بازار الرياض!
 

ابراهيم الحكيم

إبراهيم الحكيم / لا ميديا - 
تحولت العاصمة السعودية، فجأة، إلى بازار مفتوح، وتقاطر حكام وزعماء دول عربية وغربية، ومبعوثون من دول كبرى، فقط لإظهار تضامنهم مع السعودية حيال ما تتعرض له من هجمات صاروخية استهدفت منشآتها النفطية! ولا غرابة، فالأخيرة بالنسبة لهم بمثابة الكعبة والمحجة إليها واجبة لقضاء الحاجات!
بدت مشاهد تقاطر حكام الدول مثيرة للشفقة أكثر منها الهيبة، وباعثة على السخرية أيضا. جميع من توافدوا إلى المملكة خلال أقل من 48 ساعة على آخر هجوم استهدف ميناء رأس التنورة في مدينة الظهران، أحد أكبر موانئ تصدير النفط، ومنشآت أرامكو في المنطقة الشرقية، بدوا قلقين وغاضبين أيضا، ومتضامنين.
هذه المبادرات قد تبدو طبيعية لمن يرون في المملكة «بقرة حلوب» سمينة الضروع، وطيعة للحلب. لكن غير المفهوم هو أن هؤلاء الحكام لم يظهروا حرصا حقيقيا على صديقتهم، التي تضخ لدول كل منهم ملايين البراميل من النفط ومشتقاته بسعر التراب، وبأقل من كلفة تكريره حتى؛ وإلا لكانوا صدقوا معها في النصح والمشورة.
يفترض المرء أن يبادر من يشعر بتضرر مصالحه إلى حمايتها، وتجنيبها أي أخطار حقيقية تتهددها. وفي الحالة السعودية، يبرز السبيل الأمثل للأمان وحماية منشآتها النفطية، جليا وواضحا، في وقف الحرب التي تقودها السعودية على اليمن، والذهاب إلى مفاوضات سلام عادل وشامل ودائم وبكل الضمانات المتاحة دوليا.
لكن الحاصل أن المتضامنين غالبيتهم منافقون، ويسعون وراء جني المزيد من المصالح، بداعي الدعم والمساندة للسعودية في هذه الحرب المدمرة والحاقدة على بلد لا يمثل أي خطر على أحد، طالما لم يطله اعتداء من أحد، ومن حقه أن يرد أي اعتداء يتعرض له، ويدافع عن نفسه وشعبه بكل ما أوتي من قوة وإمكانات وبأس.
لا ندري متى يمكن أن تصل السعودية إلى قناعة بأن ما تسعى إليه ومن ورائها داعموها وحماتها الأبرز، الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة البريطانية والكيان «الإسرائيلي»؛ ليس ممكنا أو لم يعد متاحا. فواقع الهيمنة على اليمن وفرض الوصاية عليه، الذي كان، صار اليوم في خبر كان، وليس واردا أن يعود، بعد كل ما حدث وتكشف.
الحرب المتواصلة كشفت لكل يمني حقيقة النوايا والمشاعر التي تكنها دول تحالف الحرب لليمن واليمنيين. أظهرت أنهم لا يبالون بدماء اليمنيين وأرواحهم، ومستعدون لأن يدفعوا بلا حساب لإهراقها وإزهاقها حتى آخر يمني، وليسوا مستعدين لأن يبذلوا نزرا يسيرا مما يبذلونه على الحرب، لأجل مساعدة اليمنيين على تجاوز عثرتهم.
أظهر هذا جليا ما سمي «مؤتمر المانحين لليمن» بنسخته السادسة منذ بدء الحرب. بدت المساهمات أو التعهدات المالية لا توازي حتى عمولات صفقات بيع الأسلحة لدول تحالف الحرب، رغم أن هذه التعهدات لا تذهب بأكملها لليمنيين ومساعدة من أفقرتهم الحرب وأعدمت فرص عملهم وتبعا دخولهم، وشردتهم عن قراهم ومدنهم.
طبعا، هذا ليس جديدا، فقد كان اليمن يحتاج قبل الحرب أقل من 5 مليارات دولار لتجاوز مشكلاته الاقتصادية وكذا السياسية، الناجمة عن أحداث «الربيع المريع»، لكن المانحين أنفسهم رفضوا توفيرها، حتى بعد أن أعلنوا عن التعهد بها، واشترطوا لدفع نصفها إقرار «مخرجات مؤتمر الحوار» والنصف الآخر عقب البدء في تنفيذها.
ليس سرا، ولا خافيا، أن «مخرجات مؤتمر الحوار» أشرفت على إعدادها سلفا دول تحالف الحرب نفسها، ولأهداف لا تنشد بأي حال مصلحة اليمنيين بحق وحقيقة، قدر ما تنشد دوام هيمنتها ووصايتها على اليمن، عبر تقسيمه إلى دويلات صغير متنافرة ومتناحرة، ولا تملك أي منها قرارا وإرادة وأي أسباب نهضة وقوة دون هذه الدول!

أترك تعليقاً

التعليقات