أنت المتخلف!
 

عمر القاضي

عمر القاضي / لا ميديا -

استوقفت سائق موتور (دراجة نارية) وأخذته مشوار، تحدثنا كثيرا أثناء قيادته الموتور. وفي أحد الشوارع صادفنا رجلاً مسناً كان يريد أن يقطع الشارع، لكن صاحب الموتور لم يترك له فرصة ليقطع الشارع، ومر من جواره مسرعاً. وسلم الله ولم يقع حادث كان سيحل علينا نحن والمسن سواء. قلت لسائق الموتور: على أيش عجل، بتسمح له يقطع الشارع ما بيقع شيء.
رد علي وقال: وهو يشاهدنا أمشي ليش يقطع. وأكمل هدرته بالقول: أمانة شعب متخلف..
يا إما يسرع ويقشط الرجل المسن أو يرد عليك هكذا «شعب متخلف». لعنتي عليك أنت وهذه الجملة المستفزة.
أنا مستغرب من البعض كلما يواجهون مشكلة ما في الواقع يرددون «شعب متخلف.. شعب مش عارف أيش...الخ»، والله ما متخلف إلا أنت وحدك. عيب تعمم وتشتم هذا الشعب، فبشتيمتك هذه الموجهة للشعب أجمع، أنت تشتم إخوانك وجيرانك وأهلك وأصدقاءك والجميع. شفتم إلى أين وصل البعض؟
هؤلاء إما يحصل على ما يريد ويقضي مصلحته وإلا شتمنا جميعا، تكون مخزن وسمعت واحد يشتمك. أنت متخلف، وأنت كذا وكذا من الألفاظ المعيبة.. مله عيب.
هناك من كرس هذه الثقافة الدخيلة وهذه الجملة التي نسمعها بشكل يومي مع حدوث أي مشكلة تواجههم.
هذه الجملة جزء من ثقافة تم غرسها بتعمد لتصبح كقناعة داخل البعض، بحيث يبقون سجناء لهذه الجملة، لا يريد التعلم ولا التقدم ولا الرقي بالأخلاق والقيم والثقافة.
إن تحدثت معه عن شجاعة وفطنة وذكاء وقدرة اليمنيين، وأنهم قادرون على فعل المستحيل، يرد عليك بقناعة وتذمر ومسخرة هكذا: نحن.. نحن شعب متخلف وغبي وفوضوي، هكذا يقول وهو يضحك.
هكذا يرد البعض على أي هدرة فيها تفاؤل.. لأن الذي أنتج مثل هذه الجمل المتشائمة والقادحة والانحدار، هو نظام مستبد، بمساندة دول مجاورة تريد لليمن أن يبقى حديقة خلفية لها ولممارسة وتحقيق أهدافها القذرة، بحيث يبقى هذا الشعب معزولاً أسيراً وتابعاً لقرارتهم ودياثتهم. حاولوا غرس جمل وتعاليم وسلوكيات وثقافة بديلة لثقافة شعبنا العظيم.
ليس من الضروري أن أتناول وجبة العصيد بملعقة مثلك حتى تطلق علي إنسان كيوت وأنيق ومثقف. أنا أنيق ومكتمل من بيتنا من قبل أن تخلق. وليس من الضروري التخلي عن لغتي ولهجتي وأتعلم الإنجليزية حتى أساير إنتاجك ومنتجاتك وتقبلني كموظف معك بالدولار. أعجبك لغتي العربية ولهجتي التعزية والصنعانية وإلا طز فيك أنت ووظيفتك.
ليس من الضروري أن أرقص وأغني وأمشي وأنام كما تفعل أنت أيها الأمريكي، أنا أزومل وأغني وأرقص صعدي ولحجي وصنعاني وأنام مبكرا أو أسهر للفجر.. أنا حر.. فقط اتركوا لنا حالنا. أنا لست بحاجة لإطاراتك وقوالبك وتعليماتك السامجة. لنا ثقافتنا وتاريخنا وسلوكياتنا وكل شيء جميل، ولست بحاجة لك حتى تعلمني كيف أربي أطفالي؟ وماذا أقول؟ وكيف أتحدث؟
يريدون إلغاء كل خصوصياتنا وعاداتنا وإرثنا وثقافتنا ولهجاتنا ليدخلوا بدلا عنها ثقافتهم.
من الأخير هذا الشعب عظيم وكريم وغني وأصيل وشجاع، ولديه أجمل مما تقدمونه له. وهو أخبر، إن والله في شيء مناسب في ثقافتكم أخذها، ويترك ما هو غير مناسب، مش ضروري تعمموا ثقافتكم كلها علينا.
وللعلم فقد أخذنا منكم تعاليم وسلوكيات وثقافات مختلفة. وما لقينا بعدها إلا الدمار. اتركوا لنا حالنا. ما فيش داعي تستهدفوا تاريخنا وحضارتنا وأرضنا وشعبنا بكل هذا القبح.
ونصيحة للذين يرددون جملاً وشتائم وتذمراً كشعب متخلف وشعب… و... الخ. عيب بطلوا لغاجة، فمن يطلق هذه الشتائم إنما تنطبق عليه وحده، أما الشعب اليمني فهو أعظم وأذكى وأرقى شعب.

أترك تعليقاً

التعليقات