ديفيد هيرست - موقع "ميدل إيست آي" البريطاني -

شن ولي العهد السعودي حملة تطهير جديدة في صفوف الأمراء من الأسرة المالكة في السعودية، بعد إلقاء القبض على المعارض الأعلى مرتبة في العائلة المالكة الأمير "أحمد بن عبدالعزيز"، شقيق الملك "سلمان"، بزعم تخطيطه لانقلاب على ابن الملك وولي العهد "محمد بن سلمان".
وشملت الحملة إلقاء القبض على ما يصل إلى 20 أميرا، بزعم كونهم جزءا من انقلاب للإطاحة بولي العهد، وفقا لما أورده موقع "ميدل إيست آي".
وهناك 4 أسماء معروفة حتى الآن، وهم الأمير "أحمد"، ونجله الأمير "نايف" رئيس هيئة استخبارات وأمن القوات البرية، وكذلك ولي العهد السابق الأمير "محمد بن نايف"، وأخوه غير الشقيق "نواف".
وأكدت مصادر أن نجل الأمير "أحمد" هو أعلى عضو في القوات المسلحة السعودية تم اعتقاله حتى الآن.
وبعد لحظات من الاعتقالات، أمر "ابن سلمان" الأمراء في المملكة بكتابة تغريدات تثبت ولاءهم له، وهو ما فعله 3 منهم.
ووفقا لمصدر إقليمي استشهدت به "رويترز"، اتهم "ابن سلمان" الأمراء بإجراء اتصالات مع قوى أجنبية، بما في ذلك الأمريكان وغيرهم، للقيام بانقلاب.
ونقلت "رويترز" عن مصادر قولها إن الملك "سلمان" وقع بنفسه أوامر الاعتقال، وزعموا أن حالته العقلية كانت جيدة. ومن المعروف أن الملك يعاني من مرض "ألزهايمر".
وكانت هناك مخاوف يوم الجمعة حول مصير الأمير "متعب بن عبدالله"، الذي كان يُعتبر ذات يوم منافسا بارزا للعرش، والذي تم إطلاق سراحه من الاحتجاز والتعذيب في فندق "ريتز كارلتون" عام 2017، بعد أن دفع أكثر من مليار دولار في تسوية مع السلطات.
و"متعب"، البالغ من العمر 65 عاما، هو ابن الملك الراحل "عبدالله"، والرئيس السابق للحرس الوطني.

عمل جريء
وتعد "حملة التطهير" الجارية هي الأكثر جرأة حتى الآن من "ابن سلمان" في سعيه للاستحواذ على السلطة المطلقة.
وسيكون للحملة آثار أكبر على استقرار المملكة من حملة التطهير السابقة، التي طالت ما يصل إلى 500 عضو من نخبة رجال الأعمال والأمراء في فندق "ريتز كارلتون"، بتهم فساد مزعومة، في 4 نوفمبر 2017، وحتى أكبر من قتل الصحفي السعودي "جمال خاشقجي" في القنصلية السعودية بإسطنبول، بعد عام.
وكانت كل من الاستخبارات الأمريكية والبريطانية حصلت على ضمانات من "ابن سلمان" بأن الأمير "أحمد" لن يتم اعتقاله لدى عودته إلى المملكة من لندن في أكتوبر 2018.
وكان "ابن نايف" نفسه عضوا موثوقا به في تحالف مكافحة الإرهاب بقيادة وكالة الاستخبارات المركزية والبنتاجون.
ومنذ خلعه من منصبه كولي للعهد، تم تجريد "ابن نايف" من حاشيته وهواتفه المحمولة، ولم يُسمح له بالسفر. وتم اعتقاله هو وأخوه غير الشقيق أثناء وجوده في مخيم صحراوي خاص يوم الجمعة.
ووفقا لمصادر "ميدل إيست آي"، كان "ابن نايف" قد اشتكى بمرارة للأصدقاء وفي رسائل إلى الملك نفسه، بشأن سحب بدلاته الملكية.
وقد تم ذكر اسم اA271;مير "ابن نايف" والأمير "أحمد" باستمرار من قبل أصوات بارزة في العائلة المالكة في إطار الحديث عن البدائل المحتملة لولي العهد، وذلك بسبب عدم الرضا عن حكمه المطلق في المملكة.

معارضة "ابن سلمان" ليست سرا
ويعد الأمير "أحمد" هو المعارض الملكي الأعلى مرتبة في المملكة، وكان منفتحا في انتقاداته لـ"ابن سلمان".
وعندما غادر منزله في لندن ليعود إلى المملكة في أكتوبر 2018، اعتبر أن مكانته كشقيق أصغر للملك، وليس فقط آخر الإخوة السديريين الـ7، تعطيه الحصانة من تصرفات ابن أخيه.
وكما كشفت "ميدل إيست آي" في ذلك الوقت، كان الأمير "أحمد" مترددا في قرار عودته، وكان يفكر في البقاء دائما في المنفى.
وتم إقناع "أحمد" بالعودة من خلال مناشدات من الأمراء الآخرين، مما يدل على التقدير العالي الذي ظل يحظى به في المملكة، ولايزال يتمتع بنفوذ رسمي كعضو في مجلس البيعة، وهو الهيئة التي يجب أن توافق اسميا على صعود "ابن سلمان" للعرش.
ولم يخفِ "أحمد" معارضته لتعيين "ابن سلمان" وليا للعهد، أو حرب اليمن التي أطلقها عام 2015، قبل أن يمضي عطلة في جزر المالديف.
وتحدى "أحمد" ولي العهد خلال مظاهرة رمزية قام بها متظاهرون يمنيون وبحرينيون وهم يهتفون: "يسقط آل سعود"، خارج منزله بلندن، قبل شهر واحد من مغادرته، حين مشى "أحمد" إليهم وسألهم: "لماذا تقول هذا عن آل سعود؟ ما علاقة عائلة آل سعود بأكملها بهذا؟ هناك بعض الأفراد المسؤولين. ولا يشمل ذلك أي شخص آخر".
وردا على سؤال من المحتجين عمن يتحمل المسؤولية، أجاب: "الملك وولي العهد، وغيرهما في الدولة".

علامة استفهام
ولدى عودته، تمت معاملة "أحمد" باحترام رسمي، واحتفظ بمكانته والوفد المرافق له كأمير كبير، وتم السماح له بالسفر حتى اعتقاله.
وتوجد علامة استفهام كبيرة معلقة الآن على وزير الداخلية الحالي "عبدالعزيز بن سعود بن نايف"، حيث أصبح 2 من أعمامه قيد الاعتقال بتهمة الخيانة.
ويعد "سعود" والد "عبدالعزيز" الشقيق الأكبر لـ"ابن نايف"، وهو حاكم المنطقة الشرقية حاليا.
لذا يمكن القول إن الحملة الحالية حاسمة لـ"ابن سلمان".
وعلى عكس ما حدث في نوفمبر 2017، عندما أطلق "ابن سلمان" حملة التطهير الأولى ضد نخبة رجال الأعمال، عندما كان ولي العهد في ذروة شعبيته كرجل إصلاحي، فقد أصبح "ابن سلمان" مكروها داخل عائلته أكثر من أي وقت مضى.
وبعد أكثر من 18 شهرا، أصبحت إصلاحات ولي العهد مستعصية، وانخفض سعر النفط الخام بعد أن رفضت روسيا، الأسبوع الماضي، خفض الإنتاج، وتصاعد السخط في المملكة بسبب قرار ولي العهد بإغلاق الأماكن المقدسة في مكة والمدينة المنورة، أمام جميع القادمين بغرض العمرة، قبل أشهر قليلة من موعد بدء موسم الحج، بسبب تفشي "فيروس كورونا".

(*) مدير تحرير "ميدل إيست آي"، وكبير الكتاب في "الجارديان" البريطانية سابقا.
8 مارس 2020
الخليج الجديد