تصنيفة ترامب!
 

ابراهيم الحكيم

إبراهيم الحكيم / لا ميديا -
تصنيف إمبراطورية الشر العالمي أمريكا لليمن الحر بقيادة "أنصار الله"، تحصيل حاصل لرفض الهيمنة، وتجسيد ماثل للبلطجة، وتصعيد كامل له تبعات، نعم؛ لكنها لا تعني أو تفضي لانكسار إرادة اليمنيين وتمسكهم بالاستقلال والسيادة، ولا تستدعي كل هذا الانتشاء التافل والاحتفاء السافل!
التوصيف الأمريكي لـ"الإرهاب" ينحصر معياره فقط في "تهديد أو استهداف أمن الأمريكيين أو الأمن القومي الأمريكي (الدفاع الوطني، العلاقات الخارجية، المصالح الأمريكية)، والتصنيف الأمريكي لا يقتصر على الأفراد أو المنظمات، بل يمتد إلى تصنيف دول بأنظمتها وشعوبها، وإخضاعها لعقوبات.
حدث هذا منذ سبعينيات القرن الماضي، حين صنفت إمبراطورية الشر الأمريكية سبع دول بأنظمتها وشعوبها "دولاً راعية للإرهاب"، شملت: اليمن الجنوبي، ليبيا، العراق، السودان، سورية، إيران، كوبا، وكوريا الشمالية، وما تزال تصنف الدول الأربع الأخيرة "إرهابية"، لمجرد أنها تناهض الهيمنة الأمريكية وترفض الخضوع لها.
مع ذلك، لم تنكسر سورية منذ 1979، ولا كوبا منذ 1982، ولا إيران منذ 1984، وبالمثل كوريا الشمالية منذ 1988. على العكس، استمرت الدول الأربع مستقلة القرار وذات سيادة، تواجه العقوبات والحصار، وحققت نهضة علمية وتنموية وصناعية وزراعية، قهرت -وما تزال- الطغيان الأمريكي.
كذلك العراق استمرت نهضته الشاملة، تحت التصنيف الأمريكي وعقوباته، حتى استطاعت أمريكا احتلاله وتدمير مقدراته وبنيته التحتية، ثم رفعته من قائمتها "الإرهابية" عام 2004، إنما من دون استقلال أو سيادة وطنية، أو قوة اقتصادية أو عسكرية، أو حتى بنية تحتية تلبي احتياجات شعبه!
تلك فعلاً غاية هذا التوصيف والتصنيف الأمريكيين، حسب إقرار وزارة الخارجية الأمريكية نفسها. تقول إن "مكافحة الإرهاب لا تنظر فقط إلى الهجمات الإرهابية الفعلية التي نفذتها المجموعة؛ ولكن أيضاً إلى ما إذا كانت المجموعة تخطط لأعمال إرهابية محتملة في المستقبل أو أنها تحتفظ بالقدرة والنية لتنفيذها".
أما الآثار المترتبة على التصنيف فمادية، تتمثل في "فرض قيود على المساعدات الخارجية، فرض حظر على الصادرات والمبيعات الدفاعية، والقيود المالية وغيرها المتنوعة". هذه "المتنوعة" تشمل تسويغ تنفيذ هجمات أمريكية في أي وقت تشاء، وبلا وجه حق، أو حتى "تفويض من مجلس الأمن الدولي" لتنفيذها.
تُضاف لآثار التصنيف آثار أخرى تتلخص في "تجميد الأموال، العزل، تشجيع الدول الأخرى على أن تحذو حذو أمريكا، منع التبرعات أو المساهمات والمعاملات الاقتصادية". وهذا طبعاً عبر إرهاب أمريكا العالم بـ"عقوبات على الأشخاص والدول المشاركة في تجارة معينة مع الأفراد أو المجموعات أو الدول" المُصنفة!
عدا هذا، لا يخفى على المتابع أن إعادة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إصدار آخر قرارات ولايته الرئاسية الأولى بشأن اليمن، وتصنيف "أنصار الله"، يسعى إلى تحقيق انتصار بأثر رجعي وتجميع هيبة الإمبراطورية الأمريكية المبعثرة وحفظ ماء وجهها وترسانتها الحربية، المراق في مياه اليمن الإقليمية.
يظل الأهم صلابة الإرادة وكفاءة الإدارة، في مواجهة العجرفة والإرهاب الأمريكي، وامتلاك مقومات الصمود والتحدي، بدءاً من توسيع دائرة الاعتماد على النفس والاكتفاء الذاتي، ودائرة الانفتاح الخارجي على العالم الذي لا يدور في فلك أمريكا ولا ينبغي له أن يرضخ بأكمله لبغيها وطغيان عدوانها.

أترك تعليقاً

التعليقات