القاضي / لا ميديا -
أصبح السفر إلى تعز شاقاً ومعاناة كبيرة، أولاً بسبب نقاط التفتيش المنتشرة على طول الخط الإسفلتي الممتد من العاصمة صنعاء إلى حوبان تعز، وثانياً لأن الطريق من الحوبان إلى داخل مدينة تعز مغلقة من قبل مرتزقة التحالف، وهو ما يجبر جميع المسافرين على مواصلة رحلتهم عبر طرق مختلفة وجميعها وعرة ومرعبة، وتستغرق ساعات إضافية.
زيارة محفوفة بالمخاطر
استغرقت زيارتي الاستطلاعية إلى مدينة التربة، جنوب مدينة تعز، ما يقارب الشهر.
زيارة كانت محفوفة بمخاطر الطريق والنقاط الأمنية. لكن المغامرة والتحدي والشوق لزيارة القرية والأقارب والأصدقاء ومدينة التربة، كان هو الأقوى، وقد مضى بمشيئة الله والشجاعة.
وفي نفس الوقت لا أحد له الحق في منعك، لا المحتل الإماراتي ولا السعودي ولا مرتزقتهما ولا أي كان، طالما وأنت يمني وصاحب الحق المطلق في الأرض والسيادة والقرار وكل ما عليها.
لقد انطلقت زيارتي بدءاً من صنعاء إلى مدينة الدمنة وصولا إلى مدينة التربة جنوب تعز.
توقفنا لدقائق في مدينة الدمنة لغرض الانتقال من سيارة الأجرة التي أقلتنا من صنعاء إلى متن سيارة صالون أخرى قديمة، لكنها قادرة على اجتياز الطريق الوعرة.
أصبحت سيارات الصوالين والشاصات القديمة بمختلف أنواعها في مدينة الدمنة هي وحدها الفعالة والقادرة على اجتياز الطرق الوعرة، بعد أن أغلق المرتزقة طريق تعز الرئيسية، وحاصروا المدينة.
سيارة الصالون واصلت بنا المسير انطلاقاً من مدينة الدمنة باتجاه الغرب وصولاً إلى عزلة حوراء التابعة لمديرية سامع، حيث سلكنا طريقاً فرعية وعرة لا يسلكها إلا أهلها والمهربون أحياناً، ولا خيار آخر.
سيارة الصالون القديمة التي أقلتنا لم تستسلم لوعورة طريق مديرية سامع، ولم تأبه لمعاناة ركابها أيضاً، الذين تربطت أقدامهم مع بعضها، واختلط الحابل بالنابل بسبب وعورة الطريق غير المعبدة والمرعبة.
كنت أحد هؤلاء الركاب، غير أنني لم أعر تلك المشقة أي شأن. اتخذت من المقعد الأمامي مجلساً لي، وكانت يدي اليمنى متشبثة بمقبض صغير مثبت أعلى رأسي داخل الصالون، التي كما لو أنها صممت لطريق سامع الوعرة والمرعبة خصيصاً.
أما يدي الأخرى فقد انشغلت بتفتيش وتنظيف هاتفي المحمول من محتوياته، حيث بدأت أمسح كل شيء له صلة بأنصار الله والمسيرة والثورة ونقد المرتزقة. حذفت جميع المقالات التي كنت قد كتبتها في مذكرتي منذ بداية العدوان، حذفت زوامل عيسى الليث ورسائل الواتس.
سائق الصالون شاب أربعيني، كان مرحاً طوال الطريق، ولا أعرف لماذا هو مرح وهو يقود سيارته بإحدى يديه وسط طريق وعرة لا تبعث على المرح بتاتاً. بينما يده الأخرى كانت مشغولة بمهمة تعبئة فمه بأغصان القات الماوية، وبشراهة مولعي لا يكتمل كيفه ومزاجه إلا في طريق سامع الوعرة.
«سامع كلها محايدة»!
سلك بنا سائق الصالون وادياً مليئاً بالحفر والأحجار. وكنا جميعنا على متن سيارته نهتز ونتأرجح وترتطم رؤوسنا على جوانب وسقف صالونه الحديدي غير المنجد.
تجاوزنا آخر نقطة تابعة للجيش واللجان الشعبية، والتي تبعد عن مدينة الدمنة حوالي 3 كيلومترات باتجاه الجنوب. بعد أن تجاوزنا تلك النقطة لم نعد نشاهد شعارات الصرخة ولا أي نقاط أمنية تابعة للجيش واللجان الشعبية.
مدينة الدمنة باتت بعيدة عنا ونحن نسلك طريق مديرية سامع، توارت خلفنا وتوارت معها أيضاً صورة الشهيد صالح الصماد المعلقة على بوابة المدينة.
والجدير ذكره هنا أن مدينة الدمنة الواقعة شرقي تعز تزدهر ببناياتها الحديثة، وتكتظ أيضاً بآلاف النازحين الفارين من جحيم الحرب في مدينة تعز، وهي تأتي في المركز الثاني بعد مدينة التربة في احتضان نازحي تعز، وبشتى توجهاتهم وانتماءاتهم.
عند نهاية الوادي، سألت السائق عن اسم المكان الذي نحن فيه، فقال: نحن في منطقة حوراء، وهي تابعة لمديرية سامع. مضيفاً أنها تحت سيطرة «الحوثيين»، حسب تعبيره.
السائق اتجه بنا يساراً نحو مرتفع جبلي لنشق نقيله الوعر وصولاً إلى الأعلى.
كانت طريق النقيل ضيقة ومرعبة، واصلنا المسير نحو منطقة، وهنا سألت السائق مجدداً عن اسم المنطقة، فقال لي بأن اسمها منطقة الخضراء، وتتبع مديرية سامع، وقد كانت تبدو بالفعل خضراء وفاتنة أيضاً. فقط طريقها وعرة وغير صالحة للعبور. لكن الحرب جعلتها صالحة وحيوية ولا بديل آخر عنها بعد أن أغلق مرتزقة التحالف طريق تعز، لتصبح تلك الطريق الوعرة هي البديل.
بينما كنا نجتاز طريق منطقة الخضراء المتعرجة، أضاف سائق الصالون: من هنا إلى نهاية منطقه الخضراء جنوبا، وصولاً إلى بداية عزلة بني يوسف، تعتبر منطقة محايدة.. واستطرد يكمل حديثه: سامع كلها محايدة.
منطقة الخضراء تتبع مديرية سامع، وتقدر مساحتها بحوالي 7 كيلومترات مربعة. رددت عليه مستغرباً: مديرية سامع كلها منطقة محايدة؟! فقال: أيوه، لا أحد يسيطر عليها، لا «الحوثيين» ولا أصحابنا، يقصد بأصحابه المرتزقة. قلت مازحاً: لأنها منطقة وعرة، لا أحد يريدها.
قاطعني قائلاً: «الحوثيين» دخلوها سابقاً ثم انسحبوا منها.
ممارسات استفزازية
واصل السائق المسير بنا عبر منطقة الخضراء دون أن نشاهد أي تواجد للنقاط الأمنية حتى نهاية الطريق، لكنني عدت مجدداً لتفتيش هاتفي المحمول، وبدأت أمسح أي شيء له علاقة بأنصار الله. حذفت رسائل التليجرام، ثم فكرت بالقيام بتعديل ألقاب بعض الأصدقاء، كنت أفكر مثلاً بتعديل ألقاب أصدقائي التي لها صلة بـ«آل البيت»، غير أنني تراجعت عن ذلك.
والسبب أنه في السابق كانت نقاط المرتزقة تتعمد ممارسة هذا العمل وبكل استفزاز للمسافرين، كانوا يطلبون من المسافرين إبراز هوياتهم، ومن لا يحمل بطاقته الشخصية يتم اعتقاله والتحقيق معه، وليس ذلك فقط، بل إن بعض نقاط المرتزقة تقوم بتفتيش هواتف المسافرين.
وقد تعرض الكثير من المسافرين لمضايقات واعتقالات، إما بسبب ألقابهم أو انتماءاتهم أو كتاباتهم، أو لأن هواتفهم المحمولة تتضمن زوامل أو صوراً لها علاقة بأنصار الله. أما الآن فقد خفت مثل تلك الممارسات إلى حد ما، وإن كنت لا أجزم باختفائها كلياً، لأنه لاتزال بعض تلك الممارسات حاضرة إلى يومنا هذا في النقاط الأمنية التابعة للمرتزقة.
لكن ما شاهدته وسمعته من المواطنين أثناء زيارتي هذه تقول بأن نقاط المرتزقة لم تعد تطلب بطائق وهويات الركاب بشكل دائم كما كان في السابق.
وبالعودة إلى الحالة التي كنت فيها، أتذكر أني قبل أن أسافر بيومين عندما كنت في العاصمة صنعاء، غادرت من جميع المجموعات في الواتس والمواقع الإخبارية وقنوات التليجرام التابعة لأنصار الله، غادرت موقع صحيفة «لا»، وموقع «المساء برس»، رغم أنها مواقع محايدة. لكن من الذي يقنع المرتزقة؟ يبحثون عن أي شيء للمزايدة عليك. وأنا لا ينقصني ذلك.
أذكر أنني غادرت من قناة المسيرة الموجودة في التليجرام، بينما استمر صديقي جميل المقرمي في إضافتي للقناة عدة مرات، فلم يكن يدرك حينها أنني مسافر إلى جغرافيا تسيطر عليها مليشيات ومرتزقة لا علاقة لهم بالأمن ولا بالوطن ولا بالمواطنين لا من قريب ولا من بعيد.
ربما كنت مبالغاً في تصرف كهذا، لكن تلك العبارة التي تقول «الحذر ولا الشجاعة» كانت حاضرة في ذهني منذ البداية، خصوصاً وأني مسافر إلى جغرافيا تسيطر عليها قوى الاحتلال الإماراتي والسعودي ومرتزقتهما القذرون، الذين وزعتاهم في الجبهات والمعسكرات التابعة لهما وفي النقاط الأمنية المنتشرة على الطرقات للتقطع على المواطنين وفرض الجبابات على التجار والاعتقال أحيانا.
وصلنا أول نقطة أمنية تابعة لما يُسمى اللواء 35 التابع للمرتزقة، وكانت هذه النقطة تتمركز وسط وادٍ تابع لعزلة بني يوسف، كنت حينها مرعوباً كثيراً، ومن دون أي سبب.
صحيح أنني لم أرتكب أي شيء ضد بلادي أو شعبي، ولكن لأنني وقفت صامدا مع شعبي
ومع بلدي وضد المحتل القذر، وبالكلمة الحرة. وذلك أقل القليل مما يفترض منا تجاه الوطن، لكن مثل هذا الموقف من المؤكد أنه يستفز المحتل ومرتزقته كثيراً.
أيضاً لم أعد أثق بأحد، بالذات وأنا في ذلك المكان، لا أثق بنقاطهم الأمنية التي يقوم عليها مرتزقة تابعون للاحتلال الإماراتي والسعودي، خصوصاً وأن سمعتهم وصيتهم السيئ مليء بالانتهاكات والجرائم المرعبة التي يرتكبها المرتزقة ضد الآخرين وفي ما بينهم، فهم مجرد مرتزقة يعملون مع محتل قذر وبمقابل مادي، ولا تعني لهم حياة اليمنيين شيئاً، لذا فأي شخص لا يتفق معهم عرضة للخطر ومن أتفه الأسباب.
في أول نقطة للمرتزقة استوقفنا شاب عشريني يرتدي بنطالاً داكناً وفانيلة نص كم وجاكت عسكرياً بنفس زي الفرقة المقرف.
كانت ملابسه شديدة الاتساخ، حيث يبدو كأنه لم يستبدلها أو يغسلها منذ أن التحق بالارتزاق مع العدوان. بعد أن استوقفنا هذا الشاب، بادر السائق بالسؤال: من أين؟
رد عليه السائق: من الدمنة، وأردف: هؤلاء مسافرين من صنعاء.
استدار الشاب المرتزق يمشي على محاذاة السيارة، وبخطوات لص يتطلع إلى الداخل، وهو «يبحلق» في وجوه المسافرين.
حينها كانت عيني تطوف في الأرجاء تتفحص المكان، لتتسمر على العلم اليمني الذي يعلقه المرتزقة على «قرطة» ساق ذرة يابسة، وقد أصبحت ألونه الثلاثة باهتة في هذه النقطة المتواجدة وسط تلك السائلة.
هكذا شاهدت العلم اليمني، منحنياً حزيناً، ولا يرفرف أيضاً، وبالذات وهو شاهد على تصرفات المرتزقة تجاه المسافرين، وبصمت لن يرفرف أبدا.
بعد أن انتهى الشاب المرتزق من مهمته المستفزة تلك، عاد إلى السائق ليسأله: «أي شيء معك مخالف لإجراءاتنا الأمنية بنلحقك».
هز السائق رأسه موافقاً، ثم انطلق بنا يقود سيارته لاستكمال وادي بني يوسف المتشح بالخضرة والأشجار الوارفة التي تبهر المسافرين.
بعد أن ابتعدنا عن النقطة الأمنية سألت السائق: أيش يقصد بإجراءاته الأمنية.
رد السائق: «هؤلاء قطاع طرق، صدقت أبوه إنه يهمه إجراءات وإلا أمن وإلا وطن، هذا يهمه جيبه فقط».
وأضاف: «قاموا يفعلوا لنا نقطة وسط السائلة بين الماء».
يشتوا حقهم
في النقطة نفسها شاهدت شاحنة محملة بالبضائع كانت متوقفة، فقلت للسائق: «ليش الشاحنة هاذيك متوقفة في النقطة؟». رد: «يشتوا حقهم». وأضاف: «يا رجال لو معك دبتين ديزل وإلا بترول وإلا غاز محملها فوق الشبك، يمنعوك من الدخول بها إلى مدينة الدمنة، ولا يسمحون لك بالعبور إلا بعد أن تدفع حقهم وإلا ينزلوها ويصادروها».
في نقاط المرتزقة يمنع أي سائق يدخل «دبيب» بترول أو ديزل أو غاز إلى مدينتي الدمنة والحوبان، حتى لو كانت خاصة بالسائق ومن أجل استخدامه الشخصي.
النقاط الأمنية للمرتزقة ترغم جميع سائقي الشاحنات المحملة بالبضائع وسيارات الأجرة على دفع مبالغ مالية مقابل السماح لهم بالعبور، حيث لا يسمح لسائقى الشاحنات المحملة بالبضائع بالعبور إلا بعد دفع إتاوات لكل نقاط التفتيش المتواجدة على كل الطرق التي يسيطر عليها المرتزقة، لذلك فإن تكثيف عدد النقاط الأمنية في كل الطرق التي يسيطر عليها المرتزقة، الهدف منه هو الحصول على الإتاوات من السائقين مستخدمي الطريق.
المرتزقة رفضوا فتح طريق تعز
منذ أن بدأ العدوان حصاره لليمن وعلى تعز بالذات، أجبر العديد من المسافرين على استخدام طرق وعرة متجشمين وعثاء السفر ومخاطره الكبيرة، بعد أن قام المرتزقة بإغلاق الطريق الرئيسية الوحيدة المسفلتة، التي تبدأ من منطقة الحوبان وتمر وسط مدينة تعز مروراً بالضباب وجبل حبشي ومدينة النشمة ثم السمسرة ووصولاً إلى مدينة التربة جنوباً.
وقد وجه عدد من الناشطين الاتهام لمرتزقة الاحتلال السعودي والإماراتي بالوقوف وراء إغلاق معابر وطريق تعز، مشيرين إلى أنهم يهدفون من وراء ذلك خنق ومحاصرة أبناء المدينة والمزايدة به إعلامياً من أجل المتاجرة بمعاناتهم في المحافل الدولية، ولدى المنظمات الإنسانية، مؤكدين أن أهدافهم هذه مفضوحة ومعروفة للجميع، ولا تنطلي أكاذيبهم السمجة على أحد.
مرتزقة الاحتلال بتعز هم من تعمدوا إغلاق الطريق عند جولة القصر في مدينة تعز، وتحت مبرر سخيف مضمونه أن أنصار الله يتقدمون عبر ذلك الطريق، لكن العديد من أبناء المدينة ينفون زيف وأكاذيب مليشيات الإصلاح، ويؤكدون أن أنصار الله لا علاقة لهم بإغلاق طريق مدينة تعز.
لكن حتى لو افتراضنا صحة ما يقوله المرتزقة بأن أنصار الله هم من يفرضون الحصار على تعز، فإن السؤال الذي يبحث عن إجابة هنا هو: لماذا أنصار الله هم من يقدمون المبادرات الإيجابية لأجل فتح جميع المعابر والطرق المغلقة في تعز، بينما يرفض مرتزقة العدوان وعلى رأسهم مرتزقة الإصلاح تلك المبادرات؟
آخر مبادرة قدمها أنصار الله بهذا الخصوص كانت قبل 3 أسابيع، لكن مرتزقة الاحتلال في تعز لم يبدوا أي تفاعل مع هذه المبادرة، ورفضوا التعاطي معها بإيجابية، ولم يكتفوا بذلك، بل عمدوا إلى نشر الأكاذيب حولها عبر وسائلهم الإعلامية بهدف قطع الطريق أمام أي جهود تبذل لإنجاح المبادرة.
وقد سمعت بعض مرتزقة الإصلاح في تعز وهم يبررون للمواطنين رفضهم لمبادرة فتح المعابر باختلاق المبررات السامجة وبشكل غير مباشر، وهو ما يؤكد أنهم من يقفون وراء إغلاق المعابر ومحاصرة تعز.
معاناة المواطنين
في المقابل، كانت مبادرة أنصار الله الأخيرة محل ترحيب واسع من أبناء المحافظة الذين لا علاقة لهم بمرتزقة الإصلاح والأحزاب المنضوية تحت مظلة العدوان.
صحيفة «لا»، التقت عدداً من المواطنين، الذين تحدثوا عن معاناتهم جراء الحصار الذي يفرضه المرتزقة عليهم في تعز.
محمد، أحد شباب المدينة ويعمل في صنعاء، قال: كنت انتقل من الحوبان إلى وسط المدينة خلال ربع ساعة، قبل أن يغلق المرتزقة طريق الحوبان المؤدية إلى وسط المدينة، أما الآن فتستغرق الرحلة 5 ساعات، وأدفع 8000 ريال أجور مواصلات، من أجل أن أدخل المدينة.
وأضاف: علشان أصل إلى أسرتي في المدينة، علي أولاً أن أنتقل إلى الدمنة شرقاً، ثم ألف وأدور على مدينة تعز عبر طريق وعرة تمر بمديرية سامع وصولا للمسراخ، ثم إلى الضباب جنوب المدينة، ومن هناك يسمحوا لنا بالدخول إلى المدينة.
ويواصل محمد: تخيل أن طريق سامع ـ المسراخ كانت الطريق الوحيدة التي يعبر فيها آلاف المسافرين من أبناء المدينة وأبناء الريف، إلا أن المرتزقة يقطعونها بين حين وآخر تحت مبرر أن أنصار الله يتسللون عبر هذه الطريق.
محمد، ليس سوى نموذج واحد من بين آلاف المواطنين الذين يعانون يومياً مشقة ومتاعب السفر إلى تعز أو الخروج منها، بسبب وعورة الطريق وابتزاز النقاط التابعة للمرتزقة والمنتشرة على طول الطريق، والتي تفرض الجبايات والإتاوات على المركبات والمسافرين دون رحمة، حسب تعبير محمد.
تعددت الطرق والوعورة واحدة
تمثل مدينتا الدمنة والراهدة كمحطتي ترانزيت للمسافرين من تعز وإليها، ومنهما يواصلون سفرهم عبر عدة طرق مختلفة الاتجاهات، ومتشابهة في الوعورة.
تتفرع من مدينة الدمنة طريقان فرعيتين، كلتاهما تمران بمديرية سامع، وكلتاهما أيضاً شديدة الوعورة.
الطريق الأولى، تمتد عبر سامع باتجاه الغرب نحو المسراخ والضباب وصولاً إلى الخط الإسفلتي الذي يربط مدينة تعز بالتربة جنوباً.
أما الطريق الثانية فتمتد من منطقة الخضراء شرق مديرية سامع مرورا إلى عزلة بني يوسف وعزلة قدس وصولا إلى مديرية الشمايتين، ثم مدينة التربة.
وهناك طريق ثالثة، وهي وعرة أيضاً، تنطلق من الدمنة باتجاه حيفان الأعبوس والخزجة مرورا بمنطقة طور الباحة التابعة لمحافظة لحج، وتتفرع منها طريقان، الأولى إسفلتية تمتد إلى عدن، والأخرى طريق وعرة تتجه غربا عبر طريق وسط سائلة هيجة العبد وصولا إلى التربة.
أما من الجهة الشمالية الغربية لمدينة تعز، فقد كانت طريق الستين ـ الربيعي، الطريق الوحيدة والأقرب التي كان يعتمد عليها جميع أبناء تعز، للوصول إلى المدينة والقرى القريبة منها، لكن المرتزقة تعمدوا إغلاق خط الستين، بإغلاق الطرق الفرعية المؤدية إليه، كما أنه لم يعد آمناً كما كان في السابق.
سائلة هيجة العبد المرعبة
تبدأ طريق سائلة هيجة العبد من منطقة طور الباحة جنوباً وصولا إلى بداية الهيجة غرباً، وتقدر بمسافة أكثر من 20 كيلومتراً.
العبور وسط سائلة هيجة العبد مغامرة كبيرة وانتحار، خصوصاً في موسم الأمطار، حيث يضطر سائقو المركبات للانتظار لساعات أثناء هطول الأمطار، ثم يواصلون سيرهم.
وماتزال الحادثة المرعبة التي حصلت قبل نحو عامين في السائلة حاضرة في أذهان الكثيرين، حيث جرفت السيول عدداً من الركاب المسافرين في الليل وسط السائلة.
سائلة هيجة العبد ليست الوحيدة الخطيرة على المسافرين، فهناك سائلة الأقروض أيضاً، وكل الطرق الوعرة التي تعد خطيرة على سالكيها.
المصدر عمر القاضي / لا ميديا