غوين داير -
ترجمة خاصة :زينب صلاح الدين / #لا_ميديا -

بعض الحروب تنتهي بانتصار، لكن العديد منها تنتهي بتعب ونفاد طاقة. لطالما بدت الحرب في اليمن الآن، والتي شارفت على خمسة أعوام، أنها ستنتهي كما في الصنف الثاني من نهايات الحروب وربما يكون الوقت قريباً جداً نوعاً ما. 
وقد لا يكون ذلك في الوقت القريب جداً، فلقد خلفت الحرب بالفعل ما لا يقل عن 100 ألف قتيل يمني و80% من سكان البلد البالغ عددهم 30 مليوناً بحاجة إلى مساعدات إنسانية. قال التحالف الذي تقوده السعودية في الأسبوع الماضي، والذي دمرت قنابله البلد، إنه سيطلق سراح 200 أسير حوثي متمرد، وسيسمح للجرحى من المدنيين بالسفر خارج صنعاء العاصمة التي يسيطر عليها التمرد من أجل تلقي الرعاية الطبية في الخارج. 
ويقدم السعوديون هذه التمهيدات لأنهم في واقع الأمر يتحضرون بشكل بطيء جداً لخسران الحرب. وهم يملكون السيطرة على القوة الجوية، لذلك يستطيعون قصف أي شيء يتحرك (بما في ذلك عدد لا يصدق من حفلات الزفاف). وتحالف دكتاتورياتهم وممالكهم من مصر إلى الإمارات يمنحهم أعداداً هائلة من القوات على الأرض. وما يزالون عاجزين عن الإتيان بالنصر. 
تتفادى السعودية بشكل عام إقحام قواتها الخاصة في القتال البري، ولكن الحوثيين حالياً يقومون بنقل الحرب إلى الأراضي السعودية. قد يكون ادعاؤهم بقتل 500 من القوات السعودية وأسرهم لأكثر من 2000 في إغارة على جنوب غرب السعودية مبالغاً فيه، لكن شيئاً كبيراً من هذا القبيل قد حدث بالفعل في سبتمبر الماضي. 
وأتبع ذلك بضربة ناجحة فوق العادة بصواريخ كروز وطائرات بلا طيار مسلحة على أكبر منشأتين لتكرير النفط في السعودية في منتصف سبتمبر. حاولت الرياض إلقاء اللوم إيران كالعادة لأنه من المهين جداً أن يقال إن هذا الهجوم قد نفذه يمنيون بائسون وتعيسون، مع ذلك يحتمل أن الحوثيين هم من قاموا بذلك. 
وبدأ التحالف السعودي يتهاوى وينهار كما كان عليه بالفعل. فقد تحولت الإمارات التي كانت المسؤولة عن إدارة العمليات في جنوب اليمن بولائها عن الحكومة "المعترف بها دولياً" المدعومة من السعودية، حكومة عبد ربه منصور هادي، إلى المجلس الانتقالي الجنوبي، وهي جماعة انفصالية تريد إعادة بناء دولة الجنوب اليمنية القديمة. 
في أغسطس، أخرج المجلس الانتقالي قوات هادي من عدن، المدينة الرئيسية في الساحل الجنوبي والعاصمة القديمة للجنوب. وعندما حاولت قوات هادي الموالية للسعودية إعادة السيطرة على عدن، أوقفتهم الإمارات بغارات جوية قتلت 30 جندياً من الحكومة التي تعسكر حالياً في الصحراء الداخلية لمدينة مأرب. 
لهذا السبب يمكن أن تؤدي هذه الحرب الحقيرة والغبية في نهاية المطاف إلى وقف لإطلاق النار طويل الأمد. ويحتمل ألا يكون هناك تسوية سلام فعلية، لأن ولي العهد محمد بن سلمان حاكم السعودية الفعلي سيفضل إخفاء هزيمته (بالنسبة لكونها حربه التي اختارها). لكن ستظل نعمة عظيمة للشعب اليمني. 
بدأ رعب الخمسة أعوام الماضية لأن السعوديين استغلوا سقوط علي عبد الله صالح الدكتاتوري الذي حكم لفترة طويلة في 2012 إلى المناورة برجلهم عبد ربه منصور هادي إلى السلطة كرئيس انتقالي. لماذا؟
اليمن -الجارة الجنوبية للسعودية- تملك تقريباً نفس الكثافة السكانية، إلا أنها تملك القليل من النفط وهي فقيرة للغاية. لهذا السبب كان السعوديون مستائين جداً بشأن احتمال التطرف في اليمن، وظلوا يتدخلون باستمرار في سياسات هذا البلد (مع بعض النجاح لأن الأموال كانت تفرض نفسها). 
بدأ رجلهم هادي بالظهور في 2012 بفترة رئاسة مدتها عامان، ليعقب ذلك (نظرياً) انتخابات ديمقراطية. وبدلاً من ذلك، بقي في السلطة بعد انتهاء فترة حكمه ووضع دستور جديداً كان سيضفي "اللامركزية" ويستبعد الجزء الشمالي ذا الكثافة السكانية من أي حصة من عائدات النفط. 
كانت لعبة هادي ببساطة من أجل إعادة توجيه تدفق عائدات النفط إلى نفسه وإلى أصدقائه المقربين، لكنها أيضاً خدمت أغراض السعودية لأنها ستبعد شمال اليمن عن هذا العائد. معظم الشماليين، ولاسيما القبائل الحوثية الذين هم من الشيعة. والسعودية السنية دائماً تتهمهم بتورطهم مع منافستها الكبيرة على امتداد الخليج إيران، ذات الحكم الشيعي. 
لا يوجد أي دليل على أن الإيرانيين قد أرسلوا شيئاً للحوثيين، بل إن الحوثيين قد شهدوا ما كان يحاول هادي فعله بهم، فتمردوا عليه. ففر إلى السعودية، وهو هناك منذ ذلك الحين بينما تخوض "حكومته الشرعية" (التي لم يتم انتخابها أبداً) حرباً تقودها السعودية لإعادته إلى السلطة. 
أصبح من الواضح الآن أن السعودية لن تكسب الحرب. فبعد خمسة أعوام من الحرب لا يزال الحوثيون يسيطرون على ثلاثة أرباع السكان، ولا بد أن لديهم دعماً شعبياً كبيراً في الوقت الذي ينكسر فيه التحالف المناهض للحوثي. وبالتالي المنتصرون معروفون، وحان الوقت لوقف الحرب. سيجد ولي العهد محمد بن سلمان الطريق الصعب للذهاب بعيداً دون الاضطرار إلى إهانة نفسه بشكل علني. وهذا ربما يأخذ بعض الوقت، والمزيد من القتلى بالطبع. 
غوين دايير صحفي ومؤرخ عسكري كندي من المنتقدين للسياسة الخارجية الأمريكية

*  المصدر: "بانكوك بوست"
صحيفة يومية تايلاندية تصدر بالإنجليزية