قواعد العالم الجديد
 

هيثم خزعل

هيثم خزعل / لا ميديا -
تبرز في هذه الفترة الزمنية من عمر العالم المشكلة التي تحدث عنها علي القادري، وهي أنه بسقوط «الأيديولوجية الاشتراكية»، لم يعد هناك سند أيديولوجي للكتلة العمالية العالمية أو حتى لأي شعب في دولة يطمح لقلب أوضاعه. السيطرة المطلقة للأيديولوجية الليبرالية لثلاثة عقود خدرت أجيالاً بكاملها.
في بلد مفلس مثل سريلانكا جُلّ ما استطاع أن يفعله «الثوار» هو اقتحام القصر الرئاسي والسباحة في حوض خاص بالرئيس، وبعدها؟ يا دار ما دخلك شر!! وفي بلدان كثيرة أخرى يطاح بنظام الحكم ويسأل الناس أو القادة عن بدائلهم أو مطالبهم فلا تبرز سوى تعابير من الأجندة الليبرالية «الديمقراطية»، «التعددية»، «الحقوق»، «الحرية»... وهي كلها مصطلحات لا تمس منظومة الاقتصاد السياسي التي تشكل تفاصيل الواقع المعاش للناس.
منذ عقود ثلاثة، ومع سقوط المعسكر الاشتراكي، أضحى العالم سياسياً يشبه «السيرك الكبير»، حيث تلعب الأيديولوجية الليبرالية دور المدرب أو المروض الذي يحمل الكرباج، فيما بقية العالم يظهر على شكل حيوانات مروضة ومخصية من نزعتها الافتراسية.
حتى النماذج المضادة للهيمنة الغربية تم محاصرتها وتهشيم صورتها. الآن، وفيما تبرز على الساحة الدولية أقطاب جديدة وازنة، كالصين وروسيا وإيران، وفي ظل استمرارية دول قدمت نموذجا مختلفا عن نموذج التبعية للغرب، مثل كوبا، تعجز هذه الدول حتى الآن، الصين تحديدا، عن تصدير أيديولوجية بديلة ملهمة مضادة للأيديولوجية الغربية؛ رغم أن النموذج الصيني مختلف عن النموذج الغربي في العلاقة بين رأس المال والمجتمع تحديدا.
يمكن القول بأن الصين ببساطة لا تريد ذلك، وأن الأقطاب الصاعدة هي برغماتية وليس في أجندتها حملان أيديولوجية خلاصية كتلك التي حملها الاتحاد السوفييتي.
هذا ليس مبعث يأس بقدر ما هو دافع للتخلص من آثار النوستالجيا السياسية. في العالم الذي يتشكل، إما أن تكون قطباً أو جزءا من تكتل أو اتحاد قوى إقليمية وازنة، وإما أن تبقى على الهامش مثقلاً بأزماتك ومنتظراً ما ترميه لك ضواري الأمم من فتات موائدها.

كاتب لبناني

أترك تعليقاً

التعليقات