بيان العار!
 

ابراهيم الحكيم

إبراهيم الحكيم / لا ميديا -
بقيت أحسن الظن، كالغريق المتعلق بقشة، في حكام وحكومات الدول العربية، وبصورة أكبر، المستهدفة أراضيها بالاحتلال الصهيوني، رغم تعاونها العلني والخفي مع الكيان «الإسرائيلي»، وحمايتها له ودعمها المجاني!!
حدثت نفسي أن المحتل الصهيوني بغى وأفسد حتى طغى واستبد، ولم يعد يطيق صبرا لبلوغ غايته وإنشاء «إسرائيل الكبرى». توقعت أن تكون هذه الغاية نهايته، إذ هي تتجاوز ابتلاع فلسطين إلى أراضي 7 دول عربية!
لكن «تجريب المجرب خطأ»، وتعليق الأمل على مصدر الألم، ضرب من العبث والهذيان. فالأنظمة العربية باقية على حالها، منذ ستين عاما على الأقل. تكاد الأهوال تفتك بها ويطويها الهوان، لكنها تلتزم الإذعان!!
أكد لي هذا، الموقف الجبان للأنظمة العربية من إعلان رئيس حكومة الكيان «الإسرائيلي» نتنياهو، الأربعاء الفائت...
أنه «في مهمة نيابة عن الشعب اليهودي»، وأن مهمته «رؤية قيام إسرائيل الكبرى» باحتلال 8 دول عربية!!
جاء الرد العربي، مُخزيا للعرب، مُهينا لنحو 400 مليون عربي، يغلف الاستسلام بغطاء «السلام»، ويهدد الكيان بما سماه «اتخاذ كافة الإجراءات التي تؤطر للسلام وتكرسه، بعيدا عن أوهام السيطرة وفرض سطوة القوة»!!
تعلم الأنظمة العربية أن مخطط ما يُسمى «إسرائيل الكبرى» في مرجعيات وشعارات الصهيونية يقوم على كامل أراضي فلسطين ولبنان وسوريا والأردن، ونصف مساحة السعودية ومصر والعراق، وكامل الكويت، وجنوب تركيا.
مع ذلك، اختزلت هذه الدول العربية الثمان، ومعها 13 دولة عربية و10 دول إسلامية وأمناء عموم جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي ومجلس التعاون الخليجي؛ ردها في بيان جبان يصدح بالجُبن والهوان!
البيان الموقع من وزراء خارجية 31 دولة عربية وإسلامية «أدان بشدة» تصريحات رئيس وزراء «إسرائيل» بنيامين نتنياهو بشأن «إسرائيل الكبرى»، واعتبروها «استهانة بالقانون الدولي وتهديدا مباشرا للأمن والسلم الإقليمي والدولي».
تخيلوا، أقر البيان، حتى في هذا الظرف الداعي لإصداره، بصفة «إسرائيل» دولة لا كيانا غاصبا محتلا مجرما، و»شدد على رفض السياسات الإسرائيلية القائمة على القوة والسيطرة، مؤكدا تمسك الدول الموقعة بالشرعية الدولية».
ذلك أقصى ما لدى الأنظمة العربية والإسلامية، الإدانة والشجب، والتمسك بالوهم. وإلا فالعالم كله يعلم أن لا وجود لشرعية دولية وسيادة لمواثيق وقوانين دولية، وأن الشرعية القائمة هي شريعة الغاب، وأنها تخدم مصالح الأقوى فقط.
لم تجرؤ هذه الأنظمة على إعلان ما يُسمى «إسرائيل» كيان احتلال مجرما، ولا إعلان رفضها قيام «دولة إسرائيل» على أرض فلسطين العربية، ولا إعلان استئنافها جميعها حالة الحرب مع الكيان، أو حتى إعادة تصنيفه عدوا لها!!
كان أقل المتوقع من هذه الأنظمة العربية والإسلامية، أن تعلن سحب مبادرتها للسلام، وقطع علاقاتها الدبلوماسية مع الكيان الصهيوني، وتجميد علاقاتها الاقتصادية والتجارية معه، حتى يلتزم بإيقاف عدوانه على قطاع غزة، والانسحاب منه، ورفع الحصار عنه.
يظل هذا الموقف الهزيل، كاشفا مكمن داء الأمة العربية والإسلامية، وأنه ضعف أنظمتها الجبانة حد الخيانة لله وللدين والأمة، والعمالة لأعداء الأمة، ولولا حمايتها الكيان الصهيوني لما بقي محتلا لفلسطين ويهدد باحتلال 7 دول عربية أخرى!

أترك تعليقاً

التعليقات