هراء الرياض!
 

ابراهيم الحكيم

إبراهيم الحكيم / لا ميديا -
تتغابى السعودية، وتصر على إنهاء حربها العدوانية، بصفتها راعية سلام لا طرفا في الحرب. تصر أيضاً على أن تكون خاتمة الحرب بعودة جميع القوى اليمنية إلى عصمتها وتحت وصايتها، تماماً كما كان مبتداها، سقوط هذه العصمة وكسر أدوات الوصاية والهيمنة. لهذا هي تتمادى في الوقاحة!
تتمسك الرياض وأربابها، بالخطاب نفسه منذ بداية حربها العدوانية، قبل سبع سنوات بالتمام والكمال. تريد أن يعود اليمن "حديقة خلفية" لها. تابعاً منقاداً لما تريد، ومصدراً للعمالة والفواكه والخضروات، ومنتجعاً لنخاسة ونجاسة ما جَمَّلته باسم "الزواج السياحي"، فيما هو دعارة منظمة مقننة!
لا تريد السعودية، يمنا حراً موحداً مستقراً ومستقلاً بقراره الوطني، وذا سيادة كاملة على أراضيه وأجوائه وبحاره. تخشى هذا، منذ كانت إيران مثلها، وكيلين يتنافسان على خدمة أمريكا وحلفها الأنجلو-صهيوني وأطماعه في نهب ثروات الشعوب ومقدراتها وتحويلها إلى مجرد أسواق لسلعها.
تعلم الرياض، أن يمناً حراً مستقلاً، موحداً ومستقراً، يعني يمناً ناهضاً مكتفياً بثرواته ومقدراته ومنتجاته. يمناً قوياً، لا تجرؤ على نهب ثرواته أو سلب أراضيه أو انتهاك سيادته أو نخر دولته بفساد عملائها وأدواتها، أو إهانة مواطنيه وتحويلهم إلى عبيد بنظام الرِّق الحديث المسمى "الكفيل".
تلك مشكلة السعودية، منذ تأسيسها على أراض مغتصبة، شمالاً وغرباً وشرقاً وجنوباً، وقبل قيام جمهورية إيران الإسلامية، الحرة المستقلة والدولة الناهضة والمقاومة للهيمنة والوصاية الغربية. ما انفكت السعودية تتدخل في شؤون اليمن منذ أسستها إمبراطورية بريطانيا، وورثتها الإمبراطورية الأمريكية.
تدرك الرياض ومن ورائها الحلف الأنجلو-صهيوني (أمريكا، بريطانيا وإسرائيل)، أن دعوتها الأطراف اليمنية للحوار في قصر اليمامة، سبيل وحيد لاستعادة وصايتها وهيمنتها على اليمن. تعلم أن مثل هذا -إن حدث- سيضمن ترويض جميع قوى اليمن وعمالتهم لها. وأنه لذلك ضرب من الهراء!
لكن هذا ما عاد ممكنا أن يكون. اليمنيون شبوا عن الطوق. أدركوا فداحة تسليم أمرهم وقرارهم واستقلالهم للخارج. استوعبوا درس التبعية والارتهان إلى "اللجنة الخاصة" بمجلس الوزراء السعودي. عرفوا أن هذا يبقيهم فقراء خاضعين، ضعفاء تابعين، فرقاء متقاتلين، أشقياء مهانين، وتعساء مقيدين.
لهذا، وغيره، لن تنال الرياض مبتغاها، بعد كل الدماء التي أهرقت وكل الأرواح التي أزهقت وكل الأهوال التي تجرعها اليمنيون خلال هذه الحرب العدوانية الحاقدة والمجرمة على اليمن. لا يمكن أن ينسى اليمنيون إجرام هذه الحرب بحقهم، ومعاناتهم، وسيواصلون مواجهتها على عطشهم وجوعهم ومرضهم.
لا سبيل لاستقرار السعودية ودول المنطقة، إلا باستقرار اليمن والمنطقة. السلام ليس مطلباً يمنياً فقط. إنه في الواقع مطلب عربي عموماً. العدوان على سوريا هو نفسه على اليمن، وهو نفسه على لبنان، وهو نفسه على فلسطين، وليبيا. إدارة هذا العدوان باتت تجاهر بنفسها وتفاخر بعدوانها، ومازال العرب منقسمين!
يبقى السبيل المتاح والممكن، لتنعم اليمن ودول المنطقة بالسلام والأمان والاستقرار، وتتوافر لها فرص النماء والرخاء والازدهار؛ أن تتحرر من الهيمنة والوصاية الغربية وأدواتها. أن تحرر أراضيها من القوات الأجنبية الأمريكية والأوروبية، وأن تحرر أراضيها المغتصبة والخاضعة لاحتلال الكيان "الإسرائيلي". وإن هذا لقريب بإذن الله وعونه.

أترك تعليقاً

التعليقات