قَلْبَة!
 

ابراهيم الحكيم

إبراهيم الحكيم / لا ميديا -
صفاقة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في التعامل مع غزة، بوصفها أرضاً مباحة، لاستثمارات متاحة، يتملكها أو يؤجرها، ويُهجّر سكانها أصحاب الأرض بالقوة، إلى حيث يشاء، ويفرض استقبالهم على هذه الدولة أو تلك المملكة، أيضا بالقوة؛ تفرض رد أُمة.
رد الفعل العربي والإسلامي المفترض، والافتراضي، على تصريحات ترامب ونتنياهو، ليس الإدانة أو التعبير عن الشجب والاستنكار، ولا حتى التعبير عن الرفض لها. المفترض بداهة كان إمهال ترامب 24 ساعة فقط لسحب تصريحاته والاعتذار عنها علناً.
هذا المطلوب من حكام الدول العربية والإسلامية وحدهم، مجرد قَلْبَة؛ قلبة وجه، غير وجه الرضا والانصياع والإذلال، وشطب طبع الاستكانة والمهادنة لقوى الإذلال؛ مجرد «بهرارة» أو «زَرّة» (كما نقول بالعامية)، تُوجِّه إلى ترامب وأمثاله صفعة عربية وإسلامية توقظه من جنون العظمة!
هذا والله ممكن من دون خسائر جمة، أو حتى خوض حرب تحرر الكرامة المستلبة والحرية المختطفة والسيادة المغتصبة؛ فقط بقليل من «الشحطة» في مواجهة الشطحة، بشيء من الأنفة تأبى الذِلَّة؛ مجرد قرارات وإجراءات سياسية واقتصادية كفيلة بردع «الكِبرة»!
تستطيع الدول العربية والإسلامية التلويح فقط بتعليق العلاقات الدبلوماسية مع إمبراطورية أمريكا، سحب السفراء، تجميد العلاقات الاقتصادية، إيقاف التعامل بالدولار الأمريكي، أو حتى إيقاف توفير الضمان لثبات سعره عالمياً، فك الارتباط بينه والنفط العربي...
ما هو الصعب في مثل هذه القرارات على دول يفترض أنها ذات سيادة، وأنظمة يفترض أنها ذات استقلال، لشعوب حرة؟! ليست صعبة ولا مستحيلة، وتبعاتها ليست خطرة إلى حد يبث الرعب والرهبة. على العكس، هذه القرارات ستبث الرهبة في أمريكا والكيان الصهيوني.
مثل هذه القرارات لن تدفع الشعوب العربية والإسلامية إلى إسقاط حكامها وأنظمتها الحاكمة. على العكس، ستجعل الشعوب العربية والإسلامية ممتنة لأنظمتها الحاكمة، ومرتبطة بها ارتباطاً وثيقاً. ستجعل الشعوب أكثر تمسكاً وولاء لأنظمتها واستعداداً للدفاع عنها والفداء.

أترك تعليقاً

التعليقات