اقهروه!
 

ابراهيم الحكيم

إبراهيم الحكيم / لا ميديا -
يشعر الكيان الصهيوني بالاختناق، ليس لأنه مغروز بخاصرة الأمة، وتحاصره شعوب عربية إسلامية مليارية، من أقصى المشرق إلى أقصى المغرب؛ فقد تجاوز هذا القلق بمؤامرات ومعاهدات عدة، أخضعت حكام الأمة وكبلت شعوبها.
فعليا، لا شيء يقلق الكيان حد الاختناق، ويقهره أكثر من الإخفاق، بمسعى نزع مفاعيل قوة الأمة للانعتاق. يقلقه جدا أي اختراق لدرعه الأكبر: جهود إغراق شعوب الأمة في النفاق وأزمات الشقاق. يرعبه جدا الوفاق العربي والاتفاق.
ربما نجح الكيان خلال ما مضى، في إغراق الأمة بأزمات شتى، جعلتها تشقى وعن خطره تعمى، واستطاعت أن تمكنه منها وتجعله الأعلى، ليغدو بتخاذلها أقوى، ويصير باستكانتها أبغى، ويتمادى في استباحتها بوتيرة أطغى.
لكن رغم كل ما جرى، ونجاح الكيان في فصم عروة حكام الأمة، واشتغاله بكل ما تأتى له من إمكانيات كبرى، على فتن تفتيت عروة شعوب الأمة، وجعلها تتشظى، لا تهتم ولا تتألم لمصاب بعضها؛ إلا أنه لم ينجح في هذا كليا بعد.
ما تزال أواصر شعوب الأمة أطرى من أن تبلى، وأقوى من أن تفنى، وما يزال اتفاقها أعم من اختلافها، والتقاؤها أهم من تفرقها، واتحادها أمكن وأسلم من تمزقها، وما يزال هذا خطرا يؤرق العدو الصهيوني ويقض مضاجع قادته وأربابه.
لعل أحدث مثال عملي لهذا، التقاء الفصائل الفلسطينية في العاصمة المصرية، وتوافقها على أن «الوقت من دم، واللحظة الراهنة مصيرية»، وعلى أن «الوحدة الوطنية هي الرد الحاسم على سياسات كيان الاحتلال الإسرائيلي».
إعلان الفصائل الفلسطينية للعالم دعمها اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، وتأكيدها ضرورة إلزام كيان الاحتلال بـ»إيقاف شامل للعدوان وانسحاب كامل لقوات الاحتلال من قطاع غزة، ورفع الحصار عنه كليا، وفتح جميع المعابر».
واتفاق الفصائل الفلسطينية على «رفض الوصاية الدولية على غزة، والفصل بين قطاع غزة والضفة الغربية»، و»تشكيل لجنة فلسطينية من المستقلين لإدارة قطاع غزة، وإصدار قرار أممي بوجود قوات أممية مؤقتة لا دولية لحفظ السلام».
كذلك توافق الفصائل الفلسطينية على «تسليم الأمن الداخلي لقوات أمنية فلسطينية» و»تشكيل حكومة وطنية لمدة عام ترتب انتخابات عامة لقيادة وطنية موحدة». و»إنشاء لجنة دولية تشرف على تمويل وتنفيذ إعادة إعمار قطاع غزة».
وبالطبع، التوافق والاتفاق على «التمسك بحقوق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير واقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس وعودة جميع اللاجئين الفلسطينيين»، وربط مصير سلاح المقاومة بقيام الدولة الفلسطينية المستقلة وجيشها.
تظل هذه أولويات فلسطينية، لا تقبل المساومة ولا تحتمل التأجيل. ويظل التمسك بها معيارا لوطنية وإخلاص ونزاهة المتفاوضين، فيما بين مختلف الفصائل والقوى الفلسطينية، ومع العدو المشترك لفلسطين والأمة: الكيان الصهيوني.

أترك تعليقاً

التعليقات