أشرّ المسؤولين!
 

ابراهيم الحكيم

إبراهيم الحكيم / لا ميديا -
يحدث أن تُنكب الأمة بمسؤولين عن شؤون عامة يكونون بمثابة الطامة، فسادهم ليس في ذممهم المالية، بل في شخصياتهم غير السوية؛ تشكو علة أو خلة أو عِنة، تصدح بسوئهم، وتكفي إحداها لشل العمل وقتل الأمل، في نفع يعول أو إنجاز يؤمل أو حال يتبدل، إلا ما كان تبدلاً إلى الأسوأ.
يبرز بين هؤلاء ذلك المسؤول «المغشوش»، فاقد الشعور بالمسؤولية، غير المبالي، كثير «التطنيش» لمسؤولياته، وكثير العشوائية في أداء وظائفها حد «الربيش»، لا عزم لديه ولا حزم، محدود الهمة والقدرة، وبمثله ابتلي كثير من مرافق الدولة...
كذلك المسؤول «الفاشوش»، ضعيف الرأي وكفيف الرؤية، فاقد الإرادة، وتبعاً فاسد الإدارة، تسيّره الوشايات مثلما تتحكم به التزكيات، ينخدع بالمظاهر الكاذبة والادعاءات الزائفة، عاجز عن اتخاذ القرار السديد، ولا إنجاز له يذكر عدا إيهان العمل!
أيضاً المسؤول «المنكوش»، الأقل أو منعدم الكفاءة، أوكلت إليه المسؤولية بترشيحات بُنيت على تهويمات وفذلكات، قوامها الادعاءات للمعرفة والخبرة وامتلاك الرؤية والقدرة؛ فتجده يتعمد إقصاء كل ذي معرفة وخبرة ومقدرة، ليكون أستاذ الجهلة!
شبيهاً بهذا النموذج، يأتي ذلك المسؤول المغشوش، مدعي المعرفة في كل شيء، حتى أنه يسمى «فشفشي»، بينما هو سطحي الثقافة، قشوري المعرفة، محدود الخبرة، وفقير العلم ومناهجه، بدءاً من مناهج التفكير العقلاني والتخطيط الإداري!
ينطبق على حصيلة عمل هذا النموذج السيئ للمسؤول قولهم: «فشوش»، أو كما جاء في قصة فيلم محتال زعم ابتكار سلعة جديدة وفريدة ومفيدة، ستروج في السوق كالنار في الهشيم، فكانت المحصلة تسمية سلعته غير الجديدة ولا المفيدة: «فنكوش»!
أيضاً «المنفوش»، ذلك المسؤول المغرور، حتى وإن كان مؤهلاً علمياً ولديه خبرة عملياً، عاجز عن النفع في مجال عمله، لتعاليه على المستفيدين من عمله والعاملين معه، فلا يستطيع نقل معرفته وخبرته لغيره، بوصفها أموراً تفوق مداركهم!
وهناك المسؤول «المهفوش»، الذي يجمع بين النرجسية والعجرفة، والجلافة والعدامة، فيُعد نفسه هو القانون والنظام، وتوجيهاته في عداد أحكام، لا قيد أو سند لها، ولا تقبل المراجعة أو التدقيق والمناصحة، حتى لو كانت توجيهاته حمقاء وخرقاء وعوجاء!
كذلك المسؤول «الكويش»، الذي يعطل العمل ووظائف العاملين، فقط ليكوش ويحتكر الصلاحيات في جميع الاختصاصات، فلا هو أدى واجبات عمله أو أنجز أهدافه، بقدر ما أحبط العمل بمركزيته المتسلطة لا الحريصة، وإدارته المعقدة لا المُسيّرة!
أما المسوؤل «الحرش» فينصب اهتمامه في تسميم أجواء العمل بالدسائس والوقيعة بين الموظفين لديه، وخلق الأجنحة المتنافرة المتنافسة في الولاء له، ظناً منه أنها الوسيلة المثلى لضمان ولاء الجميع والسيطرة ومعرفة كل شاردة وواردة في العمل!
يأتي أيضاً بين أسوأ نماذج المسؤولين، ذلك المسؤول الملازمة له صفة «التهبيش»، إما بالتهبش لحقوق الآخرين وإما في أداء عمله، هبشاً بلا بصيرة، عشوائياً كما لو أنه «خبط عشواء»، يزيد تدهور الأوضاع المعني بتسييرها، وإشكالات مجال عمله تعقيداً!
يضاف إلى هذا المسؤول السيئ ذلك «المربوش»، الذي لا يعرف في الأصل ما عمله والمطلوب منه؛ فقط يهتم بالشكليات ويختزل التغيير في طلاء الجدران أو بناء بوابات، ويختزل النظام في فرض البصمة والتوقيع والتعقيب معاً لإثبات الدوام، دون النظر للأداء نوعاً وكماً، كيفاً ونفعاً!تلك ربما أبرز نماذج المسؤولين الفاسدين، ليس بالضرورة مالياً، بل نفسياً وأخلاقياً وإدارياً، أجار الله حكومة «التغيير والبناء» منها، وجنّبها الانخداع بمثل هذه النماذج، فمسؤوليتها كبرى، وبجانب واجباتها ومهامها الإدارية المقرونة بصفة حكومة، هناك اسمها الذي يُلزمها بمهمتين: «التغيير» و»البناء»، وكلتاهما تستعصي على الإخفاء أو الادعاء.

أترك تعليقاً

التعليقات