دنيا حسين / لا ميديا -
في كل عام يحل علينا شهر رمضان المبارك تأتي معه الليالي والأمسيات الروحانية التي لا تحدث إلا في هذا الشهر الفضيل دونا عن أشهر السنة الأخرى.
تختلف الظروف والشهر واحد. رمضان يحمل معه عدداً من العادات والتقاليد التي ترسخت عبر السنوات منذ الأجداد وصولا للأجيال الحالية، وما زالت تلك الروح فيه برغم كل الألم وكل المعاناة التي يعيشها المواطنون.
مديرية كريتر دائما لها طابع خاص، خاصة في شهر رمضان المبارك، فهي تتحول إلى قبلة لكل المواطنين من مختلف المناطق والمديريات الأخرى، بما تحمله من أمسيات وليالٍ تظل عالقة في الأذهان طوال العام.

حركة غير طبيعية
من المعروف أن مديرية كريتر من أكثر المديريات ازدحاما بالسكان، بسبب صغر حجمها وزيادة معدل السكان فيها، وهذا ما يمنح المدينة طابعا خاصا بها، تتحول معه إلى مكان يأتيه الزوار من كل حدب وصوب.
من يمشي في شوارع كرتير خلال شهر رمضان يجد حركة غير طبيعية، من حيث الازدحام الكبير الذي تشهده شوارع المدينة قبل الإفطار، خاصة في سوق الطويل، الذي يعتبر أشهر أسواقها والذي يضم مختلف المحلات التجارية، كمحلات بيع الملابس وبيع المواد الغذائية وغيرها من الاحتياجات، وتزداد حركة البيع والشراء في هذا السوق خلال شهر رمضان المبارك وتستمر حتى وقت السحور بالوتيرة نفسها.
ومن أشهر المحلات التي يشتهر بها سوق الطويل نجد محلات بيع الحلويات المختلقة والمكسرات، ومحلات بيع الملابس، إضافة إلى العربيات التي تبيع المقليات والأطعمة اللذيذة، وغيرها الكثير من المحلات، بل إن كل ما يحتاجه المواطنون يجدونه في هذا السوق وبأسعار مناسبة، خاصة في ظل هذه الظروف الصعبة التي يمر بها الجميع.

شوارع مزينة بالأضواء وفوانيس رمضان
أجمل الأشياء التي تبث الفرح لمجرد مشاهدتها في شوارع كريتر كل عام في رمضان هي تلك الأضواء التي تزين المنازل والأحياء السكنية ويتنافس على تعليقها المواطنون حتى البسطاء منهم ولو بأقل الأشياء تعبيرا عن الفرحة والسعادة والترحيب بالشهر الفضيل.
فكل مرة تذهب فيها إلى السوق في مديرية كريتر تجد كبرى المحلات تتزين بأجمل الأضواء، وحتى الشوارع تتزين لشهر رمضان. كما أن المنازل تتزين بفوانيس رمضان من الداخل والخارج، فالعديد من الأسر تقوم بتزيين منازلها خصيصا لشهر رمضان، لتضفي نوعاً من الترحيب والسعادة والتغيير لتشعر بروحانية شهر رمضان ولياليه التي تختلف عن كل ليالي السنة.
هذه المبادرات البسيطة من الأهالي في عدن تعطي روحا لهذه المدينة التي تفتقد للكثير، بسبب بساطة أهلها، لكنهم يحرصون على تخطي أي عقبات أو صعوبات من أجل تحسين الأجواء المحيطة بهم، فيضيفون ما يستطيعونه من مباهج تجعل حياتهم أجمل وأحلى رغم كل ما يمرون به من صعوبات.

حلقات الذكر وزيارة العيدروس
شهدنا في العام الماضي إغلاق العديد من الأماكن العامة، بفعل فرض حظر التجوال بسبب الأوضاع الصحية الصعبة التي كانت تمر بها عدن وتزايد عدد الوفيات بسبب الحميات التي فتكت بعدد كبير من المواطنين.
وما كان محزناً أن تغلق المساجد في وجوه المصلين، وهو ما جعل رمضان يفتقد لركن أساسي منه، وهو الصلاة في المساجد، التي تعتبر أجمل ما يحدث في رمضان.
ولعل مديرية كريتر نالت النصيب الأكبر من الإغلاق وحظر التجوال وإغلاق المساجد والمحلات التجارية.
لكن في هذا العام الأمر مختلف، فعودة الصلاة وحلقات الذكر في مساجد كريتر يعني أن أجواء رمضان عادت من جديد، الأمر الذي يُشعر المواطنين بالطمأنينة والسكينة بأن الخير ما زال موجوداً وأن مساجد الله عامرة بالذكر والصلاة، وهو ما يتميز به رمضان.
هناك عدد من المساجد العريقة التي توجد في هذه المدينة، منها مسجد العيدروس المعروف بحلقات الذكر وتعليم القرآن وعدد من الطقوس التي تقام في شهر رمضان وزيارة العيدروس المتعارف عليها كل عام والإفطار الجماعي، وكل ما يتعلق بالفعاليات والأنشطة الخاصة بالمساجد في هذا الشهر الفضيل.

موائد إفطار جماعي
في شهر الخير يكون التنافس على الخير أكبر، وأهالي كريتر يضيفون لرمضان نكهة خاصة من خلال تنظيم موائد إفطار جماعية في الحواري وبين الجيران، في مشهد أقرب لتجسيد صورة الإنسانية والتراحم الذي افتقدناه هذا الزمن مع تصاعد وتيرة الأحداث والظروف التي تمر بها البلاد.
موائد الإفطار الجماعي تقوم بتحضيرها النساء وفيها مختلف الأطباق المتعارف عليها في رمضان والحلويات بأنواعها، ويكون هناك تنافس بين الأحياء السكنية في تقديم الإفطار الجماعي، وكل منها يريد أن يكون في المرتبة الأكبر في عموم المديرية.
في كل عام لرمضان في كريتر روح خاصة وسعادة يرسمها المواطنون على معالم هذه المدينة التي تكبدت الكثير، لكن لم تستسلم أبدا بفضل اللــــه وأهاليها الذين يريدون الحياة ويريدون أن يحيـــوا شـــــهر رمضان بكل طقوسه وروحانياته وكل ما يتعلق به، لأنه أفضل أشهر السنة.