دردحة مستحقة!
 

ابراهيم الحكيم

إبراهيم الحكيم / لا ميديا -
يقال في العامية المحلية «دردح به» أي عراه وكشفه على حقيقته، وفي مصر يقال للمعنى نفسه «ردح»، وفي الشام يقال للفعل نفسه «شرشح»، وهذا ما فعله بالضبط، الإعلامي القدير جورج قرداحي، صاحب الصوت الجهور الذي ينصف اللغة العربية ووقارها، كما أنصف اليمن حقه وقال في الحرب العدوانية عليه كلمة حق، أوجعت الباطل وأهله.
فعليا، ما قاله الإعلامي جورج قرداحي، بصرف النظر عن صفته الحكومية اللاحقة لتصريحه، بنحو شهر، عبر فيه عن رأيه وموقفه من الحرب على اليمن و»أي حرب بين الإخوة العرب» حسب تأكيده في مؤتمره الصحافي اللاحق لضجة الاحتجاج والتصعيد الدبلوماسي من السعودية ودول الخليج وجميع المنظمات الممولة بالريال السعودي.
لكن وجع السعودية ودول تحالف حربها العدوانية على اليمن، يرجع إلى كون هذا الموقف صادراً عن رجل حر، أولاً، ويحظى ثانياً باحترام واسع من الجمهور العام، وهذا النوع من البشر، لا يتفق وأهل الباطل على الإطلاق، في كل زمان ومكان ولو صدر الموقف والرأي نفسه عن آلاف الإعلاميين أو المسؤولين في لبنان وغيره، لما كان موجعا بالقدر نفسه.
يضاف إلى هذا، أن تصعيد السعودية ودول تحالف عدوانها على اليمن، وافتعال أزمة دبلوماسية واسعة، حد سحب سفرائها لدى لبنان، وطلب سفراء الأخير مغادرة عواصمها، يظل غير طبيعي، على نحو يظهر متعمدا ولأسباب أخرى تفسر فرط رد الفعل وهذه الحملة السياسية والإعلامية الهوجاء والواسعة والممولة بمئات الملايين من الريالات السعودية.
كان الوضع الطبيعي أن تتقبل السعودية ودول تحالفها الاعتذار الرسمي الصادر عن الحكومة اللبنانية وتأكيدها بأن «ما أدلى به جورج قرداحي يعبر عن رأيه ووجهة نظره، وقاله قبل تعيينه وزيرا للإعلام بقرابة شهر، ولا يمثل الحكومة اللبنانية، أو يعبر عن موقفها الداعم لجهود إحلال السلام في اليمن وفق مرجعيات الجامعة العربية ومجلس الأمن».
يرجع هذا التصعيد والتهويل والتضخيم لرد الفعل من جانب السعودية ودول الخليج المهيمنة عليها، إلى غاية صرف الأنظار عن أمر جلل، أكبر وقعا وأفدح أثرا على السعودية، والأسرة الحاكمة تحديدا، فجره قبل الإعادة المتعمدة لتصريح قرداحي إلى الواجهة بأسبوع، مسؤول الاستخبارات السعودي السابق، سعد الجبري، المقيم في المنفى هربا من الإعدام.
تحاول هذه الحملة السعودية الخليجية الشعواء، سياسيا وإعلاميا، وجعل «تصريحات قرداحي» تتصدر واجهة الأحداث على الصعيدين السياسي والإعلامي وتبعا المجتمعي؛ التغطية على فضائح خطيرة كشفها لأول مرة عبر قناة أمريكية شهيرة، سعد الجبري مسؤول الاستخبارات السعودية سابقا، ومساعد وزير الداخلية السعودي السابق، محمد بن نايف.
ظهر الجبري، لأول مرة على شاشة تلفزيون، في مقابلة أجرتها معه قناة CBS الإخبارية الأمريكية الشهيرة، قال فيها إن «ولي العهد، الأمير محمد بن سلمان، أخبر محمد بن نايف بنيته اغتيال الملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز عبر استخدام خاتم مسموم». مؤكدا أن «حديث ابن سلمان مع الأمير محمد بن نايف في 2014م وموثق بالصوت والصورة».
تضمنت المقابلة اتهامات خطيرة تستند إلى أدلة محفوظة، تدين محمد بن سلمان بأنه «مختل عقليا، وخطر على شعبه والأمريكيين وسكان العالم بما لديه من موارد هائلة» حسب تعبير سعد الجبري، الذي حاول ابن سلمان اغتياله في كندا عبر «فريق النمور» من القتلة المأجورين مشابه لفريق اغتيال الصحفي جمال خاشقجي في قنصلية السعودية في إسطنبول.
وهكذا تغطي السعودية ودول تحالف حربها العدوانية على اليمن، جرائمها وأطماعها في اليمن، ومن ورائها الحلف الأنجلو-صهيوني (أمريكا وبريطانيا وإسرائيل)، عبر افتعال أزمات صاخبة، لا تخلو من هدف لأربابها في هذا البلد أو ذاك، كما الحاصل مع لبنان «حزب الله» أحد أضلاع محور المقاومة للهيمنة الأمريكية الغربية والكيان الإسرائيلي الغاصب.

أترك تعليقاً

التعليقات