عن اجتماع بكين
 

هيثم خزعل

هيثم خزعل / لا ميديا -
بغض النظر عن نتائجه المباشرة، يعتبر لقاء الفصائل الفلسطينية في الصين هاماً لأسباب عدة:
 هي المرة الأولى التي تطرح فيها قوة دولية كبرى غير الولايات المتحدة تصورا لحل المسألة الفلسطينية. وضعت الولايات المتحدة منذ نهاية الحرب الباردة، أي منذ أكثر من ثلاثة عقود، مفاتيح الحل والربط في جيبها، بكل ما يتصل بالقضية الفلسطينية والصراع العربي - "الإسرائيلي" عموما.
 الرؤية "الإسرائيلية" الحالية قائمة على إلغاء فكرة الوجود السياسي الفلسطيني، وهذا المسعى لا يهدد التيارات الراديكالية (حماس والجهاد وبقية الفصائل) التي تخوض المواجهة اليوم، بل يهدد أيضا تيار أوسلو ممثلا بحركة فتح بشكل رئيسي، وفتح هي تعبير عن الكيانية الفلسطينية المستنسخة من الكيانية العربية عموما، لذلك فإن التهديد الوجودي لكلا التيارين ساهم برأينا في إنجاح اجتماع بكين، حيث تشكل الصين مظلة دولية بديلة عن الولايات المتحدة التي تحولت إلى طرف مباشر في الصراع منحاز بشكل كامل إلى "إسرائيل" ورؤيتها للحل.
 يتمسك الطرح الصيني بالهيكل الأمريكي القديم، حيث يطرح "حل الدولتين"، ويعتبر "منظمة التحرير" ممثلا وحيدا للشعب الفلسطيني. هذا الحل في هذه المرحلة هو عاكس لموازين القوى في العالم بشكل أساسي، وللرغبة الصينية في عدم خوض صراع صفري مع الغرب كما هو الحال في أوكرانيا، وكما كان نهج الصين التصالحي والاستيعابي للصراع الخليجي الإيراني في المنطقة.
 تبنّي الصين بثقلها لخارطة الطريق المطروحة لحل الصراع مرحليا سيمنع "إسرائيل" من مسعاها الهادف إلى تصفية القضية الفلسطينية كليا، وهو مسعى لن توقفه سوى حرب كبرى يبدو أن الأطراف الدولية كلها لا تريدها، كلّ لأسبابه. أمريكا لا تريد الغرق في المنطقة، والصين تريد الاستقرار في منطقة تمثل شريكا تجاريا أساسيا وأحد أهم مصادر الطاقة بالنسبة لها.

أترك تعليقاً

التعليقات