عدوان جاري!!
 

ابراهيم الحكيم

إبراهيم الحكيم / لا ميديا -

سألت جاري عن حكاية المجاري، وطفحها الجاري في كل شارع وسائلة ووادٍ، فنزع جاري لثامه ومز شفتيه وهز رأسه متعجبا مثلي، لكنه استدرك برد مقتضب جدا، أجده فعليا غدا منذ أشهر مضت لسان حال كل مقيم في العاصمة صنعاء: والله ما انا داري ولا لي علم!!
شخصيا، لا أميل إلى تسمية مياه المجارير الآسنة "صرف صحي" كما تفعل الحكومة وتخصص مؤسسة بهذا الاسم، فهذه المياه الآسنة ليست صحية ولا تصرف صحة ولا تمت إليها بصلة، قدر ما تصرف كل وباء وتهلكة، إن بقيت طافحة متفجرة، مكشوفة متدفقة كما هي اليوم!!
ماذا حدث ويحدث يا جماعة؟! حال المجاري في العاصمة صنعاء غريبة وعجيبة، وداعية للحيرة، كما هي مثيرة للريبة في آن معا، وباعثة على الغيظ والسخط أيضا، إذ هي صارت اليوم -بنظري وكثيرين مثلي- عدوانا جاريا يواصل حصاد المئات من الأرواح ليل نهار!!
فجأة، قررت شبكة المجاري في العاصمة صنعاء أن تكون هي والدنيا وعدوانها علينا، وأن تنضم إلى كرب هذه الحرب ووغبها المر، وتغدو سبباً رئيساً في كرب أشد، لا يكتفي بكتم أنفاسنا وتضييق صدورنا على ضيقها، بل ويحاصرنا بأوبئة شتى، النجاة منها غدت إنجازاً ونصراً!!
الغريب في الأمر أن لا أحد -فيما أعلم- يعرف حقيقة أسباب هذا الطفح الجماعي لشبكة المجاري في العاصمة صنعاء وجريانه الرئيس في سائلة صنعاء. والمريب أن لا أحد -فيما أعلم أيضاً- من المعنيين بالأمر خرج على الناس عبر وسائل الإعلام لبيان أسباب المشكلة!! ...
أما العجيب أن يستمر الأمر من دون تدارك. والأعجب أن يترافق مع استمرار سد مجاري المشتركين بشبكة "الصرف الصحي" كإجراء عقابي على تأخر سداد فواتير الخدمة، رغم أن هذا الإجراء عديم في حال السلم، فكيف به في حال الحرب وهذا الطفح الكارثي للمجاري؟!!
كنت أظن الأمر متصلا بشح نفقات التشغيل وانقطاع مرتبات العاملين، لولا أني ألحظ استمرار مؤسسة المياه والصرف للصحي في تنفيذ أعمال مد أنابيب الشبكة العامة للمجاري في حارات حي سعوان، وربما هي تفعل ذلك أيضاً في أحياء أخرى من العاصمة صنعاء!!
يدور حديث، إنما بصوت يشبه الحفيف، يكاد لا يسمع، عن مشكلة في محطة معالجة مياه الصرف الصحي في المطار. استمعت إلى شيء من هذا القبيل أمام إلحاحي في معرفة الأسباب، لكن جُل ما سمعته لم يكن وافيا ولا شافيا لرغبة وحاجة معرفة أسباب هذا الطفح الجاري للمجاري.
جُل ما سمعته وعرفته، دونما التثبت منه، أن "محطة معالجة مياه الجاري ما عادت تستطيع استقبال المزيد". كيف لم تعد قادرة على استقبال المزيد؟! ولماذا؟! لا أعلم بالضبط، قدر ما أعرف أن المحطة ليست خزانا عاما دائما، بل وحدة تكرير لمياه جارية تعيد إنتاج مياه معالجة، للري.
لا بد، يا أولو الاختصاص، من بيان أسباب مشكلة طفح المجاري في العاصمة صنعاء، فهي مشكلة عامة لا خاصة، من حق الناس أن يعرفوا أسبابها والجهود المبذولة لمعالجتها، المعالجة المطلوبة قطعا على وجه السرعة، لأن طفح مياه المجاري يعادل أفتك قنابل التحالف وصواريخه في إهلاك الشعب، وجديرة بأن تكون جبهة مستقلة تحظى بنفير واسع لحسمها.

أترك تعليقاً

التعليقات