منحلّون!
 

ابراهيم الحكيم

إبراهيم الحكيم / لا ميديا -
يبرز فرق كبير بين التحليل والتخليل والتخيل، والمحلل والمنتحل والمنحل، يتجاوز اختلاف التفكير والتعبير والتدبير، إلى الفرق بين تقرير الواقع وتحوير الوقائع، وبين غاية التبصير والتنوير، وغاية التغرير والتزوير.
وفي عالم الإعلام والصحافة، ومع احتدام الأحداث ومتغيرات السياسة، يظهر جلياً الفرق بين التبين والتكهن، وبين اليقين والتخمين. ليبرز لنا في عالم السياسة فرق كبير بين المحلل والمنتحل والمنحل.
المحلل السياسي، هو من يعنى بتتبع مسار الأحداث واستكشاف المتغيرات ورصد المؤشرات أو المعطيات، في استشراف مسار المجريات والتطورات المتوقعة. بخلاف المنتحل والمنحل، فكلاهما يتحلل من الثوابت.
تصادف نماذج كثيرة لمحللين سياسيين يلتزمون قواعد عامة ومناهج صارمة في قراءة الأحداث وتحليلها، بصرف النظر عن انتماءاتهم السياسية وميولهم الفكرية والأيديولوجية، فتكون تحليلاتهم رصينة مقنعة.
لكنك في المقابل، تصادف أيضاً نماذج أكثر لمنتحلين من أدعياء التحليل السياسي، ومنحلين من الثوابت والقيم، ليس فقط العلمية والمنهجية، أو الفكرية والسياسية، بل وحتى من ثوابت إنسانية وقيم أخلاقية!
يصدم المتابع بنماذج عدة تُقدم بصفة «المحلل السياسي والخبير الاستراتيجي»، وهي تفتقد أدنى المعايير والمؤهلات العلمية والعملية لاستحقاق هذه الصفة. وسواء كانت بلا دال (الدكتوراه) أو مع هذه الدال، لا فرق.
يظهر هذا بجلاء، للمتابع النبيه والفطن، من ضحالة وسطحية معارف المنتحل، ودناءة وإسفاف المنحل. الأول يظهر خاوياً معرفياً، فقيراً للمعلومات، وتبعاً محدود الرؤية، ومجرد برميل فارغ يصدر عند دحرجته ضجيجاً.
كذلك المنحل، قد يكون موفور المعرفة والخبرة في مجاله، سياسياً كان أو اقتصادياً أو اجتماعياً... إلخ. لكنه في الوقت نفسه، منزوع الحياء، جريء في الادعاء زيفاً، والافتراء كذباً، والاستغباء لجمهور المتلقين!
لعل من أبرز نماذج المنتحلين والمنحلين، مَن يزعم أن دعم اليمن لفلسطين وعمليات إسناده غزة ومقاومتها طوال عامين «مجرد مسرحية» وهدفها «سياسي ودعائي»، و«لا أثر لها أو تأثير على الكيان الصهيوني»!
لكن الثابت أن العدو نفسه بات يُصنف اليمن «خطراً حقيقياً» و»تهديداً لوجوده»، بعدما أقر بحظر اليمن ملاحته البحرية، وإغلاق بوابته الجنوبية «إيلات»، وتهديد ملاحته الجوية، وزعزعة أمنه ومستوطنيه، وتكبيده خسائر اقتصادية.

أترك تعليقاً

التعليقات