لا ميديا -
عرفه المناضلون موجهاً ومثقفاً سياسياً، وعرفه المقاتلون ممتشقاً سلاحه، وعرفه السياسيون بخططه وبفكره السياسي. هذا المناضل العربي، المسيحي القبطي، الطبيب، المفكر، القائد الميداني، كان مختلفاً عن غيره بسعة اطلاعه، وانتمائه للقضية الفلسطينية، وتميزه بأفق واسع، وروح تتسع للاختلافات ما بين الفئات المختلفة. كان قدوة المناضلين والمثقفين والمفكرين. ولهذا كله ظفر بتقدير الجميع.
محجوب عمر هو الاسم الذي اشتهر به الدكتور رؤوف نظمي ميخائيل عبد الملك المولود في المنيا بصعيد مصر عام 1932، ونشأ في الحي الشعبي في القاهرة، وكان والده من ثوار ثورة 1919.
التحق عام 1948 بكلية الطب وتأثر كثيراً بالنكبة. وفي الجامعة انضم للحزب الشيوعي المصري وأصبح مسؤول التنظيم في الجامعة ثم عضواً في لجنته المركزية. أعتقل عام 1954، وتتالت بعدها محطات الاعتقال إلى أن تم الإفراج عنه عام 1964. عمل طبيباً في مستشفى بنها حتى اضطر إلى تقديم استقالته عام 1967 بناءً على طلب السلطات.
بعد هزيمة حزيران 1967 سافر إلى الجزائر للعمل كطبيب، ومن هناك كتب رسالة إلى صديق له في الأردن راغبا الالتحاق بالثورة الفلسطينية: "لن أعود إلا إذا تعودت أذناي صفير المدافع، وتلطخت يداي بالطين وأكلت من عشب الأرض... حينئذ سأعود ربما عن طريق يسده العدو اليوم".
في 1969 التحق بالثورة متفرغاً في القطاع الجنوبي، وعمل مفوضاً سياسياً بالإضافة إلى مهنته كطبيب. عاش مآسي أحداث أيلول الأسود 1970 كطبيب في مستشفى الأشرفية.
انتقل مع قوات الثورة إلى لبنان وعمل في جنوب لبنان وجبل الشيخ، حتى عين نائباً لمدير عام مركز التخطيط الفلسطيني ومستشاراً لعرفات، وكان يومئذ مقرباً من خليل الوزير.
 عند مغادرة قوات الثورة الفلسطينية لبنان عام 1982، غادر إلى القاهرة وأسس هناك فرعاً لمركز الدراسات الفلسطينية، وكان يحرر مقالاً أسبوعياً في جريدة "الشعب" وجريدة "القدس العربي"، متابعاً تطورات الوضع في فلسطين.
ألف وترجم عشرات الكتب تُرجم الكثير منها إلى اللغات الأجنبية، وأصدر مجموعة كبيرة من قصص الأطفال.
محجوب عمر شخصية مناضلة ومن الأوائل الذين حملوا راية النضال للدفاع عن الأرض والإنسان، فقد كان يدرك ماذا تعني كلمة معركة المصير. عاش زاهداً متقشفاً متواضعاً، نظيف اليد والنفس، عفيف اللسان.
بعد اتفاق أوسلو زار هو وزوجته قطاع غزة والضفة الغربية وذهب إلى مدينة القدس ومدينة بيت لحم. في آخر زيارة له إلى قطاع غزة أصيب بجلطة دماغية، وفي 17 مارس 2012 رحل المناضل الذي استحق فلسطينيته بالطرق غير التقليدية.