عن الفوضى العالمية القادمة
 

هيثم خزعل

هيثم خزعل / لا ميديا -
كلما ضعف النظام العالمي وبات قريباً من التفكك، سيعود تدفق التاريخ في الجغرافيا، هذا التدفق الذي قطعته الهيمنة الغربية عن العالم لمدة قرن كامل، لاسيما بعد الحرب العالمية الأولى التي فككت الإمبراطوريات بشكل رسمي، والحرب العالمية الثانية التي كرست هذا التفكك.
في منطقتنا، بدأت تتشكل ملامح الصراعات بين تركيا من جهة والتحالف الناشئ بين اليونان وقبرص و»إسرائيل» ومعهم من معهم من دول الخليج من جهة أخرى. كما أن إيران باقية كلاعب إقليمي ذي وزن، رغم الضرر الكبير الذي لحق بها.
وفيما يتشظى «الناتو»، الذي كان يجمع تركيا واليونان وقبرص تحت مظلة الأمن الأمريكي، ستكون هاتان الدولتان تحت مظلة الأمن الأوروبي، الذي ينحاز لهما تاريخياً في الصراع مع تركيا إلى جانب انحيازه الأعمى لـ»إسرائيل».
لقد استلزم سابقاً لتفكيك الإمبراطورية العثمانية شراكة (روسية - غربية) مفقودة اليوم، بسبب الصراع الوجودي بين الطرفين، والحرب الأخيرة بين تركيا العثمانية ومصر محمد علي، التي انتهت بهزيمة كل من تركيا ومصر، بعد تدخل القوى الغربية إلى جانب اليونان. ثمة صورة تاريخية تجمع السفيرين الروسي والبريطاني في طهران غداة محاولة اقتسام إيران بين القوتين.
إن سقوط النظام العالمي، الذي يتعمق مع انكفاء الولايات المتحدة الأمريكية وغرقها في أزمات حادة، سوف يطيح بالاستقرار الذي عرفته البشرية حوالى قرن، والذي كان يضبط الصراعات والحروب ويمنع انفلاشها. وبمجرد سقوط الولايات المتحدة سيدخل العالم مرحلة من الفوضى والحروب التي تعيد تعريف الأطراف التي ستبقى وترسم حدود النفوذ بينها.
العرب -للأسف- هم مادة للصراع اليوم بين القوى الإقليمية والدولية، وهم كتلة سكانية بلا دولة ولا مشروع سياسي، لاسيما بعد تدمير كل دولهم القومية واستتباع مصر وتحييدها.

أترك تعليقاً

التعليقات