فنان يغني قضايا وشكاوى
 

عمر القاضي

عمر القاضي / لا ميديا -
استوقفت سائق دراجة نارية في شارع الستين. وكعادتي أقطع مع سائقي الدراجات وأحدد أجرة المشوار إلى المكان الذي سيقلني إليه. لا أحب المبايعة ولا أحب الاسترخاص والظلم لأي شخص كان بالذات هؤلاء الذين يستيقظون صباحا لطلبة الله بدراجاتهم ليصرفوا على أسرهم بعد أن انقطعت رواتب الكثير منهم من قبل تحالف العدوان.
وافق سائق الموتور على السعر وطلعت معه وتوكلنا، كان السائق فاتح أغنية لفنان يمني وخفض صوت المسجلة أثناء مشارطتي له وعندما انطلقنا استأنف رفع صوت الأغنية  والتي لم أفهم فيها كلمات الفنان. كنت أسمع دندنة وصوت عود وصوته الذي لا يفرق عن اللحن اليافعي. سألته عن اسم الفنان الذي يدندن. السائق رد مباشرة: الكوماني. قلت له: هو هذا الكوماني؟ بينما أنا لا أعرفه ولم أسمعه من قبل. أول مرة سمعت عن فنان اسمه الكوماني قبل يومين عندما التقيت بزميلي محمد المطري بالتحرير واصطحبني لأخزن عنده في كشكه في التحرير يهندس فيه هواتف ويشحن رصيد ويحمل أغاني وقرآن ومسلسلات للزبائن.
وقتها أقبل زبون، يبدو أن عنده حالة نفسية أو مريض، وهذا واضح من شكله، وقد طلب من زميلي محمد يعبي له أغاني الفنان أيوب وعدد من الفنانين ومنهم الكوماني. حينها شدني اسم الفنان الكوماني، وسألت محمد: ليش هل في فنان اسمه الكوماني؟ قال: أيوه ليش أول مرة تسمع عنه. رديت عليه: أول مرة وآخر مرة.
وأكدت له أنني أول مرة أسمع عنه أو غريبة أنني ما اعرفوش، لا تحسسنا أنه كان يغني هو والسمة وأيوب والآنسي وأبو بكر وفيصل علوي. أو على أساس الكوماني فاز بـ”عرب أيدول”، ولحن له بليغ حمدي. فنان صاعد وأول مرة أسمع باسمه. طلع لنا فنان من بيت الكوماني.
المهم سائق الموتور رد على سؤالي السابق قال: أيوه، وهو متحمس. وبدأ يحكي ويشيد بالفنان الكوماني أنه يغني بصدق وإخلاص. ضحكت وقلت له: كيف بصدق وإخلاص، على أساس الفنانين البقية يمثلون الأغاني ويمزحون أو كيف؟ حاول يوضح لي أكثر. برغم أنني فهمت مقصده وما يريد أن يقول، وحاولت أقاطعه، لكنه أصر أن يوضح لي، وتركت له المجال ليوضح معنى إخلاص وصدق الفنان الكوماني في الغناء، قال إنه يغني قضايا حقيقية، حاولت أصلحها له قلت له: فنه يحمل رسائل. وافقني وقال: أيوه. قلت له: طبيعي الفن ضروري يحمل رسائل عدة وهادفة. أسمع صاحبنا يقول: أيوه هو يغني قضايا. ابتسمت وقلت له ممازحا: يعني يغني قضايا أو هو بالمحكمة؟ قال: يغني عن المشاكل بينه وبين أقاربه وإخوته، ويقول ما في القلب. قلت له: سابر وحلو.
ذكرت الفنان صبري السقاف، أيام زمان عندما لحن قضية مدري شكوى، أتذكر بعضا من كلمات أغنيته التي تقول: “الله وراسي كسروه امشي ومكلف ضاربي
قد كسروا لي مكحفة.. بجاش أنا سالم عمر
ومسعدة افتحي الباب.. وادي الصميل الأعجب.. الله وراسي كسروه”.
يعني كلمات الأغنية شكوى وشريعة خرجها من محكمة.
وهكذا أصبح الفنان اليمني يغني حالته ومعاناته وقضاياه، وبنظري أرى ذلك الفن أهون من بعض الأغاني والكلمات الهابطة المستفزة التي يصدرها فنانون وفنانات كثر في الوقت الحالي.. وتحياتي وتقدير لكل فنان يمني يحمل رسالة هادفة في كلماته وأغانيه.

أترك تعليقاً

التعليقات