«الدقيق المركب» قيمة غذائية عالية وسعر تنافسي

م. عامر حسين، نائب مدير المشاريع فـي مؤسسة قنوان للتنمية الزراعية:
هدفنا تعزيز الأمن الغذائي وتقليص فاتورة استيراد الحبوب وخلق تنمية زراعية حقيقية

حاوره: إبراهيم الهمداني / لا ميديا -


كانت ورقة الاقتصاد، هي الرهان الأكبر في حسابات قوى العدوان على اليمن، وكان العدوان يعول عليها كثيرا في تحقيق أهدافه، وإخضاع الشعب اليمني وتركيعه، وقد عمدت قوى العدوان إلى استهداف أبسط مقومات الاقتصاد اليمني، واجتثاث عوامل نموه، فاستهدفت وأبادت ودمرت كل المصانع والمشاريع الاقتصادية، وبنيتها التحتية، وكل ما يمت إليها بصلة، لتصل بالشعب اليمني إلى أدنى درجات الإفقار والتجويع، معتقدة أن ذلك هو الطريق الأمثل لدفعه للخضوع والاستسلام، بعد أن يصل إلى حافة الهاوية.
وتفاديا لحدوث ذلك الخطر، وتجنبا لتداعياته وآثاره، تسابق الشرفاء من أبناء الشعب اليمني، أفرادا ومؤسسات، من واقع الشعور بالمسؤولية، إلى تبني مشاريع تنموية اقتصادية حقيقية، تعمل على تعزيز صمود المجتمع، وتحصينه ضد مشاريع التبعية والاستلاب، والسعي نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي، لأن من امتلك لقمته، امتلك قراره وحريته.
ويعد مشروع الطحين (الدقيق) المركب، أحد أهم المشروعات الاقتصادية والتنموية على طريق تحقيق الاكتفاء الذاتي، وللحديث عن هذا المشروع أجرت «لا»  هذا الحوار مع المهندس عامر حسين عامر، نائب مدير المشاريع في مؤسسة قنوان للتنمية الزراعية، التي سارعت إلى تبني المشروع وتنفيذه، ويحتل صدارة مشاريعها التنموية الوطنية.

استثمار فكرة قديمة
  ما هي فكرة المشروع؟ وكم مضى على بداية تنفيذه؟
فكرة المشروع كانت معروفة منذ القِدم، حيث كانت الأُسر اليمنية تقوم بخلط معظم أنواع الحبوب لإنتاج الخبز والكدم وغيرها من المأكولات الشعبية القديمة.
من هنا ـ وعن طريق خبراء وأساتذة جامعيين وفنيين ـ جاءتنا فكرة إنشاء أول وحدة في اليمن للطحن والخلط بطرق حديثة، لخلط الحبوب وطحنها وإنتاج دقيق (طحين) مركب بنسب مدروسة ومختلفة لتغطي معظم المعجنات والمأكولات. وقد بدأنا تنفيذ المشروع في منتصف عام 2018م.

تعزيز الأمن الغذائي
 ما هي الأهداف العامة والخاصة التي تعملون على تحقيقها من خلال هذا المشروع؟
يهدف برنامج الدقيق المركب إلى تحقيق عدد من النتائج، ومنها:
ـ تعزيز الأمن الغذائي، عن طريق تقليص فاتورة الحبوب المستوردة، والتقليل من كمية الحبوب المستوردة.
ـ توفير رغيف وطني ذي قيمة غذائية عالية، وسعرٍ تنافسي يصل إلى أيدي كافة شرائح المجتمع بيسرٍ وسهولة.
ـ توسيع الرقعة الزراعية، عن طريق تشجيع المزارعين للتوسُّع في زراعة أراضيهم، وهذا يعتبر من أهم مقومات التنمية الزراعية.
ـ إحياء الثقافة الاستهلاكية للمحاصيل الزراعية اليمنية.
ـ اعادة توزيع الثروة وخلق تنمية ريفية، عن طريق مشاريع الزراعة التعاقدية مع مزارعي الحبوب في الجمهورية.
ـ زيادة وعي المجتمع بأهمية الدقيق المركب ذي القيمة الغذائية العالية ليحل محل الخبز الأبيض الذي يعد من السموم البيضاء.

تأمين استمرار الإنتاج
  كيف يتم تأمين وتوفير مدخلات المشروع (الحبوب بأنواعها)، تفادياً لتوقف خط الإنتاج؟
نقوم بعددٍ من الخطوات والإجراءات التي تكفل تأمين احتياجاتنا من مدخلات الإنتاج، ومنها:
ـ مشروع الزراعة التعاقدية.
ـ الاتفاق المباشر مع عدد من المزارعين والتجار في أكثر من محافظة.
ـ الاتفاق المباشر مع الكيالين في عدد من المحافظات.
ـ الشراء المباشر من الأسواق المحلية.
ـ التعاون مع المؤسسات ذات الصلة، سواء الحكومية أو الخاصة.

خطوات ومعايير صارمة
  حبذا لو أطلعتمونا والإخوة القراء في نبذة مختصرة، على خطة سير العمل، والخطوات التي يمر بها المنتج حتى يصل إلى المستهلك في صورته النهائية؟
تمر عملية إنتاج الدقيق المركب بعددٍ من الخطوات، وذلك على النحو الآتي:
1 ـ تحديد الاحتياج من الحبوب وفقاً للكمية المراد طحنها بناءً على التراكيب المختلفة.
2 ـ جمع عروض الأسعار وتحليلها بالتنسيق ما بين الإدارات الآتية: المشاريع، المالية، والإنتاج.
3 ـ اختيار العرض المناسب.
4 ـ نزول مختص الفحص لمعاينة وفحص الحبوب.
5 ـ شراء الحبوب وفقاً للمعايير الآتية:
ـ جودة الحبوب وخلوها من أية آفات.
ـ الشراء بسعر مناسب يشجّع المزارعين على مواصلة الزراعة.
ـ الأولوية هي لشراء الحبوب المحلية، ولكننا نواجه إشكالية تتمثل في أن الكميات المطلوبة من القمح البلدي غير متوفرة في السوق، وهذا ما يجعلنا نضطر ـ في الوقت الحالي ـ إلى شراء كميات من القمح الخارجي، وقد شرعتْ «قنوان» لمعالجة هذه الإشكالية من خلال عدد من الخطوات، أبرزها ما يلي:
ـ الزراعة التعاقدية (زراعة عشرات الهكتارات بأنواع الحبوب المختلفة، وعلى رأسها القمح، في أكثر من محافظة).
ـ تجربة زراعة القمح في مناطق تصنَّف على أنها غير صالحة لزراعة القمح، والنتائج الأولية تبشر بخيرٍ عظيم.
6 ـ وأخيراً نقوم بنقل الحبوب ـ التي تم شراؤها ـ إلى مصنع قنوان للطحين (الدقيــــــــــق) المركب، وهناك يتم مجدداً فحصها للتأكد من جودتها ومناسبتها لمعايير قنوان الصارمة في مجال استهلاك الحبوب، ويتم بعد ذلك عمليات: الغربلة والطحن والخلط والتعبئة والتغليف، ومن ثم إيصال المنتج النهائي إلى المستفيدين.

سنطرح تراكيب مختلفة قريباً
 ما هو تقييمكم لمنتج الدقيق المركب حالياً كماً وكيفاً مقارنة بالبدايات؟
نحمد الله الذي وفقنا للوصول إلى هذه التركيبة الحالية للطحين (الدقيق) المركب، التي جاءت بعد إجراء عدد كبير من التجارب، ولدينا ـ أيضاً ـ عدد من التجارب الناجحة ذات التراكيب المختلفة التي تحمل قيمة غذائية عالية، وسنطرح هذه التراكيب في متناول الجميع قريباً إن شاء الله.
وبخصوص الكمية التي ننتجها حالياً فهي تتراوح ما بين 300 و400 كيس، ونحن بصدد العمل على إنشاء مصنع عملاق للطحين (الدقيق) المركب قادر على إنتاج آلاف الأكياس يومياً، ومن الله نستمد العون والتوفيق.

مشروع استراتيجي
  ما أهمية هذا المشروع اقتصاديــــاً وصحيــاً ومجتمعياً؟
من الناحية الاقتصادية يعدُّ مشروع الدقيق المركب مشروعاً استراتيجياً في جانب الأمن الغذائي لبلدنا الحبيب، كما أنه يسهم في التقليل من فاتورة الحبوب المستوردة، ويسعى إلى رفع المستوى المعيشي للمزارعين الذين يشكلون نسبة كبيرة من عدد السكان.
ومن الناحية الصحية فإن الدقيق المركب يعدُّ غذاءً مفيداً للجسم نظراً لاحتوائه على محاصيل الحبوب المحلية ذات القيمة الغذائية المرتفعة حسب التراكيب المختلفة، كما أن هذا الدقيق يوفّر للمواطنيــــــن بديلاً صحياً عن الدقيــــق الأبيض.
والناحيتان الاقتصادية والصحية تسهمان بدورهما في تحقيق عدد من الفوائد للمجتمع؛ لأنها تنعكس بشكلٍ إيجابيٍ على رفاهيته وأمنه الغذائي.

نحرص على جودة الإنتاج ورضا المستهلك
 لنجاح أي مشروع اقتصادي إنتاجي، يجب مراعاة عدة أمور، لعل أهمها: جودة المنتج، خطة الترويج والتسويق، نيل رضا المستهلك وثقته، من خلال تأمين احتياجاته ومراعاة قدرته الشرائية، أين تقع هذه الشروط في مشروعكم؟
شرطنا الأساسي والأهم هو جودة العملية الإنتاجية في كل مراحلها، ابتداءً من شراء الحبوب بعناية وحرص، وحتى خروج المنتج بصورته النهائية، ولدينا تعاون مع الجهات ذات العلاقة بضبط ومراقبة الجودة، وفي مقدمة هذه الجهات الهيئة اليمنية للمواصفات والمقاييس وضبط الجودة، التي تقوم بشكلٍ دوري بمتابعة عملنا في المصنع.
وعن خطط الترويج والتسويق، فإننا نستخدم الوسائل التي تكفل لنا الوصول إلى الجمهور المستهدف، عن طريق: القنوات الفضائية، الإذاعات، الصحف، المواقع الإلكترونية، شبكات التواصل الاجتماعي، سوق الخميس، وغير ذلك من الطرق والوسائل.
ولا شك أننا ـ في برنامج الدقيق المركب ـ نأخذ بعين الاعتبار القدرة الشرائية ورضا المستهلك؛ لأنهما عاملان أساسيان في النجاح والاستمرارية، ونحن نسعى بالأساس إلى تغيير النمط الغذائي للمواطنين ورفع وعيهم، وليس الربح من برنامج الدقيق المركّب، وهذا ما يجعلنا نطرحه في الأسواق بسعرٍ نعتقد أنه في متناول الجميع إذا ما نظرنا إلى كل العوامل التي منها: القيمة الغذائية للطحين (الدقيق) المركب، أسعار مدخلات الإنتاج، وأسعار المنتجات البديلة.

إقبال كبير ونقاط بيع
  كيف تقيمون حضوركم في سوق الخميس، ونسبة الإقبال على المنتج؟ وهل لديكم نقاط بيع أخرى؟
سوق الخميس هو خطوة متقدمة وفكرة ممتازة، ونحن في مؤسسة قنوان نتشرف بالمشاركة في هذا السوق، وحضورنا ليس لغرض الربح، وإنما بهدف الترويج للطحين (الدقيق) المركب، ولم نتفاجأ بالإقبال الكبير على الدقيق المركب؛ لأننا على بصيرة بأن الشعب اليمني لديه الرغبة في أن يحافظ على صحته وأن يخدم اقتصاد بلده، وكل ما يحتاج إليه فقط هو التوعية والإرشاد وتقديم المُنتج الذي يحقق له الرضا.
ولدينا عدد من نقاط البيع في العاصمة صنعاء، على النحو الآتي: مصنع قنوان للطحين (الدقيق) المركب، أفران قنوان، مؤسسة غدرة التجارية ـ شارع النصر، الهتار للبهارات ـ شارع الزراعة، محلات الوفاء العربي ـ شارع القاهرة ـ جوار شركة السنباني للدواجن.

سوق الخميس.. نجاح مستمر
 بوصفكم أحد أهم المنتجين، ما تقييمكم لسوق الخميس من حيث: الأداء الإداري والخدمات، السياسة الترويجية، ومستوى التنظيم؟
يتحسن الأداء الإداري والخدمي والتنظيمي لسوق الخميس من أسبوعٍ لآخر، وهذا يدل على حرص القائمين على السوق على إنجاحه والاستفادة من كافة الملاحظات التي يقدمها المشاركون في السوق أو الزائرون له.
ونأمل أن يبذل القائمون على السوق جهداً أكبر في الترويج للسوق بما يكفل تحقيق الأهداف التي من أجلها أقيمتْ هذه الفكرة على أرض الواقع، وذلك عن طريق الترويج والإعلان عن السوق عبر كافة الوسائل.

التوعية بأضرار الدقيق الأبيض
 هل لديكم استراتيجية إعلامية خاصة بكم للترويج لمنتج الدقيق المركب، أم أنكم تكتفون بالترويج في إطار إعلام سوق الخميس؟
كما ذُكر سابقاً فإن وسائلنا لتسويق الدقيق المركب والترويج له لا تقتصر على «سوق الخميس»، فنحن نستخدم عدداً من الوسائل الإعلامية والدعائية التي تساعدنا في الوصول إلى هدفنا المتمثل في رفع وعي المواطنين بأهمية الدقيق المركب وبأضرار الدقيق الأبيض، ويمكنكم زيارة موقعنا على الإنترنت لمزيد من المعلومات حول طرقنا في الترويج والتسويق، وذلك عن طريق الرابط الآتي: www.qinwan.org.

 كلمة شكر تريدون توجيهها من خلال هذه المقابلة.... ولمن؟
نشكر الله العلي القدير الذي وفقنا للقيام ببعض ما يجب علينا القيام به، خدمةً لوطننا وأمتنا في ظل تكالب الأعداء علينا، وسعيهم بكل الوسائل إلى إخضاعنا وإذلالنا، ولكن هيهات لشعبٍ عظيمٍ يقوده رجلٌ حكيم مُلهَم أن يستسلم أو يتوانى عن القيام بواجباته في المجالات كافة حتى يتحقق النصر المبين بإذن الله.
كما نتوجه بجزيل الشكر والامتنان لقيادتنا الرشيدة التي نستمدُّ منها بعد الله الإرادة والإصرار على تحقيق الأهداف المنشودة، والشكر موصولٌ لكل من أسهم وتعاون معنا وبذل الجهد لإنجاح برنامج الدقيق المركب.