دولة سفري!
 

ابراهيم الحكيم

إبراهيم الحكيم / لا ميديا -
يواصل تجار الشنط، الحديث بكل شطط، ودون خجل أو وجل، عن «مؤسسات الدولة» المفقودة أصلا في مناطق الاحتلال، والتظاهر بحرصهم على «سيادة الدولة» و«استعادة الجمهورية»، و«إنهاء الانقلاب»، وهم يشاركون في الانقلابات اليومية، من الفنادق مثلهم، كمن يطلب في أحد المطاعم وجبة سفري!
صارت «الدولة» مجرد لبانة يلوكونها، و«الجمهورية» مجرد حجر أرجيلة يحرقونه، و«الانقلاب» كأس كحول يحستونه. فالواقع أنهم أبعد ما يكونون عن «رجال دولة»، ولا صلة تربطهم فعليا بالجمهورية، لأنهم انقلابيون بامتياز، مارقون على كل ثابت، يدعون مواجهة انقلاب.
كل فصائل تحالف العدوان على اليمن، لا تملك شيئا فعليا، لا وجه حق ولا قراراً ولا حتى مقدرة على تمثيل الأدوار المنوطة بهم. فاشلون حتى في تقمص الشخصيات التي يسعون للظهور بها، فكل منهم يدعي «الوطنية» وهو يخون، ويتشدق بالجمهورية من أحضان الملكيات! إدارتهم للدمار والخراب، والتفكيك والسياب، نفسها التي مارسوها قبل اندلاع الحرب وبدء العدوان الغاشم، يمارسونها في المحافظات والمناطق الخاضعة لقوات تحالف الغزو والاحتلال، ولا يخجلون رغم ذلك من حديثهم المكرور عن «الشرعية» وادعائهم الممجوج «استعادة الجمهورية والدولة».
يتجاهل هؤلاء أن الدولة، أي دولة، عمادها الشعب والأرض والنظام والدفاع. وأربعتها لا تتوافر لهم، فلا الشعب يقبل بهم بعد كل ما كان منهم، ولا الأرض تحت أيديهم فعليا، ولا هم التزموا النظام ودستوره وقوانينه، ولا هم استطاعوا الدفاع عمّا يزعمون حقا فيه، لأنهم على باطل.
الأوضاع في المحافظات والمناطق الخاضعة لتحالف العدوان والغزو والاحتلال؛ تبعث على الأسى والحسرة لما تشهده من أهوال وما يواجهه المواطنون الأبرياء من معاناة، جراء تسيد «شريعة الغاب» وصراع كل ذي مخلب وناب، من فصائل الأذناب لتحالف الغزو والاحتلال، ودوراته الدامية.
على العكس تماما، تأتي الأوضاع في محافظات ومناطق جغرافيا السيادة الوطنية، التي يسمونها «مناطق الانقلاب»؛ تتجلى فيها مظاهر الدولة، في حضور مؤسساتها ووظائفها، رغم ما تواجهه من حصار جائر، يحرمها إيرادات النفط والغاز وأسباب ومقومات العيش، وفي مقدمها المشتقات النفطية. لكنها تملك قرارها.
يبقى الثابت أن الأوطان لا تبنى والدول لا تقوم دون امتلاك الاستقلال التام بالقرار، والسيادة الوطنية الكاملة على أراضيها، وامتلاك الإرادة الحرة، وتبعا الإدارة الوطنية باتجاه تحقيق الكفاية والاعتماد على الذات، وتحقيق النهضة والرفاه المنشودة للشعب. عدا ذلك هراء وارتهان وهوان.

أترك تعليقاً

التعليقات