لا ينفون!!
 

ابراهيم الحكيم

إبراهيم الحكيم / لا ميديا -

تقرأ كل يوم أخبارا يقف لها شعر الرأس، تجعل أي إنسان سوي يشتاط غضبا، وتظهر كل يوم صور ومقاطع فيديو تستفز من يشاهدها فتجعله يمتاز حنقا، وهكذا كل يوم تطالعنا الميديا بواقع امتهان الإنسان اليمني واستباحة كرامته وإرادته وانتهاك سيادة وطنه على نحو سافر في ما يسمى «المناطق المحررة». مع هذا، لا تجد نفيا لكل هذا أو تفنيدا له، ولو من باب المكابرة أو حتى الكذب؛ لماذا؟!
لا يحدث أن فكر «هادي» مجرد التفكير أو حكومته المقيمة معه في فنادق الرياض، بنفي أخبار أهوال من نوع «احتلال قوات التحالف لجزيرة سقطرى»، ولا أخبار «وصول قوات أمريكية وبريطانية إلى مطار الغيضة»، ولا أخبار «زيارة وفد عسكري إسرائيلي للمخا»، وغيرها الكثير من الأخبار التي تكون مصادرها في أحيان كثيرة وسائل إعلام غربية، وتتناقلها وصورا لها وسائل إعلام عربية ومحلية!
كذلك، الأطراف الأخرى في هذه الأحداث التي تتحدث عنها وسائل الإعلام، هي أيضاً لا تبالي بهذه الأخبار ولا تكترث لها لا تبدي أي اهتمام من أي قدر بالدفاع عن نفسها وصورتها أمام اليمنيين وأمام العالم، ولو حتى من باب «الدعاية المضادة»، بافتراض أن تلك الأخبار «دعاية مغرضة» أو «شائعات كيدية» لا أساس لها من الصحة، ليغدو صمتها تأكيدا لمضامينها وإقرارا بصحتها وزهوا بها!
لا أعني هنا بالنفي أو الرد أن يكون بالضرورة مباشرا، على كل خبر. هناك أكثر من طريقة لتصويب المعلومة وتبديد اللغط والالتباس وتفنيد المغالطة ودحض الأكاذيب ونسف الشائعات وكشف الافتراءات الكاذبة والتصدي للدعايات المضللة والادعاءات المغرضة، تتمحور جميعها في إظهار الحقيقة، بعرض واقع الحال، محل الادعاء أو الافتراء، كما هو، ليؤدي المهمة بكل كفاءة واقتدار.
من ذلك -مثلا لا حصرا- حين يُقال: «قوات التحالف تحتل جزيرة سقطرى»، يكفي للرد على هذا -إن كان كاذبا- بث صور لجزيرة سقطرى تظهر ألا قوات للتحالف فيها، أو صور لمحافظ يمثل «حكومة هادي» يمارس كامل سلطاته في الجزيرة، أو حتى بث لقاءات مع المواطنين تؤكد أنهم أحرار على أرضهم ويتمتعون بكامل حقوقهم دون انتقاص أو تعسف أو إذلال أو تسلط من أي قوة خارجية...
الحال نفسها مع الطرف الرئيس في مثل هذه الأخبار، لو كان ما تقوله كاذبا، فإنها تستدعي الضرورة -في الظروف الطبيعية وبافتراض أن ما تزعمه كذب- أن يخرج التحالف على اليمنيين بتصريحات يؤكد أو حتى يدعي ألا قوات له تحتل أي محافظة يمنية أو تمارس السلطة فيها، أو حتى يدعي ألا مصالح أو أطماع للتحالف في اليمن أو في هذه المحافظة أو تلك أو هذا الميناء أو ذاك.
لكن أياً من هذا لا يحدث منذ ست سنوات إلا ثلاثة أشهر، هي عمر التدخل العسكري الإقليمي والدولي في اليمن تحت مظلة ما يسمى «التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن». على العكس، لا تنفك تصريحات قيادة هذا التحالف وقادة دوله ولقاءاتهم بشأن اليمن، تجسد الغرور والتكبر، والغطرسة والتجبر، والمجاهرة بالاستهانة والاستباحة لليمن، بصفاقة سافرة وبجاحة فاجرة، حد الوقاحة والسفاهة!
سيقول بعض -وربما كل- من يوالون «هادي» و»حكومته» و»التحالف»، إن كل هذه الأخبار «مجرد أكاذيب». وقد تجد بينهم من يبرر الصمت حيالها بأن «لا طاقة للشرعية والتحالف على نفي كل أكذوبة»، وهنا نتساءل: إن لم يكن لديهم طاقة على ذلك، ففي ماذا يبذلون طاقتهم إذن؟! وأي جهد يبذلونه فعلا لأجل المواطن اليمني، إن كانوا يستكثرون عليه سلامة وعيه وبدنه وقلبه وكبده، من وقع «الأكاذيب؟!
هناك من سيكون رده أكثر عدامة، وقد يقول لك: «إنها أكاذيب لا تستحق مجرد الالتفات إليها فكيف بالرد عليها؟!». ومثل هذا، سيقابله السؤال: إن كانت سيادة اليمن لا تستحق الالتفات إليها، فماذا يبقى؟! ما الذي يستحق الالتفات إليه؟! وعلى ماذا تقاتلون إذن؟! على «شرعية» حكم فرد وحزب؟! وأي «شرعية» لحكم بلا سيادة وبلا استقلال قرار وإرادة حرة؟! وأي شرعية لحاكم بلا حكم وبلا سيادة شعب أو وطن؟!
الحاصل –إذن- أن «هادي» و»حكومته» مفرطون، يوافقون على كل ما يجري من انتهاك لسيادة اليمن واحتلال لأراضيه وسواحله، وتدمير لمقدراته وتنكيل بشعبه، وتمزيق لنسيجه ووحدته، وتبديد ونهب لثرواته، ومباركون له وفاعلون فيه، وهم بذلك شركاء فيه لا مجرد متسببين، خانوا الدولة اليمنية، نظاما جمهوريا ودستورا وقوانين وشعبا، وارتهنوا بملء إرادتهم لدول التحالف، وغدت علاقتهم بقادتها علاقة العبد مع السيد!

أترك تعليقاً

التعليقات