عمر أحمد "ميدل إيست مونيتور" 29 يونيو 2019 

ترجمة خاصة زيـنب صلاح الديـن / لا ميديا -
إن مشاركة إسرائيل في الحرب في اليمن طيلة أعوامها الخمسة هي عبارة عن سر مفتوح. في العام 2015 عندما سيطرت قوات الحوثيين على السفارة السعودية في العاصمة صنعاء انتقاماً من التحالف الذي تقوده السعودية على عدوانه؛ تم آنذاك اكتشاف مخزن ضخم لأسلحة وذخيرة حربية إسرائيلية بالإضافة إلى وثائق تكشف نوايا الولايات المتحدة في تأسيس قاعدة عسكرية في جزيرة بريم القريبة من مضيق باب المندب "لحماية مصالح أمريكا ولضمان أمن إسرائيل". كانت هذه الجزيرة واقعة تحت سيطرة التحالف منذ أن تم انتزاعها من الحوثيين في نفس العام نفسه. وقد قيل إن المرتزقة الأجانب الذين يقاتلون بالنيابة عن الإمارات الشريك في التحالف قد تلقوا تدريبهم على يد الجيش الإسرائيلي في معسكرات في صحراء النقب. 
إذن ينبغي ألا يكون مفاجئاً عندما يقال في الأسبوع الماضي إن إسرائيل والمجلس الانتقالي الجنوبي الانفصالي المدعوم من الإمارات هم "أصدقاء سريون" مع اجتماعات تيسرها الإمارات؛ وسط تزايد تطبيع العلاقات غير المسبوق بين إسرائيل ودول الخليج. وقد أكد نائب رئيس الانتقالي هاني بن بريك أن العلاقات مع إسرائيل "جيدة جداً" بينما تتعامل تل أبيب في المقابل بإيجابية مع إجراءات التحضير لـ"دولة مستقلة جديدة في اليمن". لا شك أن انقسام البلدان العربية يتوافق مع الاستراتيجيات الصهيونية في المنطقة؛ فدعم إسرائيل للحركة الانفصالية في جنوب اليمن يحاكي سياستها القديمة منذ عقود في دعم تأسيس الدولة الكردية. 
في الحقيقة أن التدخلات الإسرائيلية السرية في اليمن ليست بدون سابقة، فخلال الحرب الأهلية في الفترة 1962-1970 قامت إسرائيل بنقل الأسلحة والأموال جواً لدعم السلالة الملكية المتوكلية (من سخرية القدر) الذين هم أسلاف الحوثيين، ضد الجمهوريين الناصريين. كما دعم السعوديون الملكيين الزيديين الذين خسروا الحرب في نهاية المطاف. 
إن تأمين ميناء إسرائيل الجنوبي "إيلات" وتأمين خط شحن لا يمنحها الوصول فقط إلى قناة السويس بل وأيضاً إلى البحر الأحمر ومن خلال باب المندب إلى المحيط الهندي وما وراءه، وتلك مصلحة أساسية لتل أبيب، لاسيما كبوابة إلى الشرق الأقصى والصين التي تعد شريكاً تجارياً رئيسياً. لقد تسببت الحروب مع الجيران العرب في الأعوام 1956 و1967 و1973 في عرقلة الملاحة الإسرائيلية. وأخيراً أغلقت اليمن مضيق باب المندب وحاصرت البحر الأحمر. ومنذ ذلك الحين اعتبرت إسرائيل أي محاولة لإغلاق المنفذ إلى البحر الأحمر عملاً حربياً، وهددت بأن تقوم بنشر كل فروع جيشها إذا قامت إيران بفعل ذلك. 
وكما هو الحال مع كل طرف آخر مشارك في الصراع الحالي في اليمن، يعتبر الوصول إلى كل الطرق البحرية المؤدية إلى خليج عدن والبحر العربي والمحيط الهندي جزءاً مهماً للغاية في الأجندة الأساسية. بالتأكيد إنها إحدى التهم الموجهة للإمارات بسبب مشاركتها في "انقلاب" المجلس الانتقالي الجنوبي في جزيرة سقطرى. 
وعلى الرغم من أن كشف الدعم الإسرائيلي للمجلس الانتقالي لتحقيق الانفصال يعد تطوراً مقلقاً بالنسبة لإجراءات الحفاظ على يمن موحد إلّا أن نشوء هذه الدولة لا يزال بعيد المنال. يجب أن يتم التعامل مع أي محاولة من قبل تل أبيب لدعم ظهور دولة "مستقلة" منفصلة في المنطقة بتشكك. أوضح الانتقالي أنه ينوي التوسع في السيطرة إلى ما بعد عدن وأجزاء من محافظتي الضالع ولحج. وتستمر الصدامات في محافظة أبين مع المليشيات التي تدعمها السعودية، وكان هناك دعوات للتضامن مع المجلس في حضرموت. 
تلتزم الحكومة الموالية في صنعاء بالسلامة الإقليمية لليمن، وهي تعي جيداً أطماع إسرائيل المدمرة. وأوضح وزير الإعلام ضيف الله الشامي: "يرى العدو الإسرائيلي اليمن تهديداً له، خاصة في موقعها الاستراتيجي، لذا وجب عليه العمل من أجل إيجاد موطئ قدم له في اليمن من خلال دور الإمارات". 
في وقت سابق من هذا الشهر، انتقد قائد الحركة الحوثية، السيد عبدالملك الحوثي، السعودية والإمارات على "وقوفهما إلى جانب العدو الأول للعالم الإسلامي" إسرائيل. 
وقال الحوثي في خطاب متلفز: "تسعى الولايات المتحدة وإسرائيل إلى استعباد الشعب اليمني". "مؤامرتهم تستهدف المجتمع المسلم بكله وتهدف إلى تفكيك الدول الإسلامية من خلال زرع بذور الخلاف والانقسام فيما بينها". وكان قد صرح سابقاً بأن الحوثيين مستعدون لدعم فصائل المقاومة في لبنان وفلسطين ضد إسرائيل. 
علاوة على ذلك، هدد الحوثيون -الذين تدعمهم معظم القوات اليمنية المسلحة -إسرائيل- في إحدى المرات في السابق- بالانتقام على مشاركتها المعروفة في الحرب العدوانية على اليمن. وقال وزير الدفاع في حكومة الإنقاذ الوطني اللواء محمد العاطفي، في السنة الماضية، إنه قد تم تحديد "بنك أهداف عسكرية وبحرية"، وأنهم لن يترددوا في مهاجمتها متى ما قررت القيادة ذلك. 
توجد تحديات أمنية تتعامل معها إسرائيل بجدية، لاسيما الصواريخ الباليستية طويلة المدى وطائرات الدرون المسلحة في ترسانة الجيش اليمني، الذي بدت هجماته العابرة للحدود على السعودية دقيقة جداً. كما أعربت إسرائيل هي الأخرى عن استعدادها لضرب أهداف حوثية بالقرب من باب المندب. 
كما أن لدى الحوثيين أيضاً موقفاً ثابتاً في دعم القضية الفلسطينية، حتى أنهم ذهبوا أبعد من ذلك فعرضوا تبادل الطيارين السعوديين المأسورين مقابل إطلاق سراح أعضاء حماس البارزين المسجونين في المملكة. 
إن من غير المحتمل أن تكون المواجهة بين إسرائيل والحوثيين واقعية في الوقت الحالي، على الرغم من إعراب كلا الطرفين عن استعداده لاتخاذ ردة فعل إذا لزم الأمر. لكن إسرائيل تلعب لعبة خطيرة؛ إذا تعمقت أكثر في الحرب في اليمن فستواجه خطر الخوض في قتال مع الحوثيين. ومثلما قامت إسرائيل بتأمين وصولها إلى مضيق باب المندب، يجب ألا تتفاجأ إذا قررت سلطات الحوثيين الرد على المحاولات الإسرائيلية لإثارة الخلافات والانقسام الموجود بالفعل في الدولة اليمنية الهشة. والإمارات، الداعمة الأولى للمجلس الانتقالي، هي الأخرى تلقت تهديداً من الحوثيين. كما زعم متحدث عسكري حوثي سابق أنه "يمكن في أي وقت استهداف أبوظبي". 
في اللحظة الراهنة يقع تركيز الحوثيين الأساسي على انتزاع السيطرة على مدينة مأرب من المليشيات التي تدعمها السعودية، والتي تقاتل بالنيابة عن حكومة المنفى المعترف بها دولياً، والتي تثبت يوماً بعد يوم أنها لسان حال مرتبط بالرياض. إن حكومة الإنقاذ الوطني التي تسيطر على معظم اليمن من حيث الكثافة السكانية سوف تحول اهتمامها إلى الجنوب حالما يتم تأمين مأرب. وعندما يحدث الصدام المحتوم مع المجلس الانتقالي عندها سنرى المواجهة غير المباشرة مع إسرائيل على العلن.