لماذا التورط؟!
 

ابراهيم الحكيم

إبراهيم الحكيم / لا ميديا -
تتعرض السعودية لضغوط عدة، تقترن بحيل ترهيب وترغيب جمة. لكنها بنظري، ستكون أكثر ذكاء وحكمة، كما ظلت طوال أربعة أعوام ملتهبة تالية لـ»اتفاق الهدنة» مع اليمن، متمسكة بخارطة السلام، المنبثقة عن مفاوضات مسقط وصنعاء والرياض.
تظل السعودية في فسحة، ما بقيت تقدم مصلحتها على ما عداها. ومعلوم أن السلام في اليمن مصلحة كبرى للسعودية، ليس فقط في تعزيز أمنها واستقرارها وكف استخدام حلفائها اليمن ضدها، بل أيضاً في يمن قوي مستقل وناهض وسند قوي لها بالملمات.
فعلياً: أظهرت قيادة المملكة السعودية ذكاء وحكمة كبيرة عند جنوحها للسلام، ودفعها باتجاه إبرام الهدنة في اليمن وإيقاف عدوانها، مطلع العام 2022، ثم بدفعها نحو المصالحة مع جمهورية إيران الإسلامية، واستئناف كامل للعلاقات بين البلدين.
وعملياً: ليس من مصلحة أي دولة، مهما بلغ ثراؤها، أن تظل في حالة عداء أو توتر مع أي دولة جارة لها. اليمن من أكبر جيران المملكة السعودية، تربطه به حدود مشتركة برية وبحرية، فضلاً عن وشائج الرحم وأواصر القربى، ولا مبرر للعداء معه أو التوتر.
صحيح أن إمبراطورية الشر العالمي (الولايات المتحدة الأمريكية)، بقيادة المعتوه دونالد ترامب، تضغط بقوة على السعودية لدفعها إلى استئناف الحرب على اليمن. لكن هذه الضغوط لا تبرر أو تسوغ تفريط السعودية بمصالحها لأجل مصالح أمريكا والكيان «الإسرائيلي».
ينبغي لقيادة المملكة السعودية أن تراعي المصالح الاستراتيجية للمملكة، على المديين القريب والبعيد. في مقدمة هذه المصالح تكريس ثرواتها لامتلاك مقومات القوة والأمن، ليس بعقد مزيد من صفقات التسليح أو تمويل حروب اضافية في المنطقة.
تؤكد الحسابات السياسة والاقتصادية أولوية امتلاك السعودية أسباب السيادة والاستقلال أولاً، وفي مقدمها الاكتفاء الذاتي في مجمل مناحي الحياة. ليست السعودية أقل شأناً من باكستان أو إندونيسيا أو تركيا أو حتى إيران رغم الحصار عليها.
أما خيار استئناف الحرب على اليمن فإنه بطبيعة الحال سيكون مكلفاً اقتصادياً وعسكرياً، خصوصاً، وإن دوافع السعودية إلى إبرام الهدنة مع اليمن مطلع 2022 ما تزال قائمة وبوتيرة أكبر مما كانت عليه، وفق معطيات الأربع السنوات الماضية.
لا ينبغي أن تراهن السعودية على امتلاك أحدث منظومات الدفاع الجوي الأمريكية («ثاد» وغيرها)، ولا على إجراء مناورات وتدريبات مع القوات الأمريكية على التصدي للطائرات المُسيّرة، فهذه المنظومات لم تُجدِ نفعاً مع الكيان الصهيوني، نفسه.
يبقى الثابت -إذن- أن كلفة مضي السعودية في مسار السلام والوفاء باستحقاقاته السياسية والعسكرية والمالية، أقل بكثير جداً من كلفة التورط في حرب جديدة مع اليمن، لا ترى قيادة اليمن الحر أي داعٍ لها ولا تريدها أو تسعى إليها؛ لكنها مستعدة لخوضها.

أترك تعليقاً

التعليقات