طُعم «الشرعية»!
 

ابراهيم الحكيم

إبراهيم الحكيم / لا ميديا -
تابعت باهتمام تصريحات المبعوث الأمريكي إلى اليمن، تيموثي ليندركينغ، بشأن «شرعية أنصار الله»، والضجة الكبيرة التي أحدثتها في صفوف ما تسمى «الشرعية» بفنادق تركيا والرياض ومصر، حدا حقق الهدف الأمريكي سريعا من إطلاق هذا «البالون» و«الطُّعم» في آن معا.
إعلان ليندركينغ، أن «الولايات المتحدة تعترف بالحوثيين طرفا شرعيا في اليمن باعتبارهم مجموعة حققت مكاسب كبيرة على الأرض لا يمكن لأحد أن يتجاوزها في الصراع الدائر في اليمن ومفاوضات وقف إطلاق النار»؛ كان بالونا وطُعما.
جاء هذا الإعلان بالتزامن مع تطورات كبيرة في سير المعارك مع قوى تحالف الحرب العدوانية، وتصاعد الهجمات الموجعة على قواعد عسكرية بالسعودية، وعقب بث مشاهد عملية هجومية على جيزان، كانت فاضحة للجيش السعودي، بجانب تطورات جبهات الداخل.
استدعت هذه التطورات المتسارعة، حراكا دبلوماسيا كثيفا بين الرياض ومسقط وصنعاء، يسعى إلى «إيجاد اتفاق لوقف الحرب»، أو بمعنى أدق لتمرير العرض السعودي الأمريكي المسمى «مبادرة سلام»، فيما هو صك استسلام، يجعلها رهن الوصاية الأمريكية ـ السعودية.
هذا التوقيت، لإعلان المبعوث الأمريكي، وتعقيب وزارة الخارجية الأمريكية الذي لم ينف مضمونه بقدر ما سعى لتخفيف مخاوف قوى «شعيرية هادي»، يجعل من الإعلان الأمريكي نموذجا لما يسمى في علم الإعلام «بالون اختبار» يسبق -في العادة- اتخاذ قرار أو موقف.
جاءت نتائج بالون الاختبار، كما توقعت الإدارة الأمريكية، وأظهرت مدى ارتهان «هادي» وقواه الموالية لتحالف الحرب العدوانية، إلى الخارج، بوصفه المصدر الوحيد لما تسمى «شرعيتها»، فعليا، امتدادا لامتهانها الدامي للداخل على حساب ارتهانها الكلي للخارج، منذ 2011م.
لكن، على العكس تماما، فشل الإعلان الأمريكي، في مسعاه الثاني إلى أن يكون بمثابة «طعم سنارة» لجر «قوى صنعاء» إلى مصيدة الارتهان نفسه للإرادة الأمريكية باكتساب «شرعية» الاعتراف بها. سرعان ما أعلنت قوى صنعاء أنها «لا تسعى لاكتساب اعتراف واشنطن بها».
عبرت ردود فعل «قوى صنعاء»، عن إدراكها العميق لشِراك الولايات المتحدة الأمريكية وفهمها لجميع ألاعيب مسرح دُماها، وأكدت حقيقة تصر قوى تحالف الحرب العدوانية، على تغافلها، وفي مقدمها أن شرعية أي سلطة لا تأتي من الخارج، وإن أتت لا تدوم وتسقط حتما.
أكد «بالون الاختبار» الأمريكي، ما تحاول واشنطن إنكاره، متمثلا في خروج اليمن عن جلباب الوصاية والارتهان للخارج، وأن اليمنيين ثاروا عليها وينشدون وهم عشرات الملايين من الصابرين والصامدين بوجه حرب الترويض والتركيع، استعادة استقلال اليمن وسيادته.
تظل الآن الكرة في ملعب الولايات المتحدة الأمريكية، أن تجسد عمليا قناعتها التي عبر عنها مبعوثها ووزارة خارجيتها، بأن «قوى صنعاء» «حققت شرعيتها على الأرض أمرا واقعا»، وأن عليها «التعامل مع الحقائق الموجودة على الأرض» إن كانت جادة في «أولوية وقف الحرب في اليمن».

أترك تعليقاً

التعليقات