انحراف!!
 

ابراهيم الحكيم

إبراهيم الحكيم / لا ميديا -
تنتاب أي عربي متابع لمجريات الأحداث المتسارعة في المنطقة، دهشة المفاجآت، وصدمة التحولات، وخيبة التوقعات، وحسرة المواقف! يحدث هذا منذ سبعة عقود ويزيد، لكنه صار يحدث كل يوم طوال العامين الأخيرين!!
فاجع أن تشاهد شعوبا أجنبية غاضبة لفلسطين والشعوب العربية صامتة، حكومات أجنبية ترغمها شعوبها على الاعتراف بدولة فلسطين وحق شعبها في الاستقلال، وحكومات عربية تنكر حتى حق الفلسطينيين في مقاومة الاحتلال!!
إعلان أنظمة وحكومات عربية تجريم المقاومة للاحتلال الصهيوني الغاصب لفلسطين وتصنيفها «إرهابا»، واستهداف حركات المقاومة، سياسيا وإعلاميا، بوصفها «منظمات وجماعات إرهابية»؛ خيانة علنية لله تعالى ورسوله والدين والحق والأمة!!
تجريم مقاومة الاحتلال وحركاتها، جريمة كاملة الأركان، تجاهر بإلباس الحق ثوب الباطل، وإلباس الباطل ثوب الحق! انحياز علني للاحتلال الصهيوني وتأييد كامل، علني وضمني، لجرائمه بوصفها «رد فعل وردعا للإرهاب ودفاعا»!!
لا غرابة حيال هذا التحول الخطير في الموقف الرسمي لأنظمة وحكومات عربية، أن يجري الاعتراف بكيان الاحتلال الغاصب دولة منذ 77 عاما، وأن تظل فلسطين الخاضعة للاحتلال تبحث عن اعتراف بها دولة مستقلة ذات سيادة!!
فعليا: ما يحدث تعميد لتصفية الحق في كامل فلسطين من البحر إلى النهر، وما موجة «الاعتراف» إلا تثبيت الاحتلال أمرا واقعا وتعميد الانحراف، رغم ربط الدول التي اعترفت بدولة فلسطين، اعترافها بما يسمى «حدود 1967م»!!
عمليا: تجاوز كيان الاحتلال الصهيوني هذه الحدود، منذ سنين، وأخضع «الضفة الغربية» لسيطرته، بغطاء «حكم ذاتي» لسلطة منزوعة السيادة وقوات الأمن والدفاع! وانكب على فرض الأمر نفسه مع قطاع غزة، منذ 20 عاما!!
صحيح أن أستراليا وكندا وبريطانيا، لحقت بنحو 147 دولة حول العالم من أصل 193 دولة عضوا بالأمم المتحدة، وأعلنت الأحد اعترافها بـ»قيام دولة فلسطين على حدود 1967م»، وفد تتبعها بلجيكا والبرتغال وغيرهما لكن ما قيمة هذا الاعتراف؟!
لا قيمة عمليا، لاعتراف دول تدعم كيان الاحتلال الصهيوني بالأسلحة حتى اليوم. ولا قيمة لاعتراف الجمعية العمومية للأمم المتحدة بدولة فلسطين، ولقرارها الأخير بـ»دعم حل الدولتين»، لأن القرار التنفيذي بيد مجلس الأمن الدولي!
صحيح أن الصين وروسيا تتبنيان «حل الدولتين»، لكن باقي دول المجلس دائمة العضوية لا تقر هذا الحل. حتى بريطانيا وفرنسا بعد اعترافهما بدولة فلسطين تشترطان أن تكون دولة منزوعة السلاح، بينما ترفض أمريكا الأمر برمته!!
الواقع القائم، أن كيان الاحتلال الصهيوني لفلسطين، شرع في استكمال مخطط «دولة إسرائيل الكبرى»، تجاوز فلسطين التي يوشك على الانتهاء من ابتلاعها كاملة، إلى احتلال جنوبي لبنان وسوريا وأراضي 4 دول عربية أخرى تباعا!!
يبقى المؤكد، أن «ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة»، وأن الحل ليس في «اعتراف» مزيد من الدول باحتلال فلسطين، بل في رفض اختراف فلسطين وتصحيح الانحراف، ومواجهة العدو الصهيوني المشترك للعرب والمسلمين، بالقوة لاستعادة الحق كاملا.

أترك تعليقاً

التعليقات