شعيرية بالدم!
 

ابراهيم الحكيم

إبراهيم الحكيم / لا ميديا -

تشبه "شرعية" هادي وحكومته فعليا طبق شعيرية، في حلزونياتها وتقاطعاتها الظاهرة من دون التقائها، وفي لزوجتها وزحلقاتها، مع فارق أن "شعيرية هادي" وحكومته تطفو على مرق أحمر من دماء اليمنيين، وكما لو كانت في وظيفتها مجموعة من ديدان الاسكارس، المعوية!
ومن عجيب "شرعية" هادي وحكومته ليس تمسكها بصفة "شرعية" لا تجد لها أساسا دستوريا أو قانونيا أو شعبيا أو حتى وظيفيا تجاه شعب تزعم حكمه وأنها سلطة شرعية له، بل أيضا تشدقها بالدستور، رغم انتفاء أي صلة لها به وأحكامه، وإثخانه خرقاً وهزءاً!!
من ذلك، مثلاً لا حصراً، إعلان "شرعية" هادي وحكومته أن الانتخابات التكميلية لملء مقاعد مجلس النواب الشاغرة، التي تجرى اليوم في (34) دائرة انتخابية باتت بلا تمثيل، "انتخابات باطلة وغير شرعية"، باعتبارها "غير دستورية وتخالف نصوص وأحكام الدستور"!!
ومع أنها تُقر بنص الدستور على الانتخابات التكميلية إلا أنهم يقولون بأن "الدستور ينص على إجرائها خلال 60 يوما من شغور مقعد نائب في البرلمان"، وإعلان لجنة انتخابات هادي المهاجرة "بطلان شرعية لجنة الانتخابات الكائنة بمقرها الدستوري في العاصمة صنعاء"!!
يحدث هذا، في حين أن الدستور نفسه ينص على انعدام شرعية هادي وحكومته وتبعا لجنة انتخاباته وقراراته، كونها تخالف الدستور الذي يشترط في رئيس الجمهورية أن يكون منتخبا في انتخابات عامة مباشرة تنافسية، أي انتخاب الشعب رئيسا له من بين مرشحين متنافسين اثنين على الأقل.
والحاصل أن "هادي" لم ينتخبه الشعب من بين مرشحين متنافسين، بل جرى تنصيبه رئيسا باتفاق سياسي فرضه مرشحا وحيدا توافقيا، وصوتت له قواعد أحزاب هذا الاتفاق في استفتاء شكلي، أصر عليه المؤتمر الشعبي حفاظا على "الشكل الدستوري" وتوثيق "تسليمه السلطة سلميا".
كما أن هذا التنصيب السياسي والاستفتاء الحزبي الشكلي، قيد صفة هادي بـ"رئيس توافقي مؤقت"، وقيد شرعيته بشرط استمرار "التوافق السياسي"، وقيد مدة ولايته بعامين اثنين فقط. والتوافق لم يعد قائما، كما أن ولايته منتهية حتى بعد التمديد السياسي عاما ثالثا له (حتى فبراير 2015)، فضلا عن استقالته.
الحال نفسها مع "حكومة هادي".. يشترط الدستور اليمني وليس "التحالف" أن يشكلها الحزب أو الأحزاب الفائزة بأغلبية أصوات الناخبين في الانتخابات النيابية، وهذا لم يحدث قطعا مع حكومات باسندوة ثم بحاح وبالطبع حكومة بن دغر ومن بعده معين عبد الملك!!!
كما أن الدستور يشترط أن تحظى الحكومة وبرنامجها العام بثقة غالبية مجلس النواب، وإذا كان مجلس النواب قد تعامل مع حكومة الأحزاب "التوافقية" بوصفها ائتلافاً حاكماً، ومنح ثقته -تجاوزاً- لحكومة باسندوة ثم حكومة بحاح غير المنتخبتين، فمتى منحها لحكومتي بن دغر ومن بعده معين؟!! 
كان يمكن أن تثير الانتخابات التكميلية لمجلس النواب لغطا وجدلا واسعا لو أنها لانتخاب بدلاء عن النواب المهاجرين خارج اليمن، بموجب الدستور وقانون المجلس ولائحته، ليس بسبب "التفريط بالسيادة وسلامة الشعب"، بل الانقطاع عن جلسات المجلس وتجاوز أيام الغياب المسموح بها.
لكن هذه الانتخابات التكميلية تُجرى لملء المقاعد الشاغرة في مجلس النواب نتيجة وفاة أعضاء بالمجلس. وهذا إجراء دستوري تأخر كثيرا، وحري بمن يعترض ويطعن أن يفعل بالمثل ويُجري انتخابات تنافسية في الدوائر الشاغرة في نطاق سلطته، تجسيدا لإيمانه بالشعب والاحتكام لإرادته!.
لكن الأغرب أن الاعتراض والطعن يأتي ممن فرضوا تأجيل الانتخابات النيابية المقررة في 27 أبريل 2009 لعامين، ثم عطلوها في 27 أبريل 2011 قبل أن يلغوها كليا بعدما صعدوا إلى السلطة على دماء شباب الساحات، وفرضوا "حكم الانقلاب" وسلطة الاغتصاب و"شرعية الوصاية الدولية" بعيدا عن حق "الانتخاب" الذي واروه التراب، وعمموا في البلاد الالتهاب والخراب ومناحات الانتحاب!!

أترك تعليقاً

التعليقات