طُعم تحلية!
 

ابراهيم الحكيم

إبراهيم الحكيم / لا ميديا -
حال تحالف العدوان مثل من بلع هزيمة لكن بشرغة فجيعة أو صدمة. بلع تشوبه حرقة ومذاق قب، يبحث عمّا يحلي أو ينسي مرار الحنظل. لهذا يسعى تحالف العدوان إلى محاولة أخيرة تحفظ ماء الوجه وتحلي مذاق الهزيمة ما أمكنه ذلك عبر مناورة أخيرة، ناعمة وخادعة، تظهر الاستكانة وتبطن الانقضاضة.
إعلان تحالف العدوان عزل هادي ونائبه هو إعلان إسقاط ذريعة «الشرعية» وتبعا إعلان إنهاء تحالف «دعم الشرعية». بهذا المعنى تعلن السعودية والإمارات صراحة انسحابهما من واجهة الحرب وأنهما ما عادا طرفين مقاتلين رئيسن فيها بقدر ما صارا «حمامتي سلام»، مجرد وسيطين يزعمان دعم إنهاء الحرب وإحلال السلام.
هذا ما يسعى إليه تحالف العدوان جادا إنما ليس صادقا بعدما سددت عمليات «كسر الحصار» ضربات قوية وموجعة هزت كيانات دوله وفسخت سكرة غرور حكامها وعمه بغيهم واعتدادهم بالأموال وشرائها السلاح والذمم والمواقف والمرتزقة وشهود الزور. بات مصدر هذه الأموال لأول مرة مهددا بالنقص والعجز والزوال كليا. تهديد لم يكن في الحسبان يستدعي مراجعة سريعة للحسابات وتغيرا عاجلا.
جاء التغير في موقف تحالف العدوان عاجلا وجليا، في سعيه مكرها لا بطلا لإيقاف الهجمات على دوله، إلغاء مبرر استهداف منشآتها النفطية، منابع ثرواتها عمد التحالف لإعلان إيقاف عملياته العسكرية في اليمن والدفع بوساطات لإقرار هدنة شهرين قابلة للتجديد، تواري قبوله بمبادرة صنعاء للسلام، والتسليم بإعادة فتح مطار صنعاء وميناء الحديدة.
في المقابل، ظلت حرقة بلع الفشل ومرارة الهزيمة، دافعا للبحث عن تحلية. مخرج يحفظ ماء الوجه ويعزز تحقيق أهم أهداف العدوان ومنطلقه الأبرز إعادة اليمن لحظيرة التبعية والوصاية الخارجية. ضمان بقائه حديقة خلفية للسعودية، وولاية أمريكية غير معلنة، وبوابة محورية لتنصيب الكيان «الإسرائيلي» سيدا وحاكما متوجا للمنطقة.
برزت هذه «التحلية» لمرارة الهزيمة في حيلة ما سميت «المشاورات اليمنية» في الرياض. اشترت الأخيرة 1000 مشارك بلا صفة أو إرادة أو قرار. كانت الغاية غطاء لتمرير «التغير» الكبير في استراتيجية العدوان. إسقاط ذريعته «شرعية» هادي ونائبه، وإنهاء تحالف دعمها، وتوحيد إدارته لفصائل ومليشيات قواه المحلية في مسمى «مجلس قيادة رئاسي».
فعليا، يسعى تحالف العدوان بهذه الخطوة إلى تقديم طعم لجر سلطة اليمن الحر بقيادة أنصار الله إلى الحوار مع مجلس قوى أدواته وإبرام اتفاق سلام وتسوية سياسية لتقاسم الحكم تحت وصاية التحالف. في الوقت نفسه يسعى إلى إظهار رفض أنصار الله أمام المجتمعين الدولي والمحلي عائقا للسلام، وتسويغ خيار دعم قوى مجلس أدواته لخوض حرب أهلية واسعة.
أبرز إغراءات طُعم تحالف العدوان وما يعتبره تنازلات: إسقاطه ما تسمى «الشرعية» و»المرجعيات الثلاث» بإصدار «إعلان دستوري يلغي كل ما يتعارض معه في الدستور والقوانين النافذة». دون أي مسوغ دستوري أو شرعي. واعترافه بـ»أنصار الله (الحوثيين)» طرفا سياسيا وقوة فاعلة على الأرض، وليس «مليشيات» ولا «انقلابيين»، وأمره قواه على محاورتها.
وبالطبع إغراء، تخفيف تحالف العدوان حدة وسائل ضغطه وترويضه اليمنيين: حصاره الجوي والبحري والبري، وحربه الاقتصادية، وحرب العملة وتدمير الريال اليمني، وقطع رواتب الموظفين، وأسعار السلع والوقود، وأزمات الكهرباء والمياه والنقل والصحة وإعدام المشتقات النفطية.. إلخ سياط تحالف العدوان وأدواته لكسر إرادة اليمنيين وتهيئتهم للاستسلام لدوله وصاية واحتلالا.
لكن تحالف العدوان بالتوازي يعمل على توحيد مليشيا قوى «مجلس قيادة» أدواته وإمدادها من تحت الطاولة بمختلف الأسلحة بما فيها الطائرات الحربية والصواريخ لخوض حرب أهلية طويلة المدى، في حال تعذر جر صنعاء للحوار واتفاق تسوية سياسية لتقاسم الحكم وفق رؤية تحالف العدوان وبما يحقق وصايته وأجندة أطماعه غير الخافية في اليمن.

أترك تعليقاً

التعليقات