رينيه تيبل
"جيوبوليتيكل مونيتور"  (موقع نشر للاستخبارات الدولية) -6 أغسطس 2021
ترجمة  خاصة: زينب صلاح الدين / لا ميديا -

إن الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، المدعوم من التحالف السعودي، على ما يبدو غير قادر على فرض الوحدة الإقليمية اليمنية عبر مجال تأثيره المتقلص، ولا حتى على القوى المتحالفة معه. والحوادث التي وقعت على جزيرتين قبالة الساحل اليمني تشير كثيراً إلى ذلك.
تعد ناطحات السحاب الطينية لليمن من بين أعظم مناطق الجذب في شبه الجزيرة العربية التي ظلت لقرون تهيمن على آفاق مدينة صنعاء: شبام والقرى الجبلية مثل حجارة. لكن هذا الكنز الحضاري لا يعد سكانه بدخل وافر من السياحة. فلقد دخلت اليمن في خضم حرب أهلية لسنوات عديدة، حيث كان للقوات الأجنبية فيها تأثير كبير.

الوضع الجيوسياسي والحرب الأهلية في اليمن
لقد اكتسب جنوب الجزيرة العربية أهمية جغرافية في القرن التاسع عشر مع افتتاح قناة السويس. فلم يعد على الطريق البحري الواقع بين أوروبا وآسيا أن يلتف حول رأس الرجاء الصالح، ولكن أمكن تحويل امتداده بسرعة أكبر وبأمان أكثر عبر البحر الأحمر. حتى اليوم يعد الطريق الذي يمر عبر قناة السويس أحد أهم طرق التجارة البحرية العالمية، حيث كانت تستخدمه 18,800 سفينة في عام 2020.
عند المدخل الجنوبي للبحر الأحمر، يشكل مضيق باب المندب، الذي يبلغ عرضه تقريباً 26 كيلومتراً عنق زجاجة تمر عبره قناتا شحن: القناة الرئيسية وممر ضيق بطول 7 كم بين جزيرة بريم (المعروفة أيضاً بميون) وشبه الجزيرة العربية. توضح الظروف الجغرافية أنه يمكن مراقبة وتعطيل حركة الشحن بسهولة لاسيما في هذه النقطة.
بالتالي ليس من قبيل المصادفة أن يحدث سباق دولي لإنشاء قواعد عسكرية في هذه المنطقة في السنوات الأخيرة، وهو سباق راسخ إلى حد كبير في الصعود الجيوسياسي لجمهورية الصين الشعبية وتركيا ومفهوم السياسة الخارجية للإمارات، ولكن أيضاً بسبب انتشار القرصنة والقوى الإسلامية في القرن الأفريقي.
ومنذ العام 2014، وقع اليمن أيضاً في حرب أهلية كبدته عدداً هائلاً من الضحايا. في مناطق غرب البلاد ذات الغالبية الشيعية التي تتوافق تقريباً مع مناطق الشمال، يقاتل الشيعة ضد الرئيس عبد ربه منصور هادي. ويرسخ هادي قوته في مناطق وسط وشرق اليمن، المناطق الأقل سكاناً بكثير، وبسكانها السنة أنشأ فرع القاعدة اليمني هناك قاعدة قوة. وفي المنطقة المحيطة بعدن تقاتل جماعة أخرى هي المجلس الانتقالي الجنوبي الذي يقاتل من أجل الاستقلال.

عملية إنشاء مدارج لمروحيات حربية
سعى هادي -الذي حاصره الحوثيون وطرد من العاصمة- إلى الحصول على دعم التحالف الذي تقوده السعودية في 2015 والذي بدوره أحبط هزيمته العسكرية وحافظ على حالة من الجمود لسنوات. ومع ذلك هناك إشارات متزايدة إلى أن الحكومة اليمنية المعترف بها غير قادرة يوماً بعد يوم على فرض سيادة الأراضي اليمنية حتى على حلفائها الدوليين.
وهناك عدة مؤشرات إلى ذلك: في مارس 2021 تم تداول صور من القمر الصناعي التابع للشركة الأمريكية "إنتل لاب" المنشورة عبر قنوات مثل "درايف" و"تي آر تي" تظهر أعمال إصلاح وتوسع على مدرج بطول 1,8 كم في جزيرة ميون. في البداية كان هناك غموض تام حول من كان يقوم بتنفيذ عقد أعمال الإنشاء تلك. وفوراً تم الاشتباه بالإمارات التي أرادت من قبل إنشاء مدرج بطول 3 كم لطائرات نفاثة على الجزيرة في بداية 2016 لكنها أوقفت العمل في السنة التالية. وعلى الرغم من ذلك في نهاية مايو وفقاً لـ"ديلي صباح" اعترف تحالف السعودية في بيان له نشرته وكالة الأنباء السعودية الرسمية أنه هو من يقوم بإنشاء المدرج، في تناقض واضح مع تصريح وزير الخارجية اليمني أحمد بن مبارك الذي نقلته وكالة أناضول أن "ليس هناك أي اتفاق على الإطلاق بين أحد على إنشاء قاعدة عسكرية على الأرض اليمنية".

تخمين في سقطرى
تذكرنا الحادثة بحادثة مشابهة في أواخر أغسطس 2020. في ذلك الوقت تحدثت وسائل إعلامية على الانترنت عن أنشطة إسرائيلية إماراتية على جزيرة سقطرى، وهي بؤرة إقليمية نائية في اليمن تبعد 340 كم من جنوب اليمن و100 كم من القرن الأفريقي. وفي الوقت الذي لا يوجد فيه أي إثبات لوجود خطط لقاعدة تجسس يمكن من خلالها مراقبة حركة الملاحة في المحيط الهندي بسهولة، حذر عيسى سالم بن ياقوت في سبتمبر 2020 من تقويض الحقوق السيادية لليمن. كان زعيم قبائل سقطرى يشير إلى أنشطة الإمارات لكسب موطئ قدم عسكري في ظل المجلس الانتقالي الجنوبي، الذي سيطر على الجزيرة في منتصف 2020، ومن جهة أخرى لربط الجزيرة بالإمارات أكثر كما نقلت ذلك مؤخراً "فرانس 24" وشخصيات سياسية مسؤولة.

أسباب إنشاء القواعد
بمشاريع الإنشاء تلك التابعة لهم لا يقوم التحالف السعودي والإمارات بتأمين الجزر من أجل أهدافهم الاستراتيجية الخاصة فقط، بل يقومون أيضاً بإحباط تحركات مماثلة من دول مثل روسيا التي تريد أيضاً تعزيز قدرات مشاريع القوة لديها في المحيط الهندي.
إن الوضع يطرح خطراً كبيراً على اليمن. إذا كانت السلطات اليمنية غير قادرة على حماية سيادتها في مقابل العالم الخارجي أو الدخول في اتفاقات انتفاع مع الحلفاء فسيكون هناك دافع إضافي للدول المعنية للعب تارة وتشجيع حكومة يمنية عديمة القوى تارة أخرى والسماح للوضع الراهن بأن يستمر.