ذو الفقار يوسف / #لا_ميديا -

عقب الحصاد الكبير لعملية "البنيان المرصوص"، الذي وضع مأرب والجوف في خناق رجال الرجال في جيشنا ولجاننا، أعلنت واشنطن عن مصرع المدعو قاسم الريمي، زعيم ما يسمى "القاعدة في جزيرة العرب"، بغارة لطيران درون أمريكي.

لمـاذا الآن تحديداً؟!
ثمة أكثر من دافع لهذا الخبر السيناريو الذي تهدف من خلاله واشنطن ـ بالعموم ـ لتشتيت الانتباه عن انحسار محور هيمنتها الـ"شرق أوسطية" المتسارع وتداعي يافطات خرافاتها الكبرى في المنطقة من "داعش" وممالك البترودولار الوهابية إلى "الديمقراطية" وصولاً إلى "صفقة القرن".
أحد الدوافع الواضحة في واجهة المشهد تتمثل في أن ترامب يريد ضمان تأشيرة مرور لولاية رئاسية ثانية عبر مراكمة أوراق رابحة، على غرار ورقة تصفية "أبو بكر البغدادي" الدمية الأمريكية النافقة، واغتيال اللواء قاسم سليماني العدو الحقيقي والنقيض المناهض للهيمنة الامبريالية والاستكبار العالمي.
كما أن انحسار ترسانة تحالف العدوان المتذرع بلافتة "الشرعية" أمام رجالنا وفي مركز قيادته الرئيسي بمأرب والجوف، يستدعي تفعيل الذريعة التقليدية الأمريكية "مكافحة الإرهاب- المتموضع" لتخويض طبوغرافيا الاشتباك التي يتقهقر عنها تحالف بعران واشنطن وعملائها ومرتزقتها في اليمن، كما ولشغل مساحة الشغور باشتباك افتراضي مع الصنائع التكفيرية للاستخبارات الأمريكية التي هي منضوية بالأساس ضمن قوام تحالف العدوان منذ البدء.
وتتوقع واشنطن من وراء هذا التخويض الطبوغرافي تصفير مكتسبات المفاوض الوطني المترتبة على الانتصارات الميدانية الفارقة والتي لا مناص لدول تحالف العدوان من الإقرار بها ودفع أكلافها الباهظة أمام صنعاء كخيار حتمي ووحيد؛ وذلك بتغييب الطرف الآخر الحقيقي في المواجهة والمتمثل في دول التحالف بقيادة أمريكا خلف لافتة زئبقية لعدو اسمه "القاعدة" تمسك واشنطن بزمام إدارته ميدانياً خارج سياق الاشتباك الفعلي الدائر منذ 5 أعوام، بحيث لا يجد المفاوض الوطني أمامه على ضفة التفاوض المقابلة سوى فراغ وشبح بلا حيلة تماماً كما هو شبح "الشرعية" المزعومة والمسلوبة القرار.
يدرك المدير التنفيذي الأمريكي أن هزيمة تحالف العدوان على اليمن في مأرب والجوف، ستسحب نفسها على هيئة هزيمة قاضية للتحالف، في الساحل الغربي حتماً، ومن ثم في كل جغرافيا التراب الوطني الواقعة تحت الاحتلال، لذا فإن مسارعة واشنطن لتفعيل لافتة "مكافحة الإرهاب" الذرائعية هي برجاء إدارة الجغرافيا المحتلة كمسرح مقطوع الصلة بالسيادة اليمنية ومفخخ بـ"الجماعات الإرهابية" التي "تهدد الأمن والسلم الدوليين" و"طرق الملاحة البحرية في الأحمر والعربي"، الأمر الذي "يخول أمريكا شرعنة أطماع سيطرتها أمميا بمدد عسكري دولي، لاسيما في المثلث المائي المؤلف من خليج عدن، باب المندب، المخا وصولاً لموانئ الحديدة"!
مطابخ العدوان تضخ أخباراً تصب في مصلحة هذه الوجهة والغاية الأمريكية من قبيل: ".. مبايعة فروع التنظيم لـ"أبو الحسن المأربي" خلفاً للريمي على رأس القاعدة في الجزيرة العربية"، والحقيقة أن تداول أخبار مثيلة على محمل المباشرة هو خطيئة تقع فيها وسائل إعلام وطنية وأخرى صديقة، فتسهم في نفخ بالونة الخرافة عوضاً عن استفراغها بالتحليل وقراءة ما وراءها من مغاز وغايات.
أبو الحسن المأربي "المصري" الذي يتخذ من وادي عبيدة بمأرب رباطاً عسكرياً وتعبوياً شبه رسمي شبيهاً بـ"أربطة كتاف ودماج" العسكرية المموهة باسم "معاهد الحديث"، هو شخص ظل يتجول علناً بمباركة السلطات المحلية والمركزية للوصاية بصنعاء قبل ثورة 21 أيلول، وأكثر من ذلك فقد رافق علي عبدالله صالح في حملته الدعائية خلال انتخابات الرئاسة عام 2006، وخطب من منابر هذه الحملة حاثاً الناخبين على التصويت لعلي صالح كـ"فريضة شرعية يأثم غير الملتزمين بها"، وفي 2007 الذي شهد تفجيرات انتحارية حصدت أرواح "7 سياح إسبان جوار معبد أوام الأثري المكتشف حديثاً حينها، وقبلها سلسلة اغتيالات طاولت مدير مباحث مأرب قصيلة وغيره من شخصيات أمنية واجتماعية".. جرى تعيين نجل "أبو الحسن المأربي" مديراً عاماً لمكتب "الواجبات والزكاة" بمحافظة مأرب، كمكافأة له.
على الضفة النقيض لهذا السيناريو من سيناريوهات تحالف العدوان الأمريكي الصهيوني وبُعرانه من دواعش ومرتزقته، يعمل رجال الرجال في كواليس المشهد الذي تتكشف مفاجآته تباعاً، على تعميق الهاوية بحراً وبراً وجواً لتحالف الاحتلال والغزو الكوني بحيث لا تقوم له قائمة، وإزاء ذلك يسعى المبعوث الأممي محاولاً تثبيط مسار الاشتباك على الضفة الوطنية بدعاوى السلام والحوار وخفض التصعيد عبثاً، فالسبيل إلى السلام الكريم والحقيقي يمر من فوهة بندقية التحرير وتثبيت حق سيادة أبناء الأرض على ترابها قولاً وعملاً.
عدا هذا السبيل فإن كل سبيل مهما كان محفوفاً بشعارات براقة هو منزلق لتبديد الوقت الثمين وتمكين للعدو من فسحة مديدة لتمرير مشروعه عبر العمل العسكري العدواني الذي أخفق خلال سنوات الاشتباك الـ5 ويوشك اليوم أن يستفرغ نفسه الأخير تحت وطأة أقدام الحفاة المجاهدين رجال الرجال في جيشنا ولجاننا الشعبية.