سلوان غزة
 

ابراهيم الحكيم

إبراهيم الحكيم / لا ميديا -
وسط هول ما يجري في غزة، ومثول ما يعوي مِن عدوان سافر وطغيان فاجر، يتواصل استبيان صارم للضمائر وامتحان حاسم للمصائر؛ ويبرز ما يسلي أهلنا في فلسطين، ويهون مصابهم، ويعزز إيمانهم بالله وعدالة قضيتهم ومشروعية مقاومتهم وحتمية انتصارهم.
الحال في قطاع غزة بالتأكيد مأساة ظاهرة للعيان. توحش الطغيان وفحش العدوان، يتجلى في إجرام غارات الطيران، وألسنة النيران وسحب الدخان. في هد العمران وإبادة الإنسان. كمد الفقد للأحبة والخلان وكبد الحصار والحرمان. في جحود الجيران، وقهر الخذلان!
هذا الامتحان العسير، يدمي الوجدان ويفطر القلوب ولا ريب. لكن كرب غزة ودمار الحرب لا يخلو من إنجاز رحب، يبعث على السلوان ويقوي الإيمان.
 مساحات ناصعة البياض، انتصارات عدة تبعث الأمل، وتفرض الاحتفاء والتأسي بها في مصاب غزة الجلل.
عنصرية الكيان الصهيوني بانت، وعقيدته الإجرامية ثبتت، ودعايته انفضحت...
 جبروت الكيان الصهيوني زُلزل، وهيبة جيشه المصطنعة انكسرت. أمان الكيان تبدد ورعبه تمدد. حلفاء الكيان عجزوا وأقنعتهم سقطت. كذلك عملاء الكيان في المنطقة انكشفوا وانفضحوا.
مسار التطبيع تعثر، ودرب قطاره السريع تفجر، وحلم تصفية القضية تبعثر. إذ تعذر إنفاذ “صفقة القرن” ولحدها حُفر، بعدما أصابتها ذبحة وأمست تحتضر، وشرعت المقاومة في مراسيم دفنها، بتحركها المباغت للكيان وحلفائه وعملائه من أنظمة خائنة وأدوات متآمرة.
موازين القوة اختلفت والمعادلة تغيرت. واقع المقاومة تحول من رد الفعل إلى المبادأة بالفعل. سلاحها الأبرز تطور من الحجارة وأسلحة خفيفة إلى امتلاك أسلحة ثقيلة برية وبحرية وجوية. الى امتلاك تقنيات تصنيع صواريخ متنوعة، وطائرات مسيرة، ومهارات متقدمة.
المقاومة الفلسطينية بفصائلها، لديها اليوم جيش مدرب، كتائب وسرايا محترفة، وعقيدة قتالية إيمانية صلبة. كل هذا التراكم المبهر لحق القوة، إضافة نوعية إلى قوة الحق وامتلاك القضية المشروعة والعادلة، التي بُعثت بقوة بعدما أُريد دفنها حية، لتتصدر قضايا العالم كله.
“طوفان الأقصى” ليست عملية انفعالية عابرة، ولا مجرد خطوة عابثة أو استعراضية للقوة. إنها انفجار هائل للقوة وإشهار كامل لبدء المعركة. معركة تحرير فلسطين كلها و”كنس العدو الصهيوني وجيشه” تماما كما قال أبو عبيدة الملثم، ناطق “كتائب القسام”، المُلهم.
لا شطط في هذا ولا شطح. هو وصف دقيق لما حدث. في خمس ساعات فقط. تمت مهاجمة قاعدة عسكرية كبرى للعدو واقتحام 58 من مستوطناته وصرع وجرح المئات من مجنديه وأسر 250 من جنرالاته وضباطه وجنوده. وإسقاط أكذوبة “الجيش الذي لا يقهر”.
أظهرت “طوفان الأقصى” للعالم حتمية انتصار الحق وانكسار الباطل. أثبتت بالبرهان إمكان هزيمة الكيان الصهيوني الغاصب ودحره من كامل فلسطين (من البحر الى النهر). كما أكدت للعيان أن الاحتلال ما كان ليكون أو يدوم لولا خيانة الداخل وتخاذل الجيران.
بدا للجميع واضحا وفاضحا تواطؤ “حكام وجيوش” دول الطوق العربي للكيان، وكيف أنها مكرسة مسخرة لحمايته من هبة شعوبها ومِن صواريخ ومسيّرات دول “محور المقاومة”، القريبة منها والبعيدة، كما هو حال اليمن الحر. وتأكد أن الخيانة أشد خطرا من المواجهة.
هذه بعض إنجازات المقاومة الفلسطينية وصمود الفلسطينيين بمعركة “طوفان الأقصى” في يومها المائة وخمسة وستين، رغم الدمار والخسائر، واستشهاد وإصابة عشرات الآلاف، وتشرد مئات الآلاف من الفلسطينيين، بعدما هدم منازلهم، طيران جيش الاحتلال الجبان.
يبقى الثابت أن هذا العدوان الصهيوني الغاشم هو السادس، وأن إجرام الكيان هو نفسه ما يمارسه منذ تأسيسه، والدعم الغربي والأوروبي له هو نفسه، وأن حقده وخطره على العرب والمسلمين باقٍ ما بقي كائنا، ويحتل فلسطين وقدسها، وأن زواله دنا بإذن الله. والله غالب على أمره.

أترك تعليقاً

التعليقات