غاغة!
 

ابراهيم الحكيم

إبراهيم الحكيم / لا ميديا -
قرأت أن استخراج بطاقة الهوية الشخصية في المناطق «المدردحة» حيث سلطة «مجلس قيادة الشعيرية» بات يكلف المواطن 30 ألف ريال وجواز السفر يصل إلى 60 ألف ريال! لا أدري كم بلغت رسوم استخراجها هنا في صنعاء وبقية مناطق جغرافيا السيادة الوطنية لكن حتى لو كانت أقل من النصف، يظل الأمر مثيرا للعجب.. لماذا؟!
حد علمي أن بطاقات الهوية ووثائق إثبات الأحوال المدنية عموما، هي بمثابة سجل الدول ومن صميم خدماتها لمواطنيها. الحكومات صاحبة المصلحة الأولى من إصدار هذه الوثائق لجميع مواطنيها في الداخل وخارج حدودها. وتبذل كل ما بوسعها من تسهيل الإجراءات لأجل هذا الهدف.
وثائق الأحوال المدنية وتشمل -أو هكذا يفترض- الرقم الوطني بدءا من شهادة الميلاد، فبطاقة الهوية، فعقود الزواج والطلاق، فدفتر العائلة، فجواز السفر، وحتى شهادة الوفاة. كلها بمثابة عين الدول ونظارة حكوماتها. قاعدة بيانات عملها وخططها وموازناتها السنوية والخمسية والعشرية و... و... إلخ.
لا تستطيع أي حكومة ضبط إدارة شؤون دولها دون هذه البيانات بالغة القيمة والأهمية. فالتخطيط لكل شيء يعتمد عليها: تعداد السكان، التوزيع السكاني، معدلات النمو، الاحتياجات التنموية، الخدمات، التعليم، قوى العمل وسوقه.. كل شيء تقريباً في عمل الحكومات يقوم على هذه الوثائق وما تقدمه من بيانات متجددة.
حتى الجانب الأمني، والجانب الدفاعي، محكومان بدقة هذه الوثائق وبياناتها وتحديثها الآلي. لهذا تتفانى حكومات الدول في إصدار جميع هذه الوثائق بأقل كلفة تذكر على المواطنين، إن لم تكن مجانية بالكامل، مقابل استيفاء مستحقها الشروط والأوليات المحددة قانونا لضمان دقة هذه الوثائق الحساسة جدا والسيادية بالمقام الأول.
لدينا في اليمن كانت رسوم وثائق الأحوال المدنية رمزية حتى ما قبل الحرب. ثم صارت خيالية جدا! ليس لأن اليمن صار من دول العالم المتقدم وفي بسطة رخاء وازدهار يغري على الانتساب إليها. على العكس ارتفعت رسوم هذه الوثائق بمقدار انخفاض قيمة المواطنة وانحسار حضور الدولة ووظائفها وواجباتها تجاه مواطنيها!
هذه المفارقة تضاف إليها مفارقة الاتجار بأخطر وثائق أي دولة حساسية وسيادية وتزايد أعداد المكاتب التجارية مقاولة إصدارها! تفاقم العبث والتزوير بهذه الوثائق أضعافا، حداً تجاوز معه أن يصير «قامر» الأفريقي «تامر» بتعريف من عاقل حارة مقابل قيمة «كيس قات»!
لا تدري إلى أين نسير في اليمن. لكن المؤكد أننا نغرق في مستنقع فوضى موحل! يشي بانهيار شامل للدولة ومؤسساتها ووظائفها جراء تدمير ممنهج يجعلنا بحاجة عشرات السنين عقب انتهاء الحرب لإصلاح ما أعطبته الحرب العدوانية إن وجدت الإدارة النزيهة وسيادة القانون طبعا!

أترك تعليقاً

التعليقات