نشوان دماج/ لا - خاص:
شيبًا وشبانًا، رجالًا ونساء، صغارًا وكبارًا.. كلهم تجمعوا قلبًا واحدًا وصوتًا واحدًا يهتف: لبيك يا قدس، في مشهد مليوني ضخم شهدته عدد من محافظات اليمن، إحياءً ليوم القدس العالمي، الذي اختير في آخر جمعة رمضانية من كل عام.
الشال الفلسطيني على الأكتاف جنبًا إلى جنب مع السلاح. السلاح الذي عرف عدوه الحقيقي عبر بوصلة القدس، وعبر يوم القدس.
وعلى جبين كل أحرار وحرائر اليمن رُفِع شعار: القدس موعدنا. وقبضاتهم تصرخ قبل حناجرهم: الموت لأمريكا.. الموت لإسرائيل.
هكذا هم اليمانيون على الدوام، رغم معاناتهم وآلامهم، لا ينسون أن قضيتهم الأولى هي فلسطين، وأن عدوهم الأول هو الكيان الصهيوني. لم تنحرف البوصلة كما كان يراد لها، بل تم تصويبها عبر ثورة الـ21 من أيلول. فلا وجهة إلا القدس، ولا صرخة إلا الموت لإسرائيل.
صنعاء تتقلد دورها الريادي عربيًا وإسلاميًا، رسميًا وشعبيًا، في ما يخص قضية فلسطين، بعد أن خلعت عنها ربقة الوصاية التي كبلتها بها لعقود أيادٍ آثمة لنظام كان على الدوام مستعدًا لأن يفرط في كل شيء. وها هي ذي اليمن تخرج مكتسية على طول امتداد ساحاتها عَلَم فسطين، جنبًا إلى جنب مع علم اليمن، إذ شهدت العاصمة صنعاء، عصر اليوم، مسيرتين حاشدتين في كل من ساحة شارع الستين الشمالي تقاطع جولة الجمنة، وساحة حديقة الثورة التي خُصصت للمسيرة النسائية، وتحت شعار "القدس أقرب"، للتعبير عن تضامن اليمنيين المطلق مع الشعب الفلسطيني المقاوم، والذي يتعرض لأبشع أنواع الاحتلال وآلات القمع من قبل النظام الصهيوني الغاصب، وعن إدانتهم الشديدة لكل سياسات التطبيع مع هذا الكيان، التي انتهجتها بعض الأنظمة العربية العميلة والمتواطئة، وفي مقدمتها النظامان السعودي والإماراتي.
ورفعت الحشود الجماهيرية في الساحتين الأعلام الفلسطينية والشعارات المؤكدة على أن فلسطين هي القضية المركزية للشعب اليمني والأمة العربية والإسلامية، مشددة على الموقف الثابت والمبدئي لليمن تجاه القضية الفلسطينية ونصرة الشعب الفلسطيني حتى استعادة كامل أراضيه المغتصبة وإقامة دولته المستقلة على كامل ترابه وعاصمتها القدس الشريف.
وأكد المشاركون أن إحياء يوم القدس العالمي، تأكيد على وحدة صف الأمة تجاه القضية الفلسطينية، وتوجيه بوصلة العداء نحو العدو الصهيوني المغتصب للأراضي والمقدسات الإسلامية في فلسطين.
كما أكدوا استمرار صمود وثبات الشعب اليمني في مواجهة تحالف العدوان والتمسك بموقفه في مناصرة الشعب الفلسطيني كموقف ثبات ومبدئي انطلاقًا من هويته الإيمانية.
يوم نغيظ به الأعداء
صحيفة "لا" كان لها شرف الحضور والمشاركة في المسيرة، إذ التقت عددًا من المشاركين ممن ناهزت أعمارهم الـ60 والـ70 عامًا، وأبوا إلا أن يشاركوا في هذه المسيرة المليونية بمناسبة يوم القدس في شارع الستين الشمالي بالعاصمة، معبرين عن ابتهاجهم بهذا التضامن المطلق من قبل اليمنيين مع إخوانهم الفلسطينيين.
الوالد علي الرميمة، أحد الذين التقتهم الصحيفة، والذي أكد أن يوم القدس هو يوم نغيظ به الأعداء، ويأتي للتعبير عن موقفنا كيمنيين بأننا مع الشعب الفلسطيني قلبًا وقالبًا، مشيرًا إلى أن هذه الحشود وبهذا الحجم وهذا الزخم، إنما هي تعبير عن حجم القضية الفلسطينية في قلوب اليمنيين.
موعد قريب مع القدس
من جهته، أكد الوالد محمد مسعد الغضراني، أن الموعد مع القدس قريب، وأن اليمنيين أنصار رسول الله صلى الله عليه وآله، هم أنفسهم أنصار القدس وفلسطين.
أما الوالد عبدالله قاسم الجرادي، فوجه رسالة إلى الكيان الصهيوني الغاصب، بأنه أولى به أن ينتحر قبل أن يندحر على أيدي أولي البأس الشديد.
كما شهدت محافظات تعز وعمران ومأرب وحجة وريمة، مسيرات مماثلة بمناسبة يوم القدس العالمي، أكدت جميعها أن فلسطين هي القضية المركزية لليمنيين الذين هم في صدارة مواجهة الهمجية الصهيونية والأمريكية.
حماس تحيي الشعب اليمني
وفي كلمة متلفزة ألقاها خلال المسيرات المليونية التي خرجت في العاصمة صنعاء وبقية المحافظات، دعا القيادي في حركة حماس، وزير الأوقاف الفلسطيني السابق، إسماعيل رضوان، إلى تحقيق الوحدة الإسلامية، وتشكيل أكبر تكتل عربي وإسلامي على رأسه محور المقاومة، لصياغة استراتيجية التحرير والمواجهة الشاملة، مؤكدًا رفض الفلسطينيين المطلق للعدوان الأمريكي السعودي على اليمن.
وأشار رضوان إلى أن يوم القدس العالمي يأتي هذا العام في ظل استمرار الاعتداءات الصهيونية الهمجية على حي الشيخ جراح، في محاولة لإفراغ المدينة المقدسة من أهلها، وتهويد القدس، متوجهًا بالتحية للشعب اليمني وشعوب الأمة التي خرجت في يوم القدس العالمي، الذي اعتبره الإمام الخميني يومًا للوحدة الإسلامية، وتذكيرًا بواجب المسلمين في تحرير القدس.
وأكد أن المقاومة هي الطريق الأمثل والأقصر لتحرير فلسطين، وقد استطاعت تحرير جنوب لبنان، وجعلت العدوان ينهزم في اليمن والعراق والشام، والمشروع الصهيوأمريكي يتراجع في المنطقة.
كما أكد أن القضية الفلسطينية تمر بمنعطف خطير، والاحتلال يستغل التطبيع والدعم الأمريكي لتهويد القدس وصولًا إلى هدم المسجد الأقصى وإقامة الهيكل المزعوم، مشيرًا إلى أن أطماع العدو الصهيوني لن تتوقف عند حدود فلسطين.
وأوضح أن صفقة القرن والاحتلال إلى زوال، ولا مقام للاحتلال على أرض فلسطين، حاثًا جماهير الأمة على دعم أهلنا في القدس، وتعزيز صمودهم وثباتهم في مواجهة الاحتلال الذي يهدف لتهويد القدس.
اليمنيون في صدارة الشعوب الحرة
وصدر عن المسيرة الجماهيرية الحاشدة بيان أكد أن الشعب اليمني اليوم في صدارة الشعوب الحرة الرافضة للهيمنة الأمريكية والإسرائيلية، والمتمسكة بالقضية الفلسطينية.
ودعا بيان مسيرة يوم القدس العالمي، القوى والفصائل الفلسطينية إلى المصالحة الوطنية ووحدة الصف وتماسك الجبهة الداخلية لمواجهة العدو الصهيوني، حاثًا شعوب الأمة على التحرك لدعم وتعزيز خيار الجهاد والمقاومة ضد الهيمنة الأمريكية والإسرائيلية، والتصدي لكل مشاريعهم التدميرية بحق الأمة.
وجدد البيان التأكيد على الموقف الثابت والداعم والمساند لحركات الجهاد والمقاومة في فلسطين ولبنان والعراق والبحرين وغيرها، داعيًا أحرار الأمة إلى مقاطعة البضائع الأمريكية والإسرائيلية، باعتبار ذلك سلاحًا فاعلًا ومؤثرًا على الأعداء.
المصدر نشوان دماج / لا ميديا