صوت اليمن الصادح بالحق
- محمد العفاري الثلاثاء , 15 يـولـيـو , 2025 الساعة 2:28:00 AM
- 0 تعليقات
م. محمد العفاري / لا ميديا -
منذ الأزل، كان اليمن منبعاً للعروبة الأصيلة والإسلام الحقيقي. لم يكن يوماً مجرد نقطة على الخارطة، بل روحاً تسكن أعماق كل نفس أبية، وتاريخاً يُروى عبر الأجيال، وإرثاً من القيم والمبادئ السامية.
واليوم، بينما تتهاوى الضمائر وتخفت الأصوات في أرجاء المعمورة، يرتفع صوت اليمن مدوياً بالحق، صارخاً بأعلى نبرة، وبأصدق فعل من أجل غزة، على مرأى ومسمع من صمت العالم المطبق.
تدور عجلة الزمن في اليمن؛ ولكنها ليست دورة عبثية. كل نبضة قلب يماني، كل صيحة الله أكبر تصدح من مآذنه، وكل خطوة تُخطى في مسيرات نصرة لغزة... هي رسالة. ليست رسائل تُكتب بحبر بارد على أوراق دبلوماسية، بل هي حبر من دماء الأجداد، وصدق لا يتزعزع.
اليمن، الذي ذاق مرارة الحروب والحصار، يُدرك تمام الإدراك معنى الظلم، ويعي مرارة أن تكون وحيداً في مواجهة الطغيان؛ لذلك لم يكن مفاجئاً أن يكون أول من يُلبي نداء غزة، تلك القطعة من الإنسانية التي تستصرخ الضمير العالمي، والتي تُركت لتواجه مصيرها وحيدة.
ففي كل يوم جمعة، تتجدد المليونيات بأرواح تتحد، وقلوب تنبض بوجع غزة، وأيادٍ ترتفع بالدعاء الخاشع، وأقدام تسير بثبات نحو هدف واحد: نصرة المظلوم. يرى العالم مسيرات مستمرة وعمليات متصاعدة. أما نحن هنا فنراها تجسيداً حياً للإيمان العميق، للثبات الذي لا يلين، ولضمير بشري أبى أن يذعن للصمت المطبق.
كل شاب يمني يحمل على عاتقه همّ غزة. كل امرأة يمنية تذرف دمعة حارقة لأجل أطفالها. كل طفل يمني يُردد هتافات النصر بثقة. رواية لا تتحدث عن القوة العسكرية وحدها، بل عن قوة الموقف الشجاع، عن قوة الإرادة الصلبة، وعن قوة الضمير الذي يرفض المراوغة والموت.
نحن هنا في اليمن نعيش الحاضر بكل تفاصيله القاسية. لا نُغمض أعيننا عن الواقع المرير، بل نواجهه بإيمان لا يتزعزع. نرى الأشلاء، نرى الدمار، نسمع صرخات الأمهات الثكالى، وكل ذلك يدفعنا للمضي قدماً، ليس بقلوب تملؤها اليأس، بل بعزيمة فولاذية لا تلين.
إن ما يفعله اليمن هو واجب إنساني وأخلاقي، واستجابة لنداء الإنسانية الذي لم يمت فينا، وللضمير الحي الذي يأبى الموت، فغزة ليست قضية فلسطينية بحتة، بل هي محك لضمير العالم بأسره، اختبار حقيقي لمبادئه وقيمه، وإذا ما صمت الجميع فإن صوت اليمن سيبقى يصدح بالحق، وسينبض القلب اليمني مع كل قلب فلسطيني، حتى يعود الحق لأصحابه، وتُشرق شمس الحرية على أرض فلسطين المقدسة.
إنها ليست نهاية الحكاية، بل هي بداية فصل جديد، فصل يُكتب بدماء الشهداء وصمود الأبطال، ويرويه الضمير اليقظ الذي لا ينام.
المصدر محمد العفاري
زيارة جميع مقالات: محمد العفاري