كش معاذير!
 

ابراهيم الحكيم

إبراهيم الحكيم / لا ميديا -
غريب أمرهم! حين خلاف السعودية مع إيران، ظلوا ينفخون في كير الفتنة باسم "المد الإيراني الفارسي" و"الخطر المجوسي الرافضي". وبعد اتفاق السعودية وإيران، مازالوا ينفخون في القربة المثقوبة "الخطر الفارسي المجوسي" مع تملق مبتذل بعناوين "الذكاء السعودي" و"الخضوع الإيراني" و"تحييد إيران". مع أن كفيلتهم "الرياض" ما عادت تقول بهذا، بل باتت تجرمه!
ليس غريبا أن تتفق السعودية وإيران. كلاهما لهما أهداف ومصالح سياسية معروفة، وقبلها مصالح اقتصادية وتجارية مهولة. لكن الغريب هو موقف المتعيشين على الخلاف بينهما، ظلوا يقتاتون السحت على قاعدة “عدو صديقي عدوي”، ويصرون على أن يستمروا في غيهم يعمهون، حتى بعد أن بطلت قاعدتهم وصارت “صديق صديقي عدوي”!
لا تملك إلا أن تشعر بالإشفاق على جوقة وأبواق تحالف العدوان على اليمن. صُدموا بفاجعة سقوط ثاني ذرائع وجود هذا التحالف وتدخله في اليمن. تلاشي أسطوانة “خطر المد الفارسي على هوية شعوب المنطقة وعروبتها ودينها”، في وقت مازالوا يشعرون بدوار صدمة سقوط الذريعة الاولى المساة “شرعية هادي”، من تحالف “دعمها” إياها!
صدمتان خلال عام! كانتا كفيلتان، بإزالة أي ذرة شك في نوايا التحالف السعودي الإماراتي وحقيقتها، وأنها لم تكن مطلقا “دعم شرعية هادي”، ولا “مواجهة الخطر الإيراني”، ولا “دفاعا عن العروبة والدين”، ولا حتى “إنهاء الانقلاب” بدليل تمويل التحالف نفسه انقلابات عدة على “هادي”، وتشكيل مليشيات انقلابية عدة، لتنفيذ أجندة أطماعه!
لا يجد المتابع صعوبة في الشعور بهذيان ما بعد الصدمة، حيال ردود فعل الموالين للتحالف السعودي الإماراتي، عقب الاتفاق السعودي الإيراني. توزعت بين مرحبة على مضض ومتملقة لقيادة السعودية بفجاجة، وأخرى مشككة ومتحفظة تود لو تلعن السعودية وقيادتها لولا الارتهان لها، بينما احتار أكثرهم واختاروا بلع ألسنتهم ولزموا الصمت!
الأعجب من هذا، هو نبرة عجرفة “هذه حربنا وليست حرب السعودية”. ونغمة تحدي “الآن نستطيع حسم المعركة بعد تحييد إيران ودعمها العسكري للحوثي”! أي “دعم عسكري إيراني للحوثيين”؟! كأن 100 ألف غارة جوية ويزيد على مدن البلاد وأحيائها كانت بطائرات إيرانية لا سعودية وإماراتية، وحصار اليمن نفذته بوارج حربية إيرانية!
هذا إصرار عديم على حجب أشعة الشمس بمنخل. استمرار ذميم في التغرير والادعاء والتضليل والافتراء، والاتجار بدماء اليمنيين وأرواحهم، وإلا فجوقة تحالف العدوان وأبواقه، هم أكثر من يعرف أن “الدعم الإيراني” ترهة لا شاهد عليها وعجزت دول تحالفهم طوال 8 سنوات عن إثباتها، قبل أن تلجأ لتعزيز ادعاءاتها بمسرحيات “الضبط”!
يعلم المتعيشون من تسويغ العدوان على اليمن وتبرير جرائمه بحق اليمنيين وبحقهم هم أيضا، أن “تهريب الأسلحة الإيرانية للحوثيين”، ترهة أضحت فرية سمجة. واستدعت تمثيل البوارج الأمريكية والبريطانية والفرنسية لتسويغ وجودها بمياه اليمن، وقائع “ضبط شحنات سلاح”. شحنات بنادق آلية وبعض بوازيك، تمتلئ اليمن بها بل تصنعها!
لا غرابة أيضا. فقد أقنع هؤلاء أنفسهم بهذه الترهة، للحفاظ على ماء وجوههم. صدقوا فريتهم وأنهم يواجهون إيران وأسلحتها، لتبرير فشلهم مع كل الدعم العسكري والسياسي والمالي والإعلامي الهائل لهم من تحالف أغنى دول المنطقة، وأغبى أنظمة سياسية، وأعتى ترسانة أسلحة أمريكية وبريطانية وفرنسية، وأخنى حكومات تأييد “دفع مسبق”!
تظل وقائع الحرب العدوانية على اليمن، وربما وحدها، موثقة كاملة بالصوت والصورة، وتبقى مقدماتها معروفة ومشهورة وموثقة على نحو يعصى معه أن تنسى. مثلما تظل أهدافها معلومة منذ البداية، وصارت بعد مجريات ثماني سنوات، مكشوفة ومفضوحة، لا يعوزها دليل ولا يلزمها برهان، أكثر من ممارسات التحالف ومواقفه بمناطق سيطرته.

أترك تعليقاً

التعليقات