أفيقـوا
 

ابراهيم الحكيم

إبراهيم الحكيم / #لا_ميديا -

ماذا تريد الولايات المتحدة الأمريكية من المنطقة؟ سؤال تطرحه التدخلات الأمريكية المتواصلة بخلاف الأعراف الدبلوماسية الناظمة لعلاقات الدول. سيجيب أحدهم أن «واشنطن لديها مصالح اقتصادية في المنطقة». وإذن فليكن لها ذلك وتحقق مصالحها بطرق مشروعة. لكن ما هو المبرر لتواجد قواعد عسكرية أمريكية في المنطقة؟
سيجيب أي من المنحازين والمؤيدين والمنظرين لما يسمى «محور الموالاة»، أن «القواعد العسكرية الأمريكية لحماية مصالح واشنطن الاقتصادية في المنطقة». والجواب سيكون إذا كانت هذه المصالح الاقتصادية الأمريكية في المنطقة مشروعة وفق القوانين الدولية، فلماذا قد تحتاج واشنطن قواعد عسكرية لحمايتها؟!
سيقول آخر من المبهورين بالصورة الدعائية المثالية للولايات المتحدة الأمريكية حدا يتجاوز الاستلاب إلى «التأمرك»، إن «القواعد العسكرية الأمريكية في المنطقة لحماية الأمن والسلام في المنطقة والعالم». لكن أين هو الأمن وأين هو السلام في المنطقة؟! ولماذا تتوسع دائرة اشتعال المنطقة بنيران الفتن والحروب، إذن؟!
لماذا تستعر جميع دول المنطقة عدا تلك الحاضنة لقواعد عسكرية أمريكية بنيران الأزمات والاضطرابات والفتن والحروب؟! ولماذا يكون التدخل الأمريكي السياسي والاقتصادي والإعلامي والعسكري تحت يافطة «إحلال السلام» في كل من هذه الدول، مسعرا لنيران الالتهاب كمن يصب الزيت على النار؟!
الواقع يؤكد أن تقمص الولايات المتحدة الأمريكية صورة «ذروة الحضارة الإنسانية وسنامها»، وشخصية ومهمة «داعم نشر الديمقراطية وحقوق الإنسان وحرية وإرادة الشعوب» و«شرطي العالم» و«راعي السلام»، وغيرها من الأقنعة باذخة الزينة قد سقطت، وباءت كل محاولات ترقيعها بالفشل الذريع، مع تناقض الأقوال وتضاد الأفعال والمواقف.
واضح إذن أن التدخل الأمريكي في المنطقة مشكلة في حد ذاته، وليس حلا كما لم يكن منذ البداية. فهو ينتج المشكلات في الدول التي لا تخضع كليا لواشنطن، ولا تحتضن قواعد عسكرية لها، ثم يتوغل التدخل الأمريكي بزعم «دعم الاستقرار» في هذه الدول، فيما واقعها يشهد هدم الاستقرار وصولا للانهيار ثم الانفجار لفتن وحروب تغذيها واشنطن علنيا!
لماذا لا ترفع الولايات المتحدة الأمريكية يدها غير النظيفة عن المنطقة، وتكف عن تدخلها غير النزيه ودورها المحاكي لدور «نافخ الكير»؟! ألا يبدو الأمر مفروضا قسراً على المنطقة وممولا بسخاء من خزائن دول «البترودولار»، ويصب في مآلات تفتيت دول المنطقة وتمزيق النسيج المجتمعي لكل منها وتجزيئها، وصولا لاحتلالها ونهب مقدراتها؟!
من المستفيد من هذا التزوير للواقع العربي والتحوير لحقائق التدخل الأمريكي المشعل للحرائق والمدمر لدول المنطقة؟! لا أحد مستفيد فعليا حتى شعوب تلك الدول الخاضعة للهيمنة الأمريكية وقواعدها العسكرية. فقط الولايات المتحدة والكيان الصهيوني يراكمان الأرباح والمكاسب على مختلف الصعد، من نتائج هذا التدخل والتوغل المدمرين!
وإذن، حتى متى يستمر رهن المنطقة لهذا العبث والشر الأمريكي المستطير بنيران التبديد لكل مقدراتها الجيوسياسية والبشرية والنفطية والغازية والمعدنية والزراعية والسمكية، وممكنات نهضتها العلمية والصناعية والتجارية والسياحية، وتبعا استعادة مكانتها الحضارية ودورها الريادي في تاريخ الانسانية؟!
كيف يمكن لكل سوي ذي عقل وبصر وبصيرة لا يحمل أية ضغينة أو حقد عنصري، أن يوافق على هذا، ويقبل باستمرار هذا الإيهان والهوان لشعوب المنطقة، جراء هذا التدمير والإخضاع المستبد والمهين لدولها؟! وبأي وجه حق أو منطق يستمر بعضنا في خدمة الأجندة الأمريكية استلابا وانقيادا، خنوعا وارتهانا، تسويغا وتبريرا، عمالة وخيانة؟!

أترك تعليقاً

التعليقات